مسؤول أمني إسرائيلي سابق: إيران جعلتنا في حالة "كش ملك"

 وكالة تسنيم الدولية للانباء: لعقود من الزمن، كان الكيان الصهيوني يعيش في وهم التفوق العسكري المطلق في غرب آسيا. حيث اعتقد قادته أن جيشه وأنظمة دفاعه، بما في ذلك "القبة الحديدية"، كانت "غير قابلة للاختراق". أحد أسباب هذا الوهم كان الدعم غير المشروط من الحكومات الغربية.

لكن الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إيران وإسرائيل مزّقت كل هذه الأساطير. ووصل الأمر إلى حد اعتراف المحللين الصهاينة مرارًا وتكرارًا بالهزيمة الساحقة لإسرائيل.

ضربات موجعة وفشل ذريع لأنظمة الدفاع

تسببت الضربات الصاروخية الإيرانية في إحراج كبير لأنظمة مثل "تاد" و"القبة الحديدية". خلال الحرب، أصابت صواريخ إيران أهدافًا حيوية في إسرائيل بدقة غير مسبوقة. وعلى عكس الحروب السابقة، تمكنت "القبة الحديدية" من اعتراض نسبة ضئيلة فقط من الصواريخ.

اعترفت مصادر صهيونية بأن "إيران استخدمت صواريخ هايبيرسونيك وقابلة للمناورة، والتي لم تكن أنظمتنا الدفاعية قادرة على مواجهتها. كان عدد الصواريخ والطائرات المسيّرة كبيرًا لدرجة أن أنظمتنا الدفاعية أصبحت مشبعة. هذه العمليات الصاروخية أثبتت أن إيران تفوقت على إسرائيل ليس فقط في العدد، ولكن أيضًا في التكنولوجيا الصاروخية."

استراتيجية إيرانية الذكية تكبد إسرائيل خسائر فادحة

أقر المحللون الصهاينة بأن إيران استخدمت في هذه الحرب استراتيجية ذكية تعتمد على "طائرات مسيرة رخيصة لكنها فتاكة"، حيث كانت تكلفة اعتراض وتدمير كل واحدة منها بالنسبة لإسرائيل أعلى بعدة مرات من تكلفة تصنيعها في إيران.

بالتوازي مع الهجوم الصاروخي والمسيّر، شنت إيران هجومًا إلكترونيًا واسعًا على البنية التحتية الحيوية في إسرائيل، بما في ذلك أنظمة المياه والكهرباء.

انهيار أسطورة التفوق الاستخباراتي الإسرائيلي

بعدما تباهى الكيان الصهيوني دائمًا بتفوقه الاستخباراتي، فشل "الموساد" في توقع الهجمات الإيرانية، التي نفذت عملياتها بحماية استخباراتية استثنائية.

وصف مسؤول أمني إسرائيلي سابق الوضع لصحيفة "هآرتس" قائلاً: "إيران تحركت مثل لاعب شطرنج محترف وجعلتنا في حالة كش ملك."

إعلام صهيوني يعترف بالهزيمة

لأول مرة، بدأت وسائل الإعلام الرئيسية للكيان الصهيوني، بدلاً من التبشير بالنصر، الكتابة عن الهزيمة. وكتبت صحيفة "يديعوت أحرونوت": "نحن عرضة أمام إيران."

كما اعترف "يائير غولان"، القائد السابق للجيش ونائب وزير الدفاع السابق، في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية: "كنا نعتقد أن قدرات إيران محدودة وأن إمكانية اختراقها ضعيفة، لكن الهجمات الصاروخية والمسيّرة المشتركة استهدفت ليس فقط القبة الحديدية، ولكن أيضًا نظام القيادة لدينا وثقة الجمهور. لقد أصيب الهيكل التقليدي لجيشنا بالصدمة."

وأضاف هذا المسؤول الصهيوني السابق: "انتهت أسطورة الأمن الإسرائيلي الذي لا يمكن اختراقه مع هذه الحرب؛ الآن ينظر الشعب والجيش وحتى حلفاؤنا الأجانب إلى واقع هشاشتنا."

بنية تحتية منهارة وانهيار ثقة الجمهور

وأكد "عاموس يادلين"، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، في مقابلة مع راديو إسرائيل: "كشفت إيران عن ثغراتنا تمامًا من خلال تصميم هجمات مشتركة إلكترونية-صاروخية-مسيّرة. تعرضت البنية التحتية للطاقة والمياه والنقل لأضرار جسيمة. هذه هي المرة الأولى التي نشعر فيها بهذا الحجم من التهديد من داخل حدودنا."

وكتبت صحيفة "هآرتس": "انهار اعتمادنا على البنية التحتية الدفاعية غير النشطة وكذلك أنظمة الدفاع فائقة التطور. كان ثلث الهجمات على مرافق الطاقة ومحطات تحلية المياه ناجحًا تمامًا."

كما أشارت الصحيفة إلى أن "عدم رد الجيش الإسرائيلي بحزم على الهجمات الإلكترونية المتتالية أظهر أنه فقد تركيزه الاستراتيجي تمامًا في الحرب مع إيران."

موجة هجرة داخلية وفقدان الثقة بالحكومة

ذكرت تقارير إعلامية صهيونية أن الحرب تسببت في موجة هجرة داخلية، حيث فر السكان من المدن الحدودية ومن تل أبيب إلى مناطق أكثر أمانًا، بل وحتى عبر البحر. كما انتشر عدم الثقة على نطاق واسع في وعود الحكومة والجيش الأمنية.

وكتبت صحيفة "جيروزاليم بوست": "لأول مرة، واجه الإسرائيليون هجومًا عسكريًا واسع النطاق. لم يكن لدى السكان ثقة في رد فعل الجيش السريع أو في الدعم الطارئ من أمريكا."

تغيير في مفهوم الردع الإسرائيلي

أفادت القناة 13 الإسرائيلية بأن "الحرب الأخيرة غيّرت بشكل جذري مفهوم الردع الإسرائيلي بالنسبة للدول العربية والحلفاء الأوروبيين، حيث تمكنت طهران بتكلفة منخفضة جدًا من خلق كابوس استراتيجي لتل أبيب."

وأضافت القناة: "كان الدعم الأمريكي أقل من المتوقع، وأكد العديد من المحللين أن 'إسرائيل لا يمكنها الاعتماد دائمًا على المساعدة الخارجية'. ويعتقد بعض الخبراء أن هذا التطور سوف يبرد أيضًا نهج الدول العربية تجاه التقارب مع إسرائيل."

خلاصة: نهاية أسطورة "إسرائيل التي لا تقهر"

ختامًا، كتبت "جيروزاليم بوست": "للمرة الأولى، واجه الإسرائيليون حربًا تحدت قدرة الجبهة الداخلية على الصمود. تعرضت مراكز رئيسية مثل مطار بن غوريون الدولي والمنشآت العسكرية والأمنية ومصافي النفط للضرب أو التعطيل. لقد تم الطعن في الردع الأسطوري لإسرائيل، وتواجه الحكومة ضغوطًا غير مسبوقة."

 /انتهى/