وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، استقبل صباح اليوم الإثنين، في حسينية الإمام الخميني (رض)، الآلاف من أهالي محافظة أذربيجان الشرقية وذلك في ذكرى انتفاضة أهالي تبريز.
وخلال اللقاء أكد قائد الثورة الإسلامية أن التهديدات الناعمة التي تستهدف تغيير الرأي العام وإثارة الشكوك والانقسامات بين أبناء الشعب لم تنجح حتى الآن، مشيرا إلى أن محاولات العدو لإضعاف العزيمة الثورية لم تؤثر على إرادة الشعب الإيراني، وخاصة شبابه.
وأضاف: "المثال الواضح على ذلك هو المسيرة العظيمة في 10 فبراير. أي بلد آخر في العالم يشهد مثل هذا الحضور الشعبي الهائل بعد أكثر من أربعة عقود من انتصار ثورته؟ ليس المسؤولون أو القوات المسلحة، بل عامة الناس، الجماهير نفسها، هم من يحيون هذه المناسبة بكل قوة، رغم كل التحديات والصعوبات التي يواجهونها."
وأشار إلى أن الشعب لديه مشكلات وتطلعات مشروعة، لكنه رغم ذلك لم يتخلَّ عن مبادئه ولم يتراجع عن الدفاع عن ثورته. وقال: "هذا يعني أن التهديدات الناعمة للعدو لم تتمكن حتى اليوم من التأثير على هذا البلد وشعبه."
وأكد قائد الثورة الإسلامية: "اليوم، لا يوجد لدينا أي قلق أو مشكلة فيما يتعلق بالدفاع العسكري أو التهديدات العسكرية من العدو، وقوتنا في مواجهة التهديدات العسكرية في مستوى عالٍ جدًا. والشعب يشعر بالأمن في هذا الجانب."
وأضاف: "يجب على أصحاب الأجهزة الإعلامية، وأصحاب الكلمة، وأصحاب القلم، وكذلك الفنانين والعلماء والمسؤولين في الأجهزة الرسمية للإعلام والتعليم والفن، وأيضًا جميع الشباب الذين يتعاملون مع الفضاء الإلكتروني، أن يركزوا جهودهم لمواجهة التهديدات البرمجية الناعمة من العدو."
وتابع قائلاً: "لقد تمكنت الثورة الإسلامية من الحفاظ على نفسها كهوية مستقلة وكنقطة أمل عظيمة للأمم في المنطقة وحتى خارجها. سبب غضب القوى الاستكبارية والاستعمارية في العالم من الجمهورية الإسلامية هو صمود ومقاومة الشعب الإيراني في مواجهة هذه القوى."
تفاصيل كلمة قائد الثورة الإسلامية
ألقى قائد الثورة الإسلامية صباح اليوم الاثنين، في ذكرى انتفاضة الشعب في تبريز في 17 فبراير 1978 م، كلمة أمام الآلاف من أبناء تبريز وأذربيجان، حيث أشاد بخصالهم المتمثلة في الإيمان، الغيرة الدينية، الريادة، وصناعة القدوة.
وأكد سماحته أن رغم الصعوبات والتطلعات المشروعة التي يحملها الشعب، فقد أثبت في المسيرات الحاشدة ليوم 10 فبراير أن محاولات العدو في التلاعب بالأفكار العامة، وبث الفرقة والشكوك عبر الهجمات الناعمة لم تؤتِ ثمارها. ودعا جميع وسائل الإعلام، والمفكرين، والأدباء، والفنانين، والعلماء، والكوادر التعليمية، والشباب الناشطين في الفضاء الإلكتروني إلى تسخير جميع إمكانياتهم لضمان استمرار المواجهة الناجحة ضد المخططات المعقدة للعدو.
ووصف آية الله الخامنئي إيمان الشباب وروحهم النضالية اليوم بأنها امتداد لإرث صانعي انتفاضة 17 فبراير، مضيفًا: "الشباب اليوم يميزون بين الأصدقاء والأعداء، ولا يتراجعون أمام صيحات العدو هنا أو زئيره هناك. بل يشعرون بالقوة، ويبقون شامخين مثل الجبال أمام التحديات التي قد تهز حتى أكثر الساسة خبرةً."
وشدد سماحته على أهمية وعي الشباب الأذربيجاني بتاريخ هذه الانتفاضة العظيمة ورموزها، مؤكدًا أن هذا الوعي هو الضمانة لمنع العدو من فرض رواياته الزائفة على الأذهان.
كما وصف قائد الثورة أذربيجان وتبريز بأنهما الحصن المنيع لإيران في مواجهة اعتداءات الأعداء، مستشهدًا بعبارة للقائد الوطني ستارخان: "لن أقاتل تحت أي راية سوى راية أبي الفضل العباس." وأضاف: "لقد أثبت أهالي تبريز، في مواقف عديدة، أن صبرهم وثباتهم وإيمانهم كان كفيلاً بإجبار الأعداء على الفرار."
وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى محاولات بعض الأفراد المنحرفين، المدعومين من نظام الطاغوت، لطمس الهوية الإسلامية لأذربيجان واستبدالها بهوية غير دينية. وأوضح أن هؤلاء سعوا إلى استغلال القومية والترويج للنزعة اللادينية أو ما يُسمى بالعلمانية لتغيير الهوية الحقيقية لشعب أذربيجان، إلا أن هذه المؤامرات باءت بالفشل. وأكد سماحته أن تبريز، في ذات الفترة، رفعت مكانة إيران بتقديم شخصيات عظيمة مثل العلامة طباطبائي، والعلامة أميني، والأستاذ شهريار.
ووصف سماحته "الإيمان الإسلامي" و"الغيرة الدينية" بأنهما الركيزتان الأساسيتان لانتفاضة 17 فبراير، موضحًا أن عظمة تلك الانتفاضة لم تكمن فقط في إجبار النظام البهلوي على إنزال الدبابات إلى الشوارع، بل لأنها أصبحت نموذجًا لكل أبناء الشعب الإيراني وألهبت روح النضال في مدن أخرى.
كما أكد آية الله الخامنئي أن "الريادة" كانت دائمًا سمة بارزة لأهل تبريز، مشيرًا إلى أن الإرث العظيم للصمود، والشعور بالقوة، ورفض الانهزامية، الذي لا يزال متجذرًا في أذربيجان، يجب أن يُستثمر في دفع عجلة تقدم البلاد.
"صناعة القدوة" كانت سمة أخرى لشعب تبريز، حيث أشاد سماحته بشهداء عظام مثل ثقة الإسلام، الشيخ محمد خياباني، ستارخان، باقرخان، وشهداء أذربيجان الأبرار في الدفاع المقدس، لا سيما الشهيدين باكري.
وأشار إلى أن تبريز، بعد أصفهان، كانت في طليعة المدن التي قدمت عددًا كبيرًا من العلماء العظماء، معتبرًا أن هاتين المدينتين تمثلان نموذجًا فريدًا في تنشئة الفقهاء والعلماء البارزين.
كما شدد سماحته على أن إيران تمتلك اليوم مستوى دفاعيًا عاليًا في مواجهة التهديدات الصلبة، مضيفًا أن الأصدقاء والأعداء يدركون هذه الحقيقة جيدًا، مما يمنح الشعب إحساسًا قويًا بالأمان.
وأكد قائد الثورة أن "التهديد الحقيقي اليوم ليس تهديدًا عسكريًا، بل تهديدًا ناعمًا"، في إشارة إلى الحروب الفكرية والإعلامية التي تستهدف هوية وقيم المجتمع الإيراني.
وأوضح قائد الثورة الإسلامية أن مفهوم "التهديدات الناعمة" يتمثل في التلاعب بالرأي العام، وإثارة الخلافات، وزرع الشكوك حول ثوابت الثورة الإسلامية وضرورة الثبات في مواجهة العدو. وأكد سماحته أن الأعداء توصلوا إلى قناعة مفادها أن السبيل الوحيد للتغلب على الشعب الإيراني ودفع الجمهورية الإسلامية للتراجع عن مواقفها القوية هو استخدام الحروب الناعمة، إلا أنهم لم ينجحوا حتى الآن في زعزعة عزيمة الشعب الإيراني وشبابه من خلال وساوسهم ومخططاتهم.
وأشار سماحته إلى أن المسيرة الحاشدة في 10 فبراير دليل واضح على فشل التهديدات الناعمة، حيث بيّن أن مشاركة الجماهير الغفيرة، رغم مرور 46 عامًا على انتصار الثورة، ظاهرة لا مثيل لها في العالم، مؤكداً أن الشعب الإيراني، رغم المشكلات المشروعة والتطلعات التي يحملها، لم يسمح لها بأن تعيقه عن الدفاع عن مبادئ الثورة.
وشدد آية الله الخامنئي على ضرورة استمرار التصدي لمؤامرات الأعداء، داعيًا الجهات المسؤولة عن الإعلام والتعليم، والمفكرين، وأصحاب القلم، والعلماء، والفنانين، وجيل الشباب النشط في الفضاء الإلكتروني إلى التعرف على نقاط استهداف العدو للرأي العام، وإغلاق تلك الثغرات من خلال إنتاج المحتوى الفكري والثقافي الهادف.
وأكد سماحته أن الدفاع الفكري والناعم اليوم أكثر أهمية من الدفاع العسكري، موضحًا أن أي نقص في القدرات الدفاعية العسكرية يمكن تعويضه من خلال قوة المواجهة الفكرية، كما حدث مرات عديدة في الماضي، بينما لا يمكن معالجة التحديات الفكرية والثقافية بالوسائل العسكرية.
وحث قائد الثورة الإسلامية الشباب على تعزيز الدفاع الفكري والناعم من خلال الارتباط العميق بمفاهيم الثورة وخصائصها، والتأمل في كلمات الإمام الراحل. وأوضح سماحته أن الثورة الإسلامية تمثل صراعًا بين النور والظلام، والحق والباطل، وتهدف إلى رفع مكانة الشعب الإيراني وتعزيز مستقبله، وترسيخ هويته الوطنية.
وأشار إلى أنه رغم التقدم في تحقيق أهداف الثورة، لا تزال هناك تحديات في مجالات العدالة، وتقليص الفجوات الاجتماعية، وبعض القضايا الأخرى، داعيًا إلى تكثيف الجهود لتعويض أي تأخير. ومع ذلك، أكد أن الثورة الإسلامية استطاعت أن تحافظ على هويتها المستقلة كقاعدة أمل قوية لشعوب المنطقة، بل وحتى لما هو أبعد من ذلك، وهو ما يفسر غضب القوى الاستكبارية والاستعمارية، وعناصرها الإجرامية، من قدرة الجمهورية الإسلامية على الصمود والاستمرار في توجيه ضربات قوية لمخططاتهم.
ورفض سماحته الادعاءات التي تقول بأن إيران تتعمد خلق أعداء لها، مؤكدًا أن العداء الأمريكي لإيران ليس بسبب شعار "الموت لأمريكا"، بل بسبب نجاح الشعب الإيراني في التحرر من قيود الاستعمار، ورفضه الخضوع لإملاءات القوى المتغطرسة.
كما أشار إلى السلوك العدواني للولايات المتحدة، وسعيها لفرض الهيمنة على أجزاء من الدول الأخرى، باعتباره تجسيدًا لحقيقتها القبيحة، العنيفة، النهابة، والاستبدادية، المدعومة من الشبكة الصهيونية المعقدة. وأكد أن هذه القوى لا تستطيع تحمل رؤية إيران تقف على قدميها، وتعترض على ظلمهم واعتداءاتهم، بل وتؤسس نظامًا قويًا يزداد نفوذه وقوته يومًا بعد يوم بعد مرور 46 عامًا على انتصار الثورة.
وأكد قائد الثورة الإسلامية أن الشباب هم المخاطبون الرئيسيون في خطابه، مشددًا على أن مسؤوليتهم اليوم هي الحفاظ على الروح الثورية، وتعزيز مسيرة التقدم، والمضي قدمًا لتحقيق أهداف الثورة.
كما حيا سماحته ذكرى إمام جمعة تبريز، ومحافظ أذربيجان الشرقية، وجميع شهداء الحادث الأليم لسقوط مروحية الشهيد الرئيس ابراهيم رئيسي ومرافقيه. واعتبر حضور السيد مسعود بزشكيان في هذا اللقاء علامة على الطابع الشعبي لرئيس الجمهورية.
وفي بداية اللقاء، ألقى حجة الإسلام والمسلمين مطهري أصل، ممثل الولي الفقيه في أذربيجان الشرقية وإمام جمعة تبريز، كلمة أكد فيها على وحدة أراضي إيران وعلاقاتها مع جيرانها، واصفًا حدود أذربيجان الشرقية بأنها حدود للتآخي، والصداقة، والطمأنينة، والأمن المستدام.
كما قدم حجة الإسلام والمسلمين مطهري تقريرًا عن الأنشطة الثقافية، والعلمية، والسياسية، والاجتماعية لمؤسسة صلاة الجمعة في المحافظة.








/انتهى/