وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن حميد رضا حاجي بابايي، نائب رئيس مجلس الشورى الإسلامي، ألقى كلمة في لجنة تعزيز القانون الإنساني الدولي خلال الاجتماع الـ151 للاتحاد البرلماني الدولي (IPU) في جنيف، قال فيها إنّ القانون الدولي الإنساني يُنتهك اليوم في غزة على نحو غير مسبوق، مضيفًا: "قصف المنازل والمدارس والمستشفيات، وقتل الأطفال والنساء الحوامل، وفرض الحصار الغذائي والدوائي، كلّها أمثلة واضحة على جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية".
وجاء نصّ كلمته كما يلي:
في عالمٍ لم يخمد فيه بعد صدى صرخات ضحايا الحروب والدمار، لم يعد الحديث عن الإنسانية والقانون الإنساني مجرّد نقاشٍ نظري، بل هو صرخةٌ ضدّ الصمت واللامبالاة والمعايير المزدوجة التي تتبنّاها "المجموعة الدولية".
اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية ليست مجرّد وثائق قانونية، بل تمثّل الضمير الجمعي للبشرية في الدفاع عن كرامة الإنسان. ومع ذلك، فإنّ الواقع المرّ لعصرنا هو أنّ بعض القوى التي تدّعي الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولا سيّما الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، قد قوّضت أسس العدالة الدولية بسياساتها الانتقائية ودعمها غير المشروط للاحتلال والإجرام.
تنصّ المادة الثالثة المشتركة من الاتفاقيات على وجوب معاملة الأشخاص غير المشاركين في النزاعات المسلحة معاملة إنسانية حتى في النزاعات غير الدولية، لكنّ الواقع يشهد بحرمان ملايين الأبرياء في غزة من أبسط حقوقهم الإنسانية، فيما تكتفي "المجموعة الدولية" بالمشاهدة بدل التحرّك.
إنّ نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يعتبر مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية والإبادة الجماعية مسؤولين عنها، لكن حين تصبح الجريمة عادةً، ويحلّ الصمت محلّ العدالة، يتحوّل القانون الدولي إلى ضحية للسياسة.
وقد أكّدَت محكمة العدل الدولية في آرائها الاستشارية الصادرة عامي 2004 و2024 بشأن فلسطين أنّه لا يوجد أي مبرّر للهجوم على المدنيين أو لاحتلال الأراضي. ومع ذلك، لا تزال هذه الانتهاكات مستمرة، بل اتّسع نطاقها وأصبحت أكثر صراحةً من ذي قبل.
اليوم، يُنتهك القانون الدولي الإنساني في غزة على نحو غير مسبوق: قصف المنازل والمدارس والمستشفيات، وقتل الأطفال والنساء الحوامل، والحصار الغذائي والدوائي، كلّها تمثّل جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية. وإضافةً إلى ذلك، فإنّ الهجمات الأخيرة التي شنّها الكيان الصهيوني ضدّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي استهدفت مناطق سكنية ومستشفيات وبنى تحتية حيوية، وأدّت إلى مقتل أطفال إيرانيين واغتيال علماء وأساتذة جامعات، تمثّل انتهاكًا صارخًا للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني والأخلاق الإنسانية.
إنّ استهداف العاملين في المجالين الطبي والإغاثي، وتدمير البنى التحتية الحيوية، واستخدام الأسلحة المحظورة، وتعمد تجويع الشعوب، ليست بأي حال "أعمالًا دفاعية"، بل هي جرائم منظّمة تهدف إلى كسر إرادة الشعوب. هذه الممارسات لا تستهدف فقط روح اتفاقيات جنيف، بل جوهر الإنسانية نفسها.
التقارير المتعددة الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية المستقلة تتّهم الكيان الصهيوني الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية متكرّرة ضدّ الشعب الفلسطيني، ويجب ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم ومحاكمتهم ومعاقبتهم بشدّة أمام المحاكم الدولية المختصّة وفقًا للقانون الدولي. طالما ظلّ منتهكو القانون الدولي الإنساني، ولا سيما قادة الكيان الصهيوني وقادته العسكريون، بمنأى عن المساءلة، فإنّ الإفلات من العقاب سيتحوّل إلى قاعدة خطيرة في النظام الدولي. لا يمكن للعالم أن يدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان بينما يصمت أمام هذه المآسي أو يقدّم دعمًا سياسيًا وعسكريًا لمرتكبيها.
لقد آن الأوان للبرلمانات والشعوب الحرّة في العالم لأن تتحرّك، لا بالشعارات، بل من خلال جميع الآليات القانونية والسياسية الدولية لإنهاء هذه الجرائم ووضع حدّ للإفلات من العقاب. فإذا لم تُطبّق العدالة ولم يُجَب دم الأبرياء، فلن تبقى لأيّ مؤسسة دولية أو معاهدةٍ شرعيةٌ أخلاقية أو قانونية.
إنّ احترام القانون الدولي الإنساني لا يتحقّق إلا عندما يُقدَّم منتهكوه إلى العدالة فورًا ومن دون تمييز. وهذا هو أقلّ ما ندين به لضحايا العالم الصامتين والمظلومين.
يُذكر أنّ الاجتماع الـ151 للاتحاد البرلماني الدولي (IPU) يُعقد في جنيف تحت شعار: «حماية القيم الإنسانية ودعم العمل الإنساني في أوقات الأزمات والديمقراطية الشاملة من أجل عالمٍ مستدام»، بمشاركة وفدٍ من مجلس الشورى الإسلامي الإيراني برئاسة حميد رضا حاجي بابايي نائب رئيس المجلس، وعضوية شمس الدين حسيني عضو هيئة رئاسة اللجنة الدائمة لشؤون الأمم المتحدة في الاتحاد البرلماني وعضو المجلس التنفيذي للاتحاد، وحجة الإسلام والمسلمين آقاتهراني نائب طهران، ورحيم زارع نائب آباده، ورحمت الله نوروزي نائب علي آباد كتول، والسيدة إلهام آزاد نائبة نائين وعضو المجلس التنفيذي للاتحاد البرلماني الدولي.
/انتهى/