المفاوضات النووية المقبلة .. مشهدية وتحديات ونتائج


المفاوضات النوویة المقبلة .. مشهدیة وتحدیات ونتائج

في نهاية المطاف، أخبرت طهران مفوضية الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي عن جاهزيتها لاستئناف المفاوضات النووية مع المجموعة الغربية في 29 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري.

بقلم: محمد صالح صدقيان

جاء الاعلان الإيراني الذي رحبت به الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، إثر مشاورات اجرتها طهران مع اصدقائها وغداة الانتهاء من وضع تصور واضح لآلية المفاوضات في ظل الحكومة الجديدة التي يرأسها إبراهيم رئيسي علي خلفية ست جولات من مفاوضات فيينا مع المجموعة الغربية لم تضفِ الي اتفاق لإحياء "الاتفاق النووي" مع حكومة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني.

دعا الإيرانيون إلي مفاوضات جدية تؤدي الي إلغاء العقوبات الاقتصادية وإحياء الاتفاق النووي. هذه الدعوة قابلتها دعوة مماثلة من الجانب الامريكي؛ الأمر الذي يُؤشّر إلي استمرار حالة عدم الثقة الموجودة بين الجانبين مما يجعلنا "نتفاءل بحذر" لنتيجة المفاوضات التي تٌستأنف نهاية الشهر الجاري.

مرّد هذا "التفاؤل الحذر" يرجع الي تحديات حقيقية تواجه المفاوضات سواء كانت من الجانب الإيراني او من الجانب الامريكي.

أولاً؛ ان العقوبات التي يتم الحديث عنها مرتبطة بالبرنامج النووي الايراني وليس جميع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة علي إيران، مثل تلك المفروضة علي خلفية "حقوق الانسان" او "الارهاب" او "المنظومة الصاروخية"، وهذه بحد ذاتها تقف حائلاً دون التمكن من التعاطي تجارياً او اقتصادياً مع إيران بسبب هذه العقوبات حتي وإن تم رفع العقوبات المفروضة علي خلفية البرنامج النووي.

ثانياً؛ يوجد علي طاولة الحكومة الإيرانية قانون ملزم صادر من مجلس الشوري (البرلمان) في كانون الأول/ديسمبر من العام 2020 يشترط إزالة جميع العقوبات سواء كانت علي خلفية البرنامج النووي او غيره قبل الموافقة علي خفض التصعيد في البرنامج النووي الذي وصل الي تخصيب لليورانيوم بنسبة 60 بالمئة؛ في الوقت الذي لم تعطِ المفاوض الايراني صلاحية بحث اي من الملفات ما عدا الملف النووي.

ثالثاً؛ يُصّر الجانب الإيراني علي إلغاء كافة العقوبات التي فرضها الرئيس دونالد ترامب بعد انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018؛ في حين ان الحكومة الامريكية لا يمكنها "إزالة" هذه العقوبات؛ بل "تعليقها" لأن بعضها صادر عن الكونغرس؛ وبالتالي، صار رفع مثل هذه العقوبات أمراً متعلقاً بالكونغرس؛ خصوصاً في ظل قانون "كاتسا" الذي صوت عليه الكونغرس عام 2017 والذي يعارض رفع العقوبات علي إيران.  

رابعاً؛ مجموعة 4+1 وهي بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين اضافة الي المانيا تعتقد ان المفاوضات يجب ان تٌستأنف من حيث انتهت إليها الجولات الست السابقة؛ فيما حكومة إبراهيم رئيسي تعتقد انها غير ملزمة بما توصلت اليه المفاوضات السابقة.

خامساً؛ تُطالب إيران بضمانات الالتزام بتنفيذ اي اتفاق يمكن التوصل اليه مع المجموعة الغربية للحيلولة دون تكرار خطوة الانسحاب التي قام بها الرئيس الامريكي دونالد ترامب؛ وفي المقابل، لا تقول حكومة الرئيس جو بايدن إنه لا يمكن إلزام الإدارة الامريكية المقبلة سواء كانت جمهورية ام ديمقراطية بمثل هذه الضمانات؛ وحتي اذا اعطي بايدن مثل هذه الضمانة؛ من الذي يضمن عدم قيام الكونغرس بإعادة العقوبات التي يلغيها الرئيس الأمريكي سواء في عهده او في الحكومة المقبلة؟.

سادساً؛ إنتهى حظر التسليح علي إيران في تشرين الأول/اكتوبر 2020 استنادا إلي قرار مجلس الامن الدولي 2231؛ الا ان الرئيس ترامب لم يلتزم به؛ وليس من المعلوم رغبة الرئيس بايدن في ازالة قرارات اتخذتها الحكومات الامريكية السابقة.

سابعاً؛ ظهر من خلال الاعوام السابقة ان علاقات إيران الخارجية اثّرت بشكل مباشر او غير مباشر علي تنفيذ الاتفاق النووي؛ وان الثوابت التي تلتزم بها إيران لا زالت علي حالها وهي تنعكس علي علاقاتها الخارجية وبالتالي تُشكل تحدياً للمفاوضات ولأي اتفاق يمكن التوصل اليه.

ثامناً؛ في اطار ازالة العقوبات هناك ثلاثة سيناريوهات. السيناريو الاول؛ تلتزم به ايران وتقول يجب ازالة العقوبات أولاً ومن ثم التحقق من صدقية الخطوة قبل ان تقوم بخفض التصعيد في برنامجها النووي. السيناريو الثاني الذي تتبناه مجموعة 4+1 يدعو الي تنفيذ متزامن لإزالة العقوبات وخفض التصعيد النووي. السيناريو الثالث وهو الامريكي الذي يطالب إيران بخفض التصعيد أولاً قبل ازالة العقوبات.

مثل هذه الأجواء والسيناريوهات تجعل من الصعب التكهن بنتائج المفاوضات؛ بل تجعلنا أمام مشهد مختلف عما كانت عليه قبل حزيران/يونيو الماضي.

سوف أطرح في الأسبوع المقبل مقترحات للخروج من هذه الأجواء ربما تساعد في حلحلة العقد وتدوير الزوايا.
U2saleh@gmail.com

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي وكالة تسنيم الدولية للأنباء وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً.

/انتهى/

أهم الأخبار ايران
عناوين مختارة