.
حزب الله يمثل بيئة مقاومة مستدامة تتجاوز كونه مجرد تنظيم. فهل يمكن لأي قوة أو مؤامرة أن تمحو إرادة تشكلت من رحم المعاناة؟
يعود بنا التاريخ إلى عام 1982، عندما كان لبنان تحت الاحتلال الإسرائيلي، وكان الجنوب يعاني من عمليات القتل والمجازر التي ينفذها جيش لحد. في هذه الأجواء المأساوية، برز حزب الله استجابة لحاجة ملحة، متجذّراً في آلام الشعب ودماء شهدائه.
تطورت المسيرة لتصبح المقاومة حالة وجودية ارتبطت بالوعي الجمعي للشعب اللبناني، متجسدة في كل بيت وأسرة، من الأطفال إلى كبار السن الذين يحملون ذاكرة المعاناة.
شكل عام 2000 محطة فارغة بتحرير الجنوب من الاحتلال بعد 18 عاماً، في انتصار لم يكن عسكرياً فحسب، بل تجسيداً لإرادة شعب بأكمله.
وفي حرب تموز 2006، أثبت حزب الله قدرته على فرض معادلات جديدة رغم التفوق العسكري للعدو، مؤكداً أن القوة الحقيقية تكمن في الإيمان والعزيمة والوعي الشعبي.
وتواصلت المسيرة في حرب 2024 ليثبت الحزب أنه أصبح بيئة مقاومة شاملة، يتجلى في كل مواطن مؤمن بحق أرضه، وكل أسرة تحافظ على تراثها، وكل فرد يحمل قيم الصمود.
لم يعد الحزب مقتصراً على الجانب العسكري، بل تحول إلى حالة مجتمعية وثقافية متجذرة في نسيج لبنان، مما يجعله قوة لا تقهر لأنها تمثل إرادة الشعب وقيمه.
أصبح أي هجوم موجه ضد الحزب يصطدم بإرادة شعب يرفض الظلم، ومجتمع تربى على الصمود، وأرض ترفض الاحتلال.
وحتى لو حاول البعض العودة إلى ما قبل 1982، فلن ينجحوا في محو هذه الإرادة، لأن حزب الله أصبح جزءاً من هوية لبنان وذاكرته وكيانه.
فالحزب ليس كياناً عسكرياً فقط، بل يمثل مقاومة ثقافية واجتماعية وتعليمية وإعلامية، تتجلى في كل مدرسة تعلّم القيم، وكل أسرة تنقل التراث، وكل موقف يرفض الظلم.
وهذا ما يجعل الحديث عن نهايته ضرباً من الوهم، فهو تجسيد حي لإرادة الشعب وقيمه. من 1982 إلى 2024، أثبتت المسيرة أن المقاومة مستمرة ما دامت هناك إرادة.
فالحزب اليوم هو الشعب نفسه، وهو سر بقائه يتجلى في كل فرد يرفض الظلم، وكل أرض ترفض الاحتلال، وكل حق يقاوم الباطل.
فحزب الله لن ينتهي ما بقي شعب يعرف معنى الكرامة، وما دامت دماء الشهداء تسري في العروق، وما دامت الإرادة حية في النفوس.
/إنتهى/