قصة مثل.. كُلُّ فَتَاةٍ بَأبيهَا مُعجَبَةٌ
الأمثال وسيلة للوصف والحكمة والتدليل على الرأي و وجهة النظر والفلسفة في الناس والعادات والتقاليد والقيم والسلوك والصفات والسمات للآخرين، فهي أبقى من الشعر وأرق من الخطابة ولم يسر شىء سيرها.
هناك مثل يقول "كُلُّ فَتَاةٍ بَأبيهَا مُعجَبَةٌ". و أصل المثل، خرجت العجفاء بنت علقمة السعدي ذات ليلة مع ثلاث نسوة من قومها إلى روضة من الرياض فوافين بها ليلا في قمر زاهر و روضة معشبة، فلما جلسن قلن: ما رأينا كالليلة ليلة، ولا مثل هذه الروضة روضة. ثم أفضن في الحديث فقلن: أي النساء أفضل؟
قالت إحداهن: الخرود الودود الولود.
و قالت الأخرى: خيرهن ذات الغناء وطيب الثناء وشدة الحياء.
و قالت الثالثة: خيرهن السموع الجموع النفوع.
و قالت الرابعة: خيرهن الجامعة لأهلها الوادعة الرافعة لا الواضعة.
ثم قلن: فأي الرجال أفضل ؟
قالت إحداهن: خيرهم الحظي الرضي غير الخطال ولا التنبال.
و قالت الثانية: خيرهم السيد الكريم ذو الحسب العميم والمجد القديم.
و قالت الثالثة: خيرهم السخي الوفي الرضي، الذي لا يغير الحرة ولا يتخذ الضرة.
فقالت الرابعة: و أبيكن إن في أبي كل ما قلتن: كرم الأخلاق و الصدق عند التلاق و الفلج عند السباق و يحمده الرفاق.
فقالت العجفاء عند ذلك: (كل فتاة بأبيها معجبة) أي أنها ترى فيه خيراً من غيره و إن لم يكن.
و هكذا يزهى المرء بعمله و يفضله على غيره و ان كان دونه، انتصارا له. و يفرح المرء بأبنائه و يرى فيهم أذكى البنين و انضر الناس و ان لم يكونوا. و يمدح عشيرته و يفخر بهم و يفضلهم على من سواهم من العشائر.
و لا يرضى إلا برأيه وينبذ رأي غيره و إن كان ذا قيمة، تعصبا لنفسه، و حينذاك يقال: (كل فتاة بأبيها معجبة). أي كل إمرىء يفضل ما عنده على ما عند الناس.
المصدر: كتاب وراء كل مثل قصة و حكاية لـ" وليد ناصيف".
/انتهى/