د. عتريسي: أمريكا تقوم بحرب متوحشة تريد أن تقتل الناس وان تمنعهم من الحصول على الدواء والغذاء

د. عتریسی: أمریکا تقوم بحرب متوحشة ترید أن تقتل الناس وان تمنعهم من الحصول على الدواء والغذاء

استراتيجية الخنق الاقتصادي التي تعتمدها الادارة الاميركية على لبنان وسوريا للانتقام من هزائمها العسكرية ولضرب محور المقاومة، تواجه الآن بتحالفات واستراتيجيات مختلفة عما كانت عليه في السابق.

فهل ستحقق انتصارًا جديدًا على الولايات المتحدة؟ وهل لبنان قادر بظل الفساد والفوضى التي يمر بها أن يواجه كل هذا بالمقاومة الزراعية والصناعية التي أطلقها سماحة السيد حسن نصر الله؟ هذه العناوين والاسئلة وغيرها محور حوارنا مع الأستاذ في العلوم الاجتماعية والباحث في الشؤون الاقليمية الدكتور طلال عتريسي:

*لبنان شرقًا أم غربًا :

توقف الكثير من اللبنانيين عند ما قالته السفيرة الاميركية دوروثي شيا "إن عقودا من الفساد وسوء الادارة في السلطة أوصلت لبنان الى أزمته الحادة" وكأن هناك تهرب للادارة الاميركية من تحمل مسؤولية ما حصل ويحصل في لبنان، حول هذه النقطة وعما اذا تحولت المواجهة مع الأصيل بعد العميل يقول الدكتور طلال عتريسي:"ما قالته السفيرة الاميركية عن عقود من الفساد أوصلت لبنان الى أزمته الحالية جزئيًا صحيح، يعني هذا جزء من المشكلة أو نصفها، لإن كل الناس في لبنان تعرف أن الفساد هو المسؤول عن هذه الأزمة، وما قالته السفيرة أتى بعدما فتح ملف الفساد في لبنان، لم يأت أي سفير سابق ويتحدث عنه، الكلام صحيح ولكنه طبعًا أتى متأخرًا، أتى بعدما فتحت القوى السياسية اللبنانية حزب الله تحديدًا ملف الفساد، النصف الثاني من هذا التوصيف يتعلق بالولايات المتحدة الاميركية وهذا ما تريد السفيرة الاميركية إخفائه أو تضليل الرأي العام، هي تريد ان تحمل اللبنانيين مسؤولية الصمت عن الفساد، لكن في الحقيقة النصف الآخر المؤذي أو المؤلم هو المتعلق بالعقوبات الاميركية الذي بدأ منذ فترة على المصارف، وعلى قضايا اخرى متعلقة بالتعاون مع ايران، على بناء محطة كهرباء، هذا كله كان ممنوعًا من جانب الولايات المتحدة، اذن سفيرة الولايات المتحدة تحاول أن تبرأ السياسة الاميركية، ومن جانب آخر هي تعمل على القاء التهمة على حزب الله، هي لا تكتفي بالكلام عن الفساد، لا تكتفي بأن تبعد الشبهات عن الدور الاميركي، بل هي تقول ان حزب الله هو المسؤول الى ما وصلت اليه البلاد، التصريح هو نوع من التضليل يتضمن جزءًا من الحقيقة، لكنه تصريح مضلل ومكشوف في الوقت نفسه".

بظل اشتداد الازمة الاقتصادية والخناق الذي تمارسه الادارة الاميركية على لبنان، والكلام عن الاتجاه شرقًا أم غربًا، تظهر الاشكالية الكبيرة لبنان الى أين؟ يرى الدكتور عتريسي:" مشكلة الخيار شرقًا أو غربًا في لبنان، مشكلة لن تحسم بسهولة، لإن هناك انقسامًا داخليًا حقيقيًا حول هذا الموضوع، الانقسام يتعلق بالخيارات الاميركية بالدرجة الاولى، هناك في لبنان من يعتبر نفسه بصف الولايات المتحدة ويرفض بالتالي التعاون مع الصين او مع ايران كدول شرقية، حتى لو كان الأمر على حساب اللبنانيين ومصالحهم في بناء محطة كهرباء، او سكك حديد او غير ذلك بشروط تناسب لبنان ولا يفرض عليه أي شيء من الجانب الصيني، على الرغم من ذلك هناك من يهاجم الصين يشيطنها، يتحدث مثل الولايات المتحدة... ترامب ومن حوله يذكرون أنهم في صراع مع الحزب الشيوعي الصيني ليخيفوا الناس من الشيوعية، البعض في لبنان يتحدث عن تغيير وجه لبنان ويقولون بأنهم يرفضون تغيير وجه لبنان.. وهذا بالطبع "نفاق" و"كذب" وليس له علاقة بالتعاون شرقًا مع الصين.

الصين هي من أكثر الدول التي تصدر البضائع الى الولايات المتحدة، والى الكثير من دول العالم، حتى دول الخليج التي البعض في لبنان لديه علاقات معها ويدافع عنها لديه علاقات مع الصين ويستورد منها.. اذن المشكلة هي الانقسام الداخلي فجزء من اللبنانيين دافعوا عن السفيرة الاميركية عندما تدخلت في الشؤون الداخلية اللبنانية...

النقطة الثانية ان الحكومة اللبنانية لا تملك القدرات الكافية أو الجرأة الكافية لتنتقل فعلًا للاتفاق مع الصين، على الرغم من أن رئيس الحكومة استقبل السفير الصيني، ولكن هذا يحتاج الى جرأة في الخيار واعلان اننا سنتوجه للاتفاق مع الصين كما فعل رئيس الحكومة العراقي عادل عبد المهدي "البنى التحتية مقابل النفط العراقي"... علمًا بأن السيد نصر الله أكد بكلمته الاخيرة ان الخيار الشرقي لا يعني الغاء الخيار الغربي، وذلك لطمأنة الفريق الآخر الفريق الغربي في لبنان، نحن على استعداد للتعاون مع اي جهة تستطيع ان تقدم للبنان ما يحتاجه سواء كانت غربية ام شرقية" ...

انطلاقًا من هذا الكلام نسأله على من راهن سماحة السيد نصر الله بأنه لن يدع الشعب يجوع وهو يعلم بأن هناك جهات رسمية ودولية سترفض المساعدات الايرانية والصينية، فيجيب الدكتور عتريسي:" عندما أعلن سماحة السيد ان الشعب لن يجوع ولن يدع الشعب يجوع، هذا يعني ان هناك خططًا وبرامج لمواجهة هذا التهديد وهذا التحدي، جزء من هذه البرامج او احد سيناريوهاتها هو التوجه شرقًا كما أشرنا سابقًا، وجزء من هذه البرامج هو التعاون الاقليمي وهذه مسألة بغاية الاهمية، وقد شاهدنا بداياتها خصوصًا مع العراق... التعاون الاقليمي اي التعاون مع ايران وسوريا والعراق، هذا ايضًا يسمح بإستيراد الكثير من المواد والنفط وتبادل السلع، وهذه الدول جاهزة للتبادل حتى بالعملة غير الاجنبية، المستوى الآخر المهم هو الاعتماد على الذات لمنع هذا التجويع، هذا يعني ان حزب الله سيقوم بنفسه بمتابعة هذا الموضوع او بعض الشركات المتعاونة معه الى الاستيراد والتصدير، والى جلب المواد الغذائية وبيعها في مراكز التسوق، او توزيع بعض المساعدات، وهذا الأمر ممكن ان يحصل بكل الطرق الممكنة والمتاحة.. طبعًا استراتيجية السيد جزء منها بعيد الأمد سيما بما أعلنه بخطابه الأخير من جهاد زراعي وصناعي، والمقاومة الزراعية والصناعية وهي مسألة مهمة لإستعادة السيادة الزراعية والصناعية، لكي لا نبقى بلبنان أسرى للاستيراد الذي يبلغ 90% من الحاجيات اللبنانية، على هذا المستوى الاستراتيجي يغير الكثير، يضرب التبعية وأسس الحصار الذي يمكن أن يتجدد بأي وقت، ولكن على المستوى الراهن يمكن الاعتماد على القدرات الذاتية وعلى المنظمات غير الحكومية، على الجمعيات، التجار، هذا الأمر يمكن ان يُحل مشكلة كبيرة من أزمة التجويع".

وحول كيفية الخروج من هذا النفق الاجتماعي الاقتصادي وهل لازاحة رياض سلامة او لانتخابات نيابية مبكرة او لتغيير في رئاسة الجمهورية والحكومة او لعودة الحريري باب للخروج من النفق يرى الدكتور طلال عتريسي: "الخروج من النفق الاقتصادي الاجتماعي يحتاج الى استراتيجية متنوعة ومتداخلة وصعبة بالوقت نفسه، لإن كل ما هو مطروح سواء إقالة حاكم مصرف لبنان او انتخابات نيابية مبكرة أو عودة الحريري لرئاسة الحكومة، كلها سيناريوهات لا تحقق الحل، الحل ليس بتجديد رئاسة الحكومة  (اي الحريري) لأنه أحد المساهمين الأساسين بهذه الأزمة بسبب سياساته التي تابعها وورثها عن والده الراحل في السياسة الريعية وتهميش الزراعة والانتاج المحلي، وهو شريك في المحاصصة وشريك في الفساد، لذلك عودة الحريري لا يمكن أن تكون مخرجًا للأزمة وخصوصًا أنه لم يطرح أي تصور جديد يمكن أن يعول عليه، أو يمكن أن يقدم نقدًا ذاتيًا للتجربة الماضية وهذا مفترض أن يحصل..

بالنسبة للانتخابات النيابية المبكرة هذا أمر تطرحه الدوائر الأميركية عبر من يدور بفلكها في لبنان، اعتقادًا منهم بأن هذه الانتخابات قد تغير في موازين القوى الحالية وبأن تجعل حزب الله هو الأضعف تمثيلًا وبالتالي تشكل حكومة لا يتشكل فيها حزب الله ولا يكون له تأثير في هذه الحكومة، إذن كل هذه السيناريوهات لا تخرجنا من هذا المأزق... ما يمكن أن يخرجنا هو ما تم الاشارة اليه من تغيير في الثوابت التي كانت معتمدة اقتصاديا واجتماعيا، يعني فتح الابواب أمام قوى جديدة يمكن التعامل معها مثال الصين او ايران، أو فتح التعاون الاقليمي والتأكيد على تبادل السلع دون الرضوخ للعملة الأجنبية ، هذا على المستوى النظري يمكن ان يخرجنا من الأزمة، لكن هذا يحتاج الى مبادرة من الحكومة، وأنا اعتقد أنه من الافضل للحكومة الحالية التي لا بديل عنها لغاية الآن، ان تتخذ خيارات استراتيجية وجريئة مثل فتح ابواب التعاون مع الصين وان تعرضت للانتقادات والاتهامات وحتى للاسقاط، بدل أن تسقط وهي لا تفعل شيئًا...

ما نحتاجه هو نقد المرحلة السابقة وإعادة التفكير بشكل جدي في دور المصارف بلبنان، بتأثيراتها على السياسة اللبنانية، حاكم مصرف لبنان هو رأس هذا الهرم الذي يعبر عن نفوذ هذه المصارف، من يحكم لبنان هي المصارف، وحاكم مصرف لبنان له دور أساسي في هذا المجال."

 *لبنان والتحالفات الاقليمية والدولية :
بعد محاولات عديدة وفاشلة من قبل الادارة الاميركية بتحجيم النفوذ الايراني والدعم الايراني لمحور المقاومة، انتقلت الآن للحرب الناعمة الاقتصادية عبر العقوبات، والسؤال الذي يطرح هل ستنجح الادارة الاميركية في لبنان فقط دون سوريا، أم ان هناك فارقًا بين البلدين من ناحية تأثير قانون قيصر، يؤكد د. عتريسي بأن: " قانون قيصر كما هو معلوم موجه بشكل مباشر الى سوريا ولبنان، بالتالي معني بهذا القانون من حيث آثاره السلبية، لإنه يمنع على اي جهة او طرف او مؤسسة التعامل مع سوريا في كافة المجالات تقريبًا، أي ان لبنان ممنوع ان يستورد من سوريا، ممنوع ان يشارك بإعادة الاعمار، وهذا واضح لأسباب سياسية من جهة ممارسة الضغوط على سوريا لتغيير سياساتها، ومزيد من الضغط على لبنان لكي تبرر الولايات المتحدة الحملة ضد حزب الله، ولكي تمنعه من التواصل مع سوريا، او الاستفادة من شراء السلع من سوريا..

لكن بالنسبة الى ايران العقوبات قد تكون مختلفة من حيث المدة الزمنية التي بدأت بها هذه العقوبات، أي منذ سنوات طويلة تنوعت وتنقلت وارتفعت من مستوى لآخر، والهدف هو ايضًا منع ايران من دعم محور المقاومة، منع ايران من معارضة السياسات الاميركية في المنطقة، منع ايران من تهديد الكيان الاسرائيلي، محاولة تأليب الشارع الايراني على النظام وعلى الحكومة... ترى الولايات المتحدة ان مثل هكذا ضغوطات قد يحقق النتائج المرجوة، لكن لغاية الآن هذا الأمر أدى الى صعوبات في الاقتصاد الايراني، الصعوبات في الحصول على العملة الصعبة.. لكن وضع ايران من حيث القدرات والانتاج والاكتفاء الذاتي والصناعات الداخلية يختلف هذا من جهة، وايضًا ايران لا تزال مستمرة بسياساتها الخارجية سواء في مواقفها من حركات التحرر أو الحركات الوطنية وحركات المقاومة في اليمن، سوريا، لبنان، فلسطين... وبالتالي ايران تدفع الثمن وتتحمل لكنها لم تغير سياساتها، وأعتقد هذا الأمر سينطبق على سوريا ايضًا، من حيث انها لن تغير سياساتها، وان هذا القانون هو محاولة للتعويض عن الخسائر العسكرية التي فشلت من خلالها الولايات المتحدة بتغير النظام في سوريا، أو بتغيير انتمائه، سياساته.. اذن هناك شيء مشترك بالنسبة لقانون قيصر والعقوبات المفروضة على ايران، الهدف هو الخنق الاقتصادي لتغيير السياسات، أو لتأليب الداخل السوري".

بالانتقال الى موضوع خطير ومؤثر بالاقتصاد اللبناني الا وهو وجود مليون نازح سوري بلبنان، عن سبب بقائهم وعدم مطالبة الحكومة السورية فيهم، يرى الدكتور طلال عتريسي: "قرار عودة النازحين السوريين في لبنان ليس بيد الحكومة السورية بحقيقة الامر، هذا القرار هو من جهة بيد الحكومة اللبنانية ومن جهة ثانية بيد الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والاتحاد الأوروبي، ونحن شاهدنا كيف صدرت وقرأنا القرارات والمواقف الدولية، خصوصًا الأمم المتحدة التي تتحدث عن عودة طوعية للنازحين السوريين، وكأن قرار العودة هو بيد النازح السوري وليس بيد الحكومتين، وهذه مسألة بغاية الخطورة، هم يستخدموا ورقة النازحين كورقة ضغط، وربما تطرح في المستقبل القريب ورقة توطين كما هي مطروحة ورقة توطين الفلسطينيين وارتباطها بصفقة القرن، لهذا السبب عودة النازحين لا تتعلق بقرار الحكومة السورية، التي أعلنت أكثر من مرة انها جاهزة لاستقبال مواطنيها الموجودين في لبنان، وعاد عشرات الآلاف اليها في الفترة الماضية..
إذن المشكلة هي عند بعض الأطراف اللبنانية التي لا تريد أن يعود النازحون لأنهم لا يريدون أن يسجلوا هذا في مصلحة النظام السوري، وهؤلاء ينسجمون مع مشاريع الأمم المتحدة ومع المشاريع الاميركية".

اذن المشاريع والمطامع الأميركية لا تنتهي في المنطقة وعملية ضرب محور المقاومة هي بأولويات الادارة الاميركية، وهنا نسأل د. طلال عتريسي عن مدى متانة التحالف الروسي الصيني الايراني بمواجهة السياسة الاستبدادية الاميركية بالمنطقة، فيقول: "التحالف الروسي الايراني الصيني هو ما نطلق عليه محور الممانعة، اي ممانعة الهيمنة الاميركية والاستبداد الاميركي والتوحش الاميركي في منطقة الشرق الاوسط وفي المناطق الاخرى بالعالم، نعم هذا المحور متضامن، متحالف، تختلف أساليبه في المواجهة مع الولايات المتحدة الاميركية، لكن مواجهة هذه الهيمنة واضعافها هي مسألة مشتركة، يعني ايران على سبيل المثال تواجه الولايات المتحدة من خلال التصدي المباشر، من خلال دعم حركات المقاومة، من خلال منع اي تهديد عسكري مباشر ضد ايران، والرد عليه بأساليب عسكرية وبأساليب أخرى، اذن كل دولة ترد على اميركا بأسلوبها الخاص، وبطريقة مختلفة، بمعنى تدعو الولايات المتحدة للتفاوض يعني لا ترفض ايجاد حلول سواء بالمنطقة او بقضايا اخرى تتعلق بالصواريخ وغير ذلك.. الصين تتجنب المواجهة وتعتمد على بناء الاقتصاد على المدى الطويل وعلى التطور التنموي وامتلاك القدرات التكنولوجية، الصين هي   عنصر فاعل وقوي في الولايات المتحدة من خلال الاف الشركات والاف السلع التي تصدرها الى الولايات المتحدة، الصين تعبر بشكل او بآخر عن سرورها من خلال التورط الاميركي بالمنطقة، لانها تعتبر أن مثل هكذا حروب تضعف اميركا، في حين ان ايران تواجه هذا التورط بشكل مباشر او من خلال دعم حركات المقاومة، اذن بدا محور الممانعة اوسع على صعيد المواجهة مع الولايات المتحدة، وايران تشترك مع حلقات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق ودول اخرى، لكن هذا التحالف نعتبره ثابت ومتواصل.. وفي مجلس الامن منذ ايام قليلة كان هناك فيتو مزدوج ضد المشروع الذي اراد ان يربط تقديم المساعدات الانسانية الى سوريا بعدم موافقة الحكومة السورية، كما حاولوا ان يفعلوا في فنزويلا، هذا يعني تدخل الجمعيات والهيئات غير المدنية والتطوعية وان تخترق سوريا، وهذا يعني ان لا دور للحكومة السورية، وان السيادة السورية تصبح في خبر كان، وهذا يعني ان الاختراق سيكون على اوسع نطاق، والفيتو المزدوج له دلالة كبيرة، اذن هذا التعاون هو تعاون ثابت واضح الاهداف يواجه الهيمنة الاميركية التي تضعف في اكثر من مكان"..

وضمن اطار مواجهة السياسة الاستبدادية والتخلص من التبعية الاقتصادية الاميركية نسأل عن" طريق الحرير"ولماذا لم يعتمد حتى الآن رغم أهميته الاقتصادية تاريخيًا؟ ، يجيب قائلًا: "طريق الحرير الصيني، واستعادة لطريق الحرير التاريخي الذي يصل الصين بالعالم كله من الشرق الاوسط الى افريقيا، مشروع خطير جدًا بالنسبة للدول الغربية وبالنسبة للولايات المتحدة الاميركية التي تعتبر أن هذا المشروع سوف يكرس النفوذ الصيني الذي سيتجاوز الصين وجوارها الى أغلب بلدان العالم، وستنضم إليه مئات الدول المعنية بهذا الطريق... لكن الصين لا تعمل وفق استراتيجية المجابهة والصدام، وهذا الأمر يحتاج لوقت طويل، والصين تعمل بشكل بطيء، وتناقش كل دولة على حدة التي ستكون جزء من طريق الحرير، وبالتالي هي بهذا الشكل تتقدم بخطى ثابتة وهادئة وراسخة، على أساس أن هذا الأمر سيغير في المستقبل على المستوى الاستراتيجي، وسيقوي النفوذ الصيني وسيضعف النفوذ الاميركي الذي تعبر عنه الولايات المتحدة بالخوف وبالقلق الشديد من هذا المستقبل الصيني.. هي تعتبر ان المستقبل القادم هو المستقبل الصيني ولهذا السبب ترامب يدعو من اليوم وفريق كبير من الادارة الاميركية الى اعتبار الصين هي التهديد الأبرز، وحتى أوباما كان يريد أن يترك الشرق الأوسط ليذهب الى آسيا وإلى محيط الصين والى حصارها خوفًا من هذا المستقبل الصيني، يعني هذا المشروع هو مشروع مستقبلي استراتيجي ليس بيدنا نحن في المنطقة، بل نحن كدول المنطقة على استعداد من هذا الطريق، لكن الأمر يحتاج إلى وقت، والقرار أساسًا بيد الصين وليس بيد أي احد آخر."

وحول المشهد السياسي في المنطقة ما قبل الانتخابات الاميركية وما بعدها يعتبر د. عتريسي: "المشهد الحالي قبل الانتخابات الاميركية مشهد مرتبك، متوتر، غير مستقر، لإن الرئيس الاميركي مرتبكًا ولا يوجد لديه خطط لحل الأزمات في الشرق الاوسط ولا حتى في باقي العالم... يريد الرئيس الاميركي أن يحقق انجازات قبل الوصول للانتخابات، كما نعلم أزمة كورونا أضعفت الرئيس الاميركي أضعفت شعبيته، لهذا السبب تراجع ترامب بعد مقتل جورج فلويد، الأمر الذي فاقم من شعبيته ومن توتره... لهذا السبب هو يعتبر أن زيادة العقوبات على ايران وعلى حزب الله، والموقف المبدئي بدعم "اسرائيل" لضم الاراضي الفلسطينية ،  بأنه بهذه الطريقة  يحقق الانجازات قبل الانتخابات، لكن في الوقت نفسه بسبب هذا القلق والتوتر تولد لديه خوف من ان ضم الاراضي الفلسطينية يولد انتفاضة جديدة يؤثر سلبًا على قراره وعلى سياساته... لذلك الوضع مرشح لاستمرار التوتر والضغوط، لإن ترامب يعتبر ان هذه ورقة ايجابية لمصلحته، وهذا يفسر ما نشهده اليوم من اعتداءات على ايران من ضغوط على لبنان، من عدم  استخدام الوسائل الديبلوماسية حتى، السفيرة الاميركية في لبنان تتعامل بشكل فج ووقح دون اي مراعاة للديبلوماسية، هذا لا يعني مظهر قوة بل يعني مظهر ارتباك، لإن التدخل الاميركي المباشر يعني أنه لا يثق بحلفائه كي يدافعوا هم عن السياسة الاميركية.. اذن هذا هو المشهد قبل الانتخابات..
بعد الانتخابات المشهد مرتبط بعودة ترامب أو بفشله، عودة ترامب قد تعني استمرار هذا الوضع، استمرار الضغوط والمواجهة، لكن طبعًا حتى الآن لا يوجد قرار حتى من ترامب بالحرب، ليس هناك من أجواء حرب على الرغم من كل ما يقال ومن التوتر ومن التصعيد، بعد الانتخابات اذا نجح بايدن قد تتغير الأوضاع، بايدن يعتبر أنه مؤيد للاتفاق النووي مع ايران، ربما تعود الولايات المتحدة للاتفاق وهذا يغير الكثير، وهذا يعني أنه قد ندخل بمرحلة جديدة يتم تجنب فيها الاشتباك، وتجنب التصعيد، ربما تراجع المواجهة الاقتصادية والعقوبات الشديدة، هذا يعني ان الاطراف الاخرى المعنية ستستمر بالتصدي لترامب، ستستمر بكسر ترامب، لإن اسقاطه في الانتخابات هي مسألة جيدة ومفيدة لمحور المقاومة وربما تكون مفيدة ايضًا للشعب الاميركي."

ويضيف: "الولايات المتحدة الاميركية تعتمد اليوم استراتيجية الخنق الاقتصادي، وهي تبدو انها تذهب بهذه الاستراتيجية الى اقصى الحدود من دون أي تردد اي تراجع، أي باب يمكن ان يفتح مستعدة أن تقفله في وجه لبنان في وجه ايران، سوريا، محور المقاومة، وقد مارست ذلك، وهي تفرض عقوبات على شخصيات على مؤسسات، تمنع استيراد النفط الى لبنان، تمنع بيع النفط من ايران الى دول اخرى، لكن هذا الامر يعني اولا ان استراتيجيتها السابقة في الحرب السابقة في التدخل العسكري المباشر، في الحرب مع ايران، لكسر المقاومة في لبنان حتى عبر "اسرائيل"، هذه الاستراتيجيات اوصلتها الى طريق مسدود، لهذا السبب تلجأ الى الحرب القاسية في الحقيقة، وهي ليست حرب ناعمة، حرب متوحشة تريد أن تقتل الناس وان تمنعهم من الحصول على الدواء والغذاء، لذلك الرد مفترض ان يكون من دول المحور وليس فقط من لبنان لوحده او من ايران لوحدها، علمًا بأن ايران تمتلك قدرات أكبر من لبنان، ولهذا السبب التعاون بين ايران ولبنان ان لم يتم بطريقة رسمية يجب أن  يتم بطرق اخرى، والولايات المتحدة يجب أن تفكر كثيرًا ويبدو بأنها بدأت تفكر بالمخاطر من أن يتجه لبنان شرقًا للتعاون مع الصين، وبدأت تقلق من ارسال ايران النفط الى لبنان ، وبالتالي لربما تبدأ بإعادة التفكير بهذه الوسائل، كما لاحظنا بأنها تقبل بإستيراد النفط من العراق بدلًا من ايران، بإعتبار ان العراق ليست حليفًا مباشرًا للمقاومة..

اذن الولايات المتحدة تعمل في هذا الاتجاه لكن امكانية فتح النوافذ والأبواب باتت موجودة ويمكن أن تحقق النتائج في المدى القريب عبر كسر جزئي لهذا الحصار، بحيث تفكر الولايات المتحدة بشكل جدي في عدم المضي حتى النهاية في هذا الحصار."

حاورته: نسرين نجم من منارة القلم المقاوم

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة