وكالة تسنيم الدولية للأنباء - في بلدة قُطنة شمال غرب القدس، لم تهدأ الدموع ولا الزغاريد في منزل عائلة شماسنة منذ الإعلان عن إدراج اسمَي الأسيرين محمد وعبد الجواد شماسنة ضمن قائمة الأسرى الذين سيُفرج عنهم في الصفقة المرتقبة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل. ثلاثة عقود كاملة من الانتظار، كانت كفيلة بأن تتحول لحظة الحرية إلى حدث يشبه الحلم لعائلةٍ لم تفقد الأمل يوماً رغم قسوة السنين.
.
تجلس الحاجة حليمة شماسنة (83 عاماً) قرب صورة ولديها، تلامسها بأناملها المرتجفة وتهمس: “من سنة 1993 وأنا بستناهم.. كنت دايماً أقول راح يرجعوا، واليوم ربنا حقق الدعوة.”
عمرٌ طويل قضته الأم بين زيارات السجون ورسائل نادرة، تحاول أن تحفظ فيها ملامح وجوههم التي غابت خلف القضبان منذ أن كانا في مقتبل العمر.
إلى جانبها يجلس الأب يوسف عبد الجواد شماسنة، وقد غزت التجاعيد وجهه، لكنه ما زال يحمل صورة أبنائه في جيبه كما لو كانت جزءاً من قلبه. يقول: “محمد وعبد الجواد دخلوا السجن شباب، واليوم رح يطلعوا رجال بعد 34 سنة.. المهم يرجعوا سالمين بينا.”
من المقرر، وفقاً لما أعلنته الجهات الإسرائيلية، الإفراج عن نحو 50 أسيراً فلسطينياً في الدفعة الأولى من الصفقة، بينهم أسرى قدامى ومحكومون بالمؤبدات، في إطار اتفاق يجري ترتيبه بوساطة إقليمية ودولية.
لكن فرحة العائلة ممزوجة بالقلق، إذ منع الاحتلال إقامة أي مظاهر احتفال بعودتهما، وفرض قيوداً مشددة في محيط البلدة.
يقول أمجد شماسنة، شقيق الأسيرين: “الاحتلال ما بدو يشوف فرحة الفلسطيني، بس إحنا رح نفرح بطريقتنا، بهدوء، بدموعنا، بصبر أمي.”
أما أجود عبد الجواد شماسنة، نجل الأسير عبد الجواد، فيصف اللحظة قائلاً: “ما بعرف جديّاً، كيف رح أتعرف على والدي اللي ما شفته بحياتي إلا بالصور. اليوم رح أقدر ألمسه وأسمع صوته بدون شبك حديد.”
تغلق الحاجة حليمة حديثها بدمعةٍ مبتسمة: “الحمد لله، العمر ما راح هدر.. اليوم رح أحضنهم قبل ما أموت.”
بهذه الكلمات تختصر أم الأسيرين رحلة صبرٍ فلسطينيةٍ امتدت على مدى ثلاثة عقود، تُوجت أخيراً بلحظةٍ طال انتظارها.
/انتهى/