صمد محمدي الباحث في الشؤون الدولية أشار إلى الموقع الجيوسياسي لإيران والعراق وضرورة الاستفادة منه لضمان المصالح الوطنية للطرفين في ظلّ التحولات الجديدة في العالم قائلاً: «إن ربط سكة الحديد البصرة-شلامجه ليس مجرد ارتباط ثنائي و بل يجب تقييمه في إطار التحولات الجيوسياسية والاتجاهات السياسية والاقتصادية الحديثة في العالم، وهي مسيرة تسعى القوى الاقتصادية الكبرى، ولا سيما في شرق آسيا، إلى تحقيقها من خلال إنشاء ممرات دولية جديدة. وبناءً عليه، وبسبب الترابط الجغرافي فإن أي ربط ترانزيت جغرافي بين إيران والعراق يعني تعزيز التعاون الاستراتيجي وليس التنافس بين البلدين في مسار الاستفادة من منافع الممرات الدولية».
محمدي أضاف: «إن الصين، بسبب التهديدات التي تواجه مسارها التجاري التقليدي، تبحث عن مسارات جديدة، ولا سيما عبر تطوير شبكاتها الحديدية مع الدول الأخرى في إطار الممر البري الشرق–الغرب. وفي هذا السياق، يعتبر المسار الذي يمر عبر إيران والعراق أفضل طريق لدخول البضائع الصينية إلى المنطقة ونقلها إلى أوروبا. هذا المسار، بالإضافة إلى مزاياه الاقتصادية، يعد أيضاً أكثر استقراراً سياسياً وأمنياً بالمقارنة مع المسارات البديلة الأخرى، وذلك بفضل العلاقات والتنسيق العالي المستوى بين البلدين في هذه المجالات. لذا فإن ربط إيران والعراق، ومن ثم انضمام العراق إلى الممر الشرقي–الغربي، سيؤدي إلى تحقيق منافع سياسية وأمنية إلى جانب المنافع الاقتصادية الكبيرة، وخاصة تعزيز الوزن والنفوذ السياسي للعراق في العلاقات الدولية. وفي الواقع، فإن الصين تسعى إلى إنشاء مسار بري خالص للتجارة مع أوروبا وإفريقيا. وفي هذا السياق، لا يملك العراق أي خيار للانضمام إلى هذا الممر الكبير والاستفادة من منافعه سوى المرور عبر إيران».
وتعليقاً على الادعاءات المطروحة حول تعارض إنشاء هذا الخط الحديدي مع تطوير ميناء الفاو العراقي وطريق التنمية قال: «تظهر الدراسات أن الممرات الشمالية–الجنوبية في إيران والعراق لها أهداف وأسواق مختلفة؛ وبالتالي فإن التنافس المباشر بين هذه المسارات من الناحية الاقتصادية لا معنى له لأن مستخدمي الممر الشمالي–الجنوبي المار عبر إيران والعراق مختلفون. فهدف الممر الشمالي–الجنوبي المار عبر إيران هو بالدرجة الأولى ربط روسيا، منطقة القوقاز وآسيا الوسطى والهند، في حين أن الممر الشمالي–الجنوبي المار عبر العراق صمم أكثر لتسهيل التجارة مع أوروبا والصين. وبما أن الدول الأوروبية، بسبب التعارضات الاستراتيجية السياسية والأمنية مع إيران، لا تميل إلى استخدام المسار المار عبر إيران، فإن أي قلق بشأن التنافس بين هذه المسارات في الأفق البعيد المدى يفتقر إلى الأساس. وعليه فإن ربط هذه الخطوط الحديدية عملياً لا يؤثر على ميناء الفاو وطريق التنمية في العراق. و في مسارات الشرق–الغرب، كما أُشير سابقاً، فإن البلدين يكمل أحدهما الآخر. ولذلك فإن التشغيل السريع لهذا الخط الحديدي هو أفضل رد على التصورات السلبية المحيطة بالمشروع».
كما أشار إلى أهمية تطوير ميناء الفاو بالنسبة لإيران و قال: «إن تطوير ميناء الفاو لا يلحق الضرر بمصالح إيران بل هو لصالحها فإيران في الواقع مهتمة بأن ينجز جزء من تجارتها الاستيرادية عبر ميناء الفاو للاستفادة من مزاياه السياسية والاقتصادية».
ويذكر أن ندوة التشاور بين مراكز الفكر الإيرانية والعراقية عقدت، التي استضافها مركز فكر «سحاب» من إيران ومركز فكر «الرواق» من العراق يوم الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 وذلك بمحورية دراسة وتعزيز البنى التحتية للنقل والاتصالات بين إيران والعراق بهدف تقديم حلول لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين من خلال تحسين البنى التحتية.
/انتهى/