تطوير التكنولوجيا النووية؛ أولوية تنموية في إيران
- الأخبار ایران
- 2025/05/21 - 18:23
وكالة تسنيم الدولية للأنباء - مؤخرا، قوبلت تصريحات مسؤولين أميركيين، من بينهم "ستيف ويتكوف"، ممثل الرئيس دونالد ترامب في المفاوضات غير المباشرة مع إيران، والتي طالبوا فيها بتفكيك منشآت التخصيب النووي الإيرانية في نطنز وفردو وأصفهان، بردود فعل حازمة من الجانب الإيراني. هذه الردود لم تقتصر على قائد الثورة فحسب، بل شملت أيضًا مسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة ووزارة الخارجية، وترافقت مع خطوات عملية لتعزيز التكنولوجيا النووية.
إن الحفاظ على برنامج التخصيب النووي وتطويره لا يُعد مجرد خيار سياسي، بل هو ضرورة استراتيجية لتأمين الطاقة والصحة واستقلال البلاد. هذه السياسة التي أكد عليها قائد الثورة مرارًا باعتبارها خطًا أحمر، وجدت صداها في تصريحات مسؤولي وزارة الخارجية وفي الخطوات العملية للحكومة، لا سيما في القرار الصادر في 4 مايو.
القرار المذكور، الذي يتمحور حول جذب الاستثمارات لتطوير محطات الطاقة النووية، يعكس التناغم الكامل بين القيادة، والحكومة، والجهاز الدبلوماسي في السعي لتحقيق هذا الهدف الوطني. وفي مواجهة الأطماع الخارجية، تستند إيران إلى قدراتها الداخلية وسياساتها الصلبة، مدافعةً لا عن حقها في التخصيب السلمي فحسب، بل متقدمة بخطوات عملية نحو تطوير هذه التقنية الاستراتيجية.
الخطوات العملية للحكومة في تطوير التكنولوجيا النووية
اتخذت حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تماشيًا مع شعار عام 1404 الذي يركز على تعزيز الاستثمار في الإنتاج، خطوات ملموسة لتوسيع التكنولوجيا النووية.
فقد أعلن محمد رضا عارف، النائب الأول لرئيس الجمهورية، عن قرار مجلس الوزراء الصادر في 4 مايو، والذي جاء بعنوان "برنامج إجراءات الحكومة لزيادة الاستثمار من أجل الإنتاج في عام 1404".
يتضمن هذا القرار، المكوّن من 25 مادة، سلسلة من الخطوات الهادفة إلى تعزيز الاستثمار في مجال الإنتاج، ومن بين أبرز بنوده: تطوير التكنولوجيا النووية.
وفي الفقرة الثانية من المادة 21، جاء ما نصه: «يُسمح لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية بتأسيس صندوق شركة خاص لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية لتطوير محطات الطاقة النووية في البلاد، مستخدمة الصلاحيات الممنوحة في المادة 15 من هذا القرار.»
هذا القرار يعكس إرادة الحكومة الجادة في تقوية البنية التحتية النووية للبلاد.
إن إنشاء صندوق خاص لجذب الاستثمارات يحمل رسالة واضحة للدول الغربية الساعية إلى حرمان إيران من الاستخدام السلمي للطاقة النووية من خلال الضغوط السياسية والاقتصادية.
كذلك، فإن تشكيل فريق عمل خاص تحت إشراف النائب الأول للرئيس فور إعلان قائد الثورة عن شعار العام، يدلّ على الانسجام الكامل بين السياسات الكبرى للنظام والخطط التنفيذية للحكومة. هذه الخطوة تعدّ ردًا عمليًا على المطالب المبالغ فيها من الخارج، ومؤشرًا على التزام الحكومة بالحفاظ على القدرات النووية الإيرانية وتطويرها.
مواقف حازمة من المسؤولين الحكوميين
إلى جانب الإجراءات الميدانية، شدّد المسؤولون في الحكومة مرارًا على أن حق إيران في التخصيب النووي غير قابل للتفاوض.
وفي هذا السياق، قال النائب الأول لرئيس الجمهورية محمد رضا عارف: «الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تتلقى الأوامر في مجال تطوير العلم والتكنولوجيا. تصنيع الأسلحة النووية لا مكان له في العقيدة الدفاعية لإيران، والتخصيب داخل الأراضي الإيرانية هو خط أحمر للنظام.»
بدوره، صرّح وزير الخارجية عباس عراقجي ردًا على التهديدات الأميركية والأوروبية، بأن التخصيب في إيران سيستمر، وأن مطالب مثل "تصفير التخصيب" غير واقعية ومآلها الفشل.
وأشار عراقجي إلى التناقضات داخل الفريق الأميركي، واصفًا تصريحات ستيف ويتكوف بأنها «منفصلة عن واقع المفاوضات»، محذرًا من أن هذه المقاربات من شأنها إفشال مسار التفاوض.
من جانبه، شدّد سعيد خطيب زاده، نائب وزير الخارجية، على أن لا دولة تستطيع حرمان إيران من حقها في التخصيب، واعتبر أن سياسة "التخصيب الصفري" محكوم عليها بالفشل منذ البداية.
أما مجيد تخت روانجي، معاون الشؤون السياسية في وزارة الخارجية، فرأى أن محاولات حرمان إيران من التكنولوجيا النووية هي سياسة خاسرة.
وفي السياق نفسه، وصف المتحدث باسم الخارجية، إسماعيل بقائي، الاتهامات المتعلقة بربط التخصيب بالأهداف العسكرية بأنها "مغالطة مكشوفة"، مضيفًا: «بهذا المنطق، يجب إغلاق منشآت التخصيب في كثير من دول العالم.»
هذه المواقف تعكس إجماعًا واسعًا بين مسؤولي الدولة على أن التخصيب النووي ليس مجرد حق قانوني، بل هو ضرورة استراتيجية لحفظ استقلال البلاد وتقدمها.
الضرورات الاستراتيجية للتخصيب النووي في إيران
تحوّل التخصيب النووي في إيران من خيار إلى ضرورة استراتيجية. ويمكن ملاحظة أبعاده في مجالات الطاقة، والطب، والدفاع.
تواجه إيران اختلالًا حادًا في ميزان الطاقة، خصوصًا في قطاع الكهرباء. فعلى سبيل المثال، تغطي محطة بوشهر النووية حاليًا نحو 2 إلى 3 بالمئة فقط من احتياجات البلاد من الكهرباء، في حين تحتاج إيران إلى تطوير هذه القدرة لتصل إلى 20 ألف ميغاواط لتجاوز النقص الحاد.
ويُعدّ التخصيب المحلي ضروريًا لتأمين وقود هذه المحطات، إذ أن الاعتماد على مصادر أجنبية، كما حدث مع تأخر الجانب الروسي في تشغيل مفاعل بوشهر، يحمل مخاطر كبيرة.
الطاقة النووية، كمصدر نظيف ومستدام، قادرة على تقليل التلوث الناتج عن الوقود الأحفوري. وفي حين أن مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والشمس لا يمكنها حاليًا تلبية احتياجات إيران بسبب التكاليف العالية والمعوقات التقنية، فإن الطاقة النووية تقدم خيارًا اقتصاديًا وفعّالًا.
كذلك، فإن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% ضروري لتشغيل مفاعل طهران الذي يُنتج سنويًا أدوية إشعاعية لأكثر من مليون مريض يعانون من أمراض مستعصية. والتوقف عن هذا التخصيب يهدد حياة هؤلاء المرضى، خاصة أن الدول الغربية ترفض تزويد إيران بالوقود أو النظائر الطبية اللازمة.
أثبتت التجربة التاريخية أن الاعتماد على الخارج في تأمين الوقود النووي يجعل إيران عرضة للضغوط، بينما يُعتبر التخصيب المحلي ضمانًا للاستقلال والاكتفاء الذاتي وتقليل الخطر في وجه التحديات.
/انتهى/