.
في شوارع الضفة، تتردد اليوم رسائل من القلوب نحو غزة. رسائل تضامنٍ ومحبةٍ ووجعٍ لا يقلّ عمّا يعيشه أهل القطاع. يقول الشاب بلال عياد من مخيم قلنديا: المجاعة في غزة بقرار إسرائيلي واضح جدًا، وهذا مناقض لكل القوانين الدولية. العالم دان حصار برلين واعتبره جريمة دولية، أما في غزة فالصمت سيد الموقف… كأنّهم يريدون انقراض هذا الشعب.

مشاعر العجز والغضب تتقاطع في كلمات المتحدثين. فبين من يرى في المشهد "كارثةً إنسانية تتجاوز حدود الصبر"، ومن يعتبر أن "الصور تتكلم وحدها" — تبرز حالة إدراك جماعي بأن ما يجري في غزة ليس مجرد حرب، بل مأساة متواصلة تهدد الوجود الفلسطيني ذاته.

يقول عيسى مطير من مخيم قلنديا: حتى الطيور ماتت في غزة… الصورة وحدها تحكي. البيوت تُقصف على رؤوس ساكنيها، والحياة اختفت هناك".
ورغم القهر، يبقى صوت التضامن حاضراً بقوة. فالكثيرون عبّروا عن شعورهم بالعجز، لكنهم حملوا في كلماتهم وعدًا بألا ينقطع التواصل الروحي والوطني مع أهل القطاع. تقول الشابة سيما سليمان: إحنا عارفين وجعكم، بس ما في بإيدنا شي. الله يكون معكم، ويصبركم، ويعديكم هالمرحلة على خير".

أما الطالب أمجد رفيق، الذي يستعد لتقديم امتحانات الثانوية العامة، فيقول إن الفرح غائب حتى عن محطات حياته الشخصية: مش مبسوط وأنا بقدّم توجيهي، لأنه في غزة ما في أكل ولا مي ولا مدارس… يعني كيف نفرح وهم هيك؟".

في مدينة الخليل، يعبّر فواز رجوب عن إحساسٍ مماثل، مؤكداً أن "الظلم الواقع على غزة تجاوز حدود الحرب".

"ما ظلّ شي عندهم، لا تعليم ولا أكل ولا شرب… ومع هيك صامدين، وهاد الصبر بيعطينا إحنا كمان قوة".
الرسائل التي خرجت من الضفة نحو غزة لم تكن كلماتٍ عابرة، بل أقرب إلى اعترافٍ بالوحدة والمصير المشترك. تقول ثريا عيسى من رام الله:

"هم اللي بيعطونا دروس في الصبر. منشوف وجعهم وبنستمدّ منه أمل نكمل".
أمّا علي حسين فيختصر المشهد قائلاً: إحنا بنحس بالعجز، بس غزة صارت رمز لكل فلسطيني… رمز للحياة رغم الموت.
وبينما تتحدث هذه الأصوات عن الألم، فإنها تحمل أيضًا بعدًا سياسيًا واضحًا. فاتهامات "المجاعة المتعمدة" الموجهة إلى إسرائيل، وإشاراتهم إلى صمت العالم، تعكس شعورًا عامًا بأن العدالة الدولية تغيب عن الفلسطينيين كما غابت عن قضاياهم لعقود.

وبعد عامين على الحرب، لم تعد غزة مجرد عنوان للأخبار، بل باتت مرآة تعكس الوجع الفلسطيني كله. في ختام اللقاءات، ترددت عبارة تلخّص هذا المزاج الجماعي: "يا غزة، وجعنا واحد وأملنا ما بيموت".
تبقى هذه الرسائل، الخارجة من الأزقة والمخيمات في الضفة الغربية، شهادة على صمودٍ متبادل بين جناحي الوطن الممزق. فبرغم القهر والحصار والانقسام، لا يزال الفلسطينيون يصرّون على أن يبقى نبضهم واحدًا، وإيمانهم بوطنٍ واحد لا يموت.
/انتهى/