عراقجي: إيران لن تضع أمنها الوطني على طاولة المفاوضات


عراقجی: إیران لن تضع أمنها الوطنی على طاولة المفاوضات

أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في نص كلمته المعدة لمؤتمر كارنيغي حول السياسات النووية، أن موضوع المفاوضات يجب أن ينحصر في رفع العقوبات والملف النووي الإيراني، مشدداً على أن إيران لن تضع أمنها الوطني على طاولة المفاوضات.

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن ممثلية الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى الأمم المتحدة في نيويورك أعلنت أمس أن الكلمة التي كان من المقرر أن يُلقيها عباس عراقجي عبر الاتصال المرئي في مؤتمر كارنيغي الدولي، قد تم إلغاؤها. ومع ذلك، نشرت الممثلية نص الكلمة التي أعدّها الوزير.

فيما يلي مقتطفات من كلمة عراقجي:

وقال عراقجي إن إيران، كإحدى الدول الموقّعة على معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) منذ ستينيات القرن الماضي، التزمت منذ وقت طويل بمبدأ الوصول السلمي للطاقة النووية ورفض الأسلحة النووية. وأضاف: "نحن الدولة الوحيدة في العالم التي تعارض رسمياً حيازة الأسلحة النووية لأسباب أخلاقية ودينية، وهو ما جاء في فتوى صريحة لقائد الثورة تعتبر هذه الأسلحة محرّمة شرعاً".

كما أوضح أن إيران كانت دوماً مدافعاً صلباً عن إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية – ومؤخراً، من كافة أسلحة الدمار الشامل – في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن طهران طرحت هذه المبادرة لأول مرة بالتعاون مع مصر عام 1974، ولا تزال تعتبرها من ثوابت سياستها الخارجية، انطلاقاً من قناعة راسخة بأن "لا مكان للأسلحة النووية في منطقتنا ولا في العالم".

وانتقد عراقجي بشدة السياسات الغربية، قائلاً: "الغرب يمارس ازدواجية معايير من خلال غضّ الطرف عن الترسانة النووية للكيان الصهيوني، ورفضه الانضمام إلى معاهدة NPT أو السماح برقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وتابع: "نحن في عام 2025، وهذه الازدواجية يجب أن تنتهي".

وحول البرنامج النووي الإيراني، قال عراقجي إنه "تم تشويهه بسبب سوء الفهم وسرديات ذات دوافع سياسية"، لكنه أبدى تفاؤلاً حذراً بأن هذا المناخ السام قد يكون على وشك التغيّر. وصرّح: "يبدو أن ترامب – رغم كل شيء – قد أدرك فداحة أخطاء الإدارات السابقة، التي كلّفت دافعي الضرائب الأميركيين تريليونات الدولارات في منطقتنا دون أن تحقق أي مصلحة للولايات المتحدة".

وأضاف: "إيران أظهرت منذ وقت طويل استعدادها للتعامل مع أميركا على أساس الاحترام المتبادل والمساواة. وهذا يشمل الاعتراف بحقوقنا كطرف موقع على معاهدة NPT، بما في ذلك حقنا في إنتاج الوقود لمحطاتنا النووية". كما شدد على أن إيران لا تخفي شيئاً، ولهذا قبلت بأشد أنظمة التفتيش في العالم بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.

وحمّل عراقجي واشنطن مسؤولية تقويض الاتفاق النووي، قائلاً: "انسحاب أميركا من الاتفاق عام 2018 وإعادة فرض العقوبات دمّر ما تحقق من تقدم، ونسف الثقة المتبادلة. ومع ذلك، لا تزال إيران متمسكة بالحلول الدبلوماسية".

وأكد أن أي تفاوض مستقبلي يجب أن يقوم على أسس سليمة، مضيفاً: "التفاوض الجاد لا يقوم إلا على مبدأ التنازل المعقول والمنصف. إن سلوكنا هو أبلغ دليل على نوايانا؛ لقد التزمنا بعدم السعي لامتلاك السلاح النووي، وهذا ما أقرّ به مؤخراً مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية".

وأضاف: "رغم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي منذ سبع سنوات، بقيت إيران وفية لالتزاماتها. لذلك، يمكن الثقة بأن إيران تفي بما توقع عليه. أما من يدّعي عكس ذلك، فإما مضلَّل أو مضلِّل".

لا نريد تكرار تجربة الاتفاق النووي... والمفاوضات يجب أن تضمن مصالح إيران

وأكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن هناك "تصورين خاطئين" يجب تصحيحهما عند تناول العلاقات بين إيران وأمريكا والمفاوضات المحتملة.

وقال عراقجي: "هناك جماعات تحاول عمداً تشويه مسار الدبلوماسية الحالية بين إيران وأميركا، عبر الترويج لمزاعم كاذبة، أبرزها أن أي اتفاق محتمل سيكون نسخة مكررة من الاتفاق النووي. في حين أن الإنجاز الفعلي يكمن في التغيير".

وأضاف: "أود أن أؤكد بوضوح أن هناك فئة واسعة من الإيرانيين يرون أن الاتفاق النووي، بصيغته السابقة، لم يعد كافياً لنا. إنهم يطالبون باتفاق جديد يضمن مصالح إيران ويأخذ في الاعتبار أيضاً هواجس جميع الأطراف، وأنا شخصياً أميل إلى تبني هذا الموقف. لا أستطيع الحديث باسم ترامب، لكن بالنظر إلى سجل قراراته، يبدو أنه هو أيضاً لا يريد تكرار تجربة الاتفاق النووي".

وفي النقطة الثانية، شدد عراقجي على أن إيران لم تمانع يوماً في التعاون الاقتصادي والعلمي مع أمريكا، لكن العقبة كانت دائماً من الجانب الأميركي، وتحديداً الإدارات السابقة التي رضخت لضغوط جماعات مصالح معينة.

وتابع قائلاً: "كما أوضحت مؤخراً في مقال نُشر في صحيفة واشنطن بوست، فإن الاقتصاد الإيراني يقدم فرصاً تُقدّر بتريليونات الدولارات، وقد تكون متاحة أيضاً للشركات الأميركية، لا سيما تلك القادرة على مساعدتنا في إنتاج الطاقة النظيفة من مصادر غير هيدروكربونية".

وأشار عراقجي إلى أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يستند إلى ضمان مصالح إيران الاقتصادية، بالإضافة إلى وجود آلية مراقبة وتحقق قوية تضمن الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، معتبراً أن هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والثقة على المدى الطويل.

وحول إطار المفاوضات، قال: "يجب أن يكون واضحاً أن المفاوضات تقتصر فقط على مسألتي رفع العقوبات والملف النووي. في منطقة متوترة مثل منطقتنا، إيران لن تساوم على أمنها الوطني تحت أي ظرف".

كما شدد على أهمية احترام التاريخ الحضاري لإيران وهويتها الثقافية والسياسية، قائلاً: "الضغوط والتهديدات ضد الشعب الإيراني العريق كانت دائماً تأتي بنتائج عكسية، فهي لا تفتح أبواب التسوية، بل تغلقها".

واختتم عراقجي كلمته بالتأكيد على أن إيران يجب ألا تُعامل كاستثناء في النظام العالمي لعدم الانتشار النووي، موضحاً أن طهران، كدولة موقعة على معاهدة حظر الانتشار، لها حقوق مساوية لغيرها من الدول، كما أنها ملتزمة بالتزاماتها، والاحترام المتبادل لهذا التوازن ضروري للتوصل إلى حل عادل ومستدام.

وأضاف أن "بقاء النظام العالمي لمنع الانتشار النووي مرهونٌ بالتزام كل الأطراف، وخصوصاً الدول التي تمتلك أسلحة نووية، بتعهداتها".

وختم بالقول: "إيران مستعدة للعب دور بنّاء في بناء منطقة أكثر أماناً وخالية من تهديد الأسلحة النووية".

/انتهى/

 
الأكثر قراءة الأخبار ايران
أهم الأخبار ايران
عناوين مختارة