البدايات الخفية لتقنية النانو في إيران.. من تقرير علمي إلى استراتيجية وطنية

البدایات الخفیة لتقنیة النانو فی إیران.. من تقریر علمی إلى استراتیجیة وطنیة

في زمنٍ لم يكن اسم "النانو" معروفًا بعد في إيران، شكّلت خطوة جريئة لأستاذ إيراني عاد من الخارج الشرارة الأولى لدخول البلاد إلى عالم تكنولوجيا النانو. التقرير الذي قدّمه هذا الأستاذ إلى المسؤولين آنذاك، أصبح نقطة الانطلاق لمسارٍ جعل من إيران اليوم إحدى الدول الرائدة في هذا المجال.

وفي حديث خاص لوكالة تسنيم الدولية للأنباء أجاب عماد أحمدوند، أمين اللجنة الخاصة بتكنولوجيا النانو عن سؤال حول نشأة مجال النانو في إيران خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، وكيف تشكّلت النواة الأولى للجنة تكنولوجيا النانو، قائلًا: "شهدنا خلال العقدين الماضيين نموًا ملحوظًا في مجال النانو، وهذا التطوّر يستحق دراسة متعمقة، فالمنهج الذي تبنيناه يمكن أن يُدرس ويُستفاد منه في مجالات علمية أخرى أيضًا".

وأوضح: "عندما بدأ الحديث عن هذا الموضوع، لم تكن حتى كلمة ’نانو‘ مألوفة في الأوساط العلمية المتخصصة، إذ أن هذه التقنية التي تعمل على مقياس الذرات والجزيئات لم تكن مفهومة سوى لدى قلّة قليلة من الباحثين. في إيران، كان عدد المهتمين بهذا المجال لا يتجاوز 10 إلى 15 باحثًا، وكان انطلاق العمل في هذا المجال في عام (2001)".

وأشار أحمدوند إلى أن "الاستجابة من المجتمع الأكاديمي والعلمي أثارت تساؤلات عدة، من بينها: كيف يمكن إيصال هذه الردود والملاحظات إلى صُنّاع القرار وتحويلها إلى برامج تنفيذية؟ كانت بداية القصة أن أستاذًا جامعيًا إيرانيًا كان يُدرّس في الخارج قد نقل إلى مستشار رئيس الجمهورية آنذاك فكرة وجود مجال واعد يُعرف بـ‘تكنولوجيا النانو‘، وقدّم تقريرًا مفصلًا يشير إلى أن هذه التقنية الحديثة قيد البحث في عدد من الجامعات العالمية المرموقة، واقترح إجراء دراسات أولية في إيران لبحث إمكانية الدخول في هذا المجال".

ورداً على سؤال حول عدد الدول التي كانت آنذاك تعمل على تطوير تقنية النانو، أوضح أحمدوند: "في ذلك الوقت، أي قرابة عام 2000 ميلادي، كانت الولايات المتحدة قد أطلقت برنامجها الوطني في هذا المجال، وتبعتها دول أخرى بتصميم برامجها الوطنية الخاصة. في إيران، وكما ذكرت، كان هناك نحو 10 إلى 15 باحثًا جامعيًا، معظمهم ممن درسوا في الخارج وعادوا إلى البلاد، بدأوا بالعمل على هذا المجال".

وأضاف: "ردود الفعل هذه دفعتنا إلى إطلاق دراسات تمهيدية لفهم طبيعة هذه التقنية وإمكاناتها. لقد انضممت بنفسي إلى هذا الفريق البحثي منذ عام 2001. وخلال تلك المرحلة، قمنا بدراسة تجارب الدول الأخرى والجامعات الفاعلة، ومع تراكم المعطيات أدركنا أهمية الموضوع وضرورة وضع برنامج وطني منظم له، إذ إن الجهود الفردية والمتفرقة للباحثين لم تكن كافية لضمان موطئ قدم في المنافسة العالمية".

وتابع: "أفضت هذه الجهود في نهاية المطاف إلى تأسيس اللجنة الخاصة لتطوير تكنولوجيا النانو في عام (2003) تحت إشراف النائب الأول لرئيس الجمهورية. وفي عام (2005)، تم اعتماد البرنامج الوطني للنانو في مجلس الوزراء. وقد مررنا منذ ذلك الوقت بثلاث دورات من هذا البرنامج، حيث انتهت دورتان مدة كل منهما عشر سنوات، ونحن الآن في طور تنفيذ الدورة الثالثة التي تمت المصادقة عليها من قبل المجلس الأعلى للثورة الثقافية، وتمتد حتى عام (2033)".

ورداً على سؤال عما إذا كانت اللجنة قد تأسست قبل وجود منصب "نائب الرئيس للشؤون العلمية"، قال أحمدوند: "نعم، اللجنة تأسست عام 2003 في ظل النائب الأول لرئيس الجمهورية، ولم يكن هناك بعد ’نائب الرئيس للشؤون العلمية والتكنولوجية‘. ومع توسع موضوعات التنمية التكنولوجية في البلاد وإدراج أولويات جديدة، تأسس هذا المنصب في منتصف العقد الأول من القرن الجديد، وواصلت لجنة النانو عملها تحت مظلتها".

وختم بالقول: "هذه التجربة امتدت اليوم إلى مجالات أخرى أيضًا، وهناك برامج وطنية جيدة في عدد من التخصصات العلمية، كثير منها أُقرّ من قبل المجلس الأعلى للثورة الثقافية. ويعمل منصب نائب الرئيس للشؤون العلمية حاليًا على تعزيز القاعدة الاقتصادية المعتمدة على القدرات العلمية والتقنية، وتُعتبر تكنولوجيا النانو إحدى أبرز ثمار هذه التوجهات".

/انتهى/

 
الأكثر قراءة الأخبار الأقتصاد
أهم الأخبار الأقتصاد
عناوين مختارة