"ناريمان التميمي" تروي لـ تسنيم حكاية استشهاد أخيها؛ تركوه ينزف ومنعوني من إسعافه
في قرية النبي صالح شمال غرب رام الله، تستعيد المصوّرة الصحفية ناريمان التميمي مشاهد لم تغادر ذاكرتها، حين وثّقت بعدسة كاميرتها لحظة إصابة شقيقها رشدي برصاص قوات الاحتلال، واستشهاده بعد ساعات متأثرًا بجراحه.
كان الصوت كأنه اشتباك بين جيشين، تقول ناريمان وهي تتذكر ذلك اليوم الثقيل. "صرخوا أن رشدي مصاب، ركضت فورًا وأنا أصرخ: أنا صحفية، هذا أخي! لكنهم منعوني حتى من الوصول إليه أو إسعافه".
رشدي التميمي، أحد نشطاء المقاومة الشعبية، كان يؤمن بأن الانتفاضة ليست حكرًا على أحد، بل يشارك فيها الجميع: النساء، الأطفال، وكبار السن. تمامًا كما كانت الحال في الانتفاضة الأولى. وتضيف ناريمان: "فكرتنا بالمقاومة الشعبية كانت واضحة… كنا نؤمن أنها الطريق لنُسمع العالم صوتنا ونُظهر الحقيقة".
لكن الحقيقة في فلسطين تُكلف الدم. ففي ذلك اليوم، كان رشدي يحاول إنقاذ طفل مصاب خلال المواجهات، وعندما اقترب لسحبه من ساحة الاشتباك، استهدفته رصاصة قاتلة. تصفه ناريمان في تلك اللحظة بقولها: "سألته: إيش يا خوي؟ قال لي: مش قادر… كان ينزف، والجنود يحيطون به، يرفضون إسعافه".
لم تستسلم ناريمان. وثقت، صرخت، ناشدت الجيران والأقارب. "ناديت على الكل: ابن عمي، خالي، مرت خالي، صديقتي… حملناه وذهبنا به إلى المستشفى، لكن الإصابة كانت قاتلة، والنزيف لم يتوقف"، تقول بصوت يرتجف.
استشهد رشدي بعد يومين من إصابته، لكنه لم يترك الميدان. فكاميرا شقيقته بقيت هناك، تنقل المشهد، توثق الجريمة، وتحوّل الألم إلى شهادة دامغة على جرائم الاحتلال.
ناريمان، التي لم تنكسر، تواصل حتى اليوم حمل رسالة شقيقها. فهي ترى أن الأخت في فلسطين ليست ظلًا للرجل، بل جبهة كاملة. كامرتها هي سلاحها، والحق هو رصاصها في وجه الرواية الإسرائيلية.
في زمن تُغتال فيه الحقيقة، كانت ناريمان التميمي صورة لا تنكسر، وصوتًا لا يموت.
/انتهى/