العميد نائيني: حسابات العدو حول قوة إيران كانت خاطئة

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن المتحدث باسم حرس الثورة الإسلامية أشار في حدث «روّاد التحرير» إلى الحرب المفروضة التي استمرت 12 يومًا، وقال: هذا الصراع كان أعقد حرب على المستوى العالمي، والحسابات الخاطئة للعدو حول عناصر القوة الإيرانية واعتماده على الهياكل المادية كانت السبب الرئيسي في فشلهم.

قال العميد نائيني: كان العدو متأكدًا أن هذه الحرب ستنجح وفق التقديرات التي لديه. وكانت الاستراتيجية العملياتية للحرب تتمثل في توجيه ضربة قوية وسريعة إلى رأس القيادة الحربية في إيران لحرمانها من القدرة على القتال الفوري. وكان رأس القيادة الحربية يتكون من أربعة أشخاص رئيسيين: اللواء رشيد، واللواء باقري، واللواء سلامي، واللواء حاجي‌ زاده. وكان تقدير العدو أنه عند استهداف هؤلاء الأربعة، ستصاب البنية العسكرية للبلاد بشلل وانهيار دفاعي، وستنتقل الحرب إلى داخل إيران.

وأشار المتحدث باسم حرس الثورة الإسلامية إلى أن العدو توقع أنه عندما تنهار البنية الدفاعية، ستتلقى المجتمع رسالة تمرد، وستبدأ أعمال الشغب في الشوارع بعمليات إرهابية وتدفق معارضي النظام عبر الحدود. وأضاف أن هذه الحرب التي دامت 12 يومًا كانت أعقد حرب عالمية، فقد شاهدوا كل شيء وأجروا كل الحسابات.

تجاهل قوة الشعب: أهم خطأ في حسابات العدو

أوضح العميد نائيني أن العدو لم يتمكن من تقييم عناصر قوتنا. أهم خطأ في حساباتهم كان اعتقادهم أن النظام الجمهوري الإسلامي يستمد قوته فقط من الهياكل الأمنية والدفاعية. ونفس الحساب الخاطئ كان موجودًا لديهم أثناء الحرب الثمانية سنوات. لم يشمل جهاز حساباتهم القوة الحقيقية للنظام، التي يتمثل في الشعب، والتي تعتبر قوة ناعمة، لذلك لم يتمكنوا من تقديرها.

وأكد المتحدث باسم حرس الثورة الإسلامية أن خطأ العدو كان تحليلًا خاطئًا لطبيعة القوة في إيران. وهذا الحساب وسوء الفهم ينبع من الحسابات المادية للعدو، أي أنهم يجمعون القدرات المادية معًا، بينما إيران، في مواجهة قوتين نوويتين عالميتين وكل القدرات الأوروبية والإقليمية المتحدة، تعتمد فقط على قوتها الذاتية. وأصبح العدو في هذه الحرب ضحية حربه المعرفية؛ أي أنه صدّق نفسه «إيران الضعيفة» التي صنعها، وبناءً على ذلك نفذ العمليات.

الاعتراف العالمي بالقوة الصاروخية والردعية لإيران

قال العميد نائيني: على العكس، خلال الحرب التي دامت 12 يومًا، العالم صدّق أن «إيران قوية». وتبين أن قوتنا الصاروخية حقيقية ورادعة، وأدرك الأمريكيون أن مواجهة صواريخ إيران الباليستية ليست سهلة.

وأشار المتحدث باسم حرس الثورة الإسلامية إلى أن الحرب الأخيرة كانت «نقطة تحول استراتيجية»، موضحًا أن هذا الصراع كان المواجهة الوحيدة لإيران مع كامل الناتو والقيادة المركزية الأمريكية، وقد غيّر موازين القوة في غرب آسيا.

وأضاف العميد نائيني أن القوة العسكرية المحلية لإيران أوقفت مراكز الفكر القوية في الكيان الصهيوني. هذه الحرب لم تكن مجرد حرب عسكرية، بل كانت نقطة تحول استراتيجية شاملة غيّرت معادلات القوة في غرب آسيا. وكانت الحرب اختبارًا كاملًا لتقدير الردع الدفاعي، والقوة الهجومية لإيران، وصلابة الشعب الإيراني، وكذلك اختبارًا لتحديد نقاط القوة والضعف لدى العدو.

وأضاف المتحدث: الشهيد سليماني لديه عبارة مشهورة يقول فيها «الأزمات تخلق الفرص»، والحروب كذلك. في كل حرب نزيد قوتنا بمعدل 4 إلى 5 أضعاف، وتظهر نقاط ضعفنا، ونتجه نحو الإبداع والابتكار والتجديد. بعض المحللين العسكريين في العالم اعتبروا أن تاريخ الحروب الحديثة مقسّم إلى ما قبل الحرب التي دامت 12 يومًا وما بعدها، أي أن هذه الحرب لها أهمية كبرى واعتُبرت أهم وأعنف حدث في الحروب العالمية.

مواجهة إيران للناتو والقيادة المركزية في حرب 12 يومًا

أوضح العميد نائيني أن هذه الحرب كانت مواجهة إيران لكل الناتو والقيادة المركزية الأمريكية. إيران وقفت مستقلة ومعتمدة على نفسها ضد كل الناتو والقيادة المركزية. وكانت الحرب نقطة تحول في تحولات القرن الحادي والعشرين. الحرب التي دامت 12 يومًا كانت نموذجًا تعليميًا لمواجهة التهديدات الحديثة، والحروب الجديدة، والحروب المختلطة. وأظهرت أن خطوط ساحة المعركة الحديثة ليست فقط الأرض والجغرافيا، بل تشمل الفضاء السيبراني، والإعلام، وإدراك المجتمع، والتكنولوجيا.

وأضاف المتحدث: الأرض الرئيسية للحروب الجديدة هي عقول وإرادات الناس، وأدواتها الرئيسية هي التكنولوجيا، التي تختلف تمامًا عن الحروب السابقة. في هذه الحرب، لعب الجيل الشاب الجامعي الدور الأساسي والمحدد.

القوة الصاروخية: بطاقة تعريف الشباب الإيراني

أوضح العميد نائيني أن قائد الثورة قال إن القوة الصاروخية هي بطاقة تعريف الشباب الإيراني. قوة الحرس الصاروخي، التي وصفت كبطاقة تعريف للشباب الإيراني، تم تطويرها بواسطة هؤلاء الشباب الإيرانيين وباعتبارها أداة دفاعية فعالة، وتحررت من احتكار القوى الكبرى. وهذا الإنجاز تحقق بفضل التدابير الحكيمة لقائد الثورة. قبل 24-25 عامًا، عندما ذهب الشهيد تهراني مقدم إليه وقال إن الصينيين سيزودوننا بالصواريخ، قال القائد: «لا، عليكم أن تصلوا إلى مرحلة الإنتاج بأنفسكم». وقد قال القائد نفس الكلام في مجالات التكنولوجيا والصناعة الأخرى.

وأكد المتحدث أن متوسط أعمار العلماء الصاروخيين الإيرانيين، وقادة الصواريخ، وقادة الطائرات المسيّرة، وقادة الزوارق الهجومية، هو 30 عامًا. جميعهم من أبناء الجيل الثالث للثورة، وخريجو أفضل الجامعات بمعدلات عالية. ومع أن الشهيد حاجي‌ زاده معروف بالصواريخ، إلا أن أكبر إنجاز له كان تدريب الكوادر البشرية، أناس قادرون على أداء مهماتهم رغم علمهم أن احتمال استشهادهم يتراوح بين 50 و70%.

وأشار العميد نائيني إلى أن القوة الصاروخية الإيرانية اليوم بلا حدود جغرافية، وأن قدرة الحرس في هذه الحرب نتجت عن ابتكار وإبداع الشباب الإيراني.

الجاهزية الدائمة وزيادة جذب القوى بعد حرب 12 يومًا

قال: صواريخنا تُنتج على مدار الساعة، ونحن لا نتوقف ونفكر دائمًا في الجاهزية. لدينا اليوم شباب لديهم أطفال، وكانوا في حالة استعداد منذ قبل الحرب التي دامت 12 يومًا وما زالوا كذلك، ولا يفكرون إلا في الردع وزيادة القوة. ومن فوائد هذه الحرب زيادة جذب القوى للحرس، فقد تعوّضت أماكن الشهداء بسرعة، وزاد عدد المتطوعين للعمل في الفضاء الجوي والمجالات العملياتية والقتالية.

وأضاف: قدرة إيران الصاروخية اليوم لا تعرف عرضًا ولا طولًا جغرافيًا، وهي غير منتهية. الشباب الإيراني في لعبة الحرب يمتلكون أسلوبهم الخاص ويبتكرون نماذج جديدة في الدفاع، أي في التكتيك والتخطيط والتكنولوجيا والإبداع والابتكار. وقد جاءت الردود الصاروخية في حرب 12 يومًا مع الابتكار العملياتي. جميع الأهداف التي تم ضربها في 22 موجة عمليات لاحقة كانت أهدافًا استراتيجية.

وأكد العميد نائيني أن الأمريكيين اضطروا لاستخدام صواريخ بقيمة 4 ملايين دولار للتصدي لطائرات هجومية إيرانية مسيرة كلفت أقل من 10 آلاف دولار، وكانت قيادة الحرب العليا مرتبطة بأمريكا، وكانت الولايات المتحدة هي صاحب العمل، والكيان الصهيوني المنفذ، والبقية ساعدوا. وفي النهاية، اضطر الأمريكيون للتدخل مباشرة لإنقاذ الكيان الصهيوني.

وأضاف: هجماتنا الصاروخية لم تكن مجرد هجوم عسكري بسيط، بل كانت مزيجًا من الحرب الإلكترونية، والحرب السيبرانية، والإبداع والابتكار. وتم تغيير 22 موجة هجوم من حيث موقع الإطلاق، والوقت، والأهداف، وعدد ونوع الصواريخ. هذا الإبداع والابتكار والتخطيط نتج عن خبرة وعقل مبدع لقادتنا، مما أوقع العدو في حيرة.

الوحدة المقدسة: سبب انتصار إيران في حرب 12 يومًا

أكد المتحدث أن الصواريخ أصابت أهدافًا استراتيجية بدقة، وأن أهم درس في الحرب كان أن العلم والتكنولوجيا محور التقدم ويولّد القوة. وأظهرت الحرب أن التقدم في العلوم الأساسية، والعلوم النووية، والدفاعية، والتكنولوجيا، ودور الشباب فيها، ألغى رواية «إيران الضعيفة». وأن الوحدة والتكامل، وهذه «الوحدة المقدسة» التي سمّاها قائد الثورة، كانت ثلاثة أعمدة أساسية للانتصار.

وأشار العميد نائيني إلى التجارب الـ37 سنة بعد الدفاع المقدس ودورها في نجاح حرب 12 يومًا، مؤكدًا على أربعة ركائز رئيسية في عقيدة الدفاع الإيرانية، واعتبر أن أهم عامل للنجاح هو «الفهم الصحيح للتهديد والعدو».

وقال المتحدث: نجاحنا في حرب 12 يومًا كان بفضل الجهاد الذي تم خلال 36-37 سنة. بدون تجربة الدفاع المقدس، وتجربة جبهة المقاومة، وجهود الشهيد سليماني، لما حققنا النجاح في الحرب. وعلى مدار أربعة عقود، تم بناء القوة ونمت الصناعة الدفاعية بناءً على تجربة الدفاع المقدس.

وأضاف العميد نائيني: أصبحنا عارفين بالعدو والتهديد ولم نقلل من شأن التهديد. في الحرب الثمانية سنوات، لم يعتبر أحد تهديد العراق أكثر من مجرد تهديد فارغ. لو عرفنا، لكنا رتبنا قواتنا وفق ذلك، ولم تُحتل 25-26 ألف كيلومتر من الأراضي، ولم يكن الأمر ليستغرق سنة لاستعادة القوة. أما اليوم، بعد ساعات من هجوم الكيان الصهيوني، أطلقنا الرد الصاروخي وتمت استعادة القوة فورًا، وذلك في حرب أشد من الحرب الثمانية سنوات. إذن فهمنا للتهديد والعدو تغيّر.

وأوضح: خلال هذه الفترة عملنا على تقدير العدو وسيناريوهاته، ووضعنا خطط المواجهة على البحر والجو والأرض. وعقيدة الدفاع بعد الحرب الثمانية سنوات أُعدت وأُعلنت، ولها أربعة أركان: الدفاعية: لم نكن المبادرين للحرب، ونفكر بقوة في المجال الدفاعي بهدفين: أولًا، ردع العدو عن الحرب، وثانيًا، إذا وقعت الحرب، هزيمته. الاعتماد على الذات في الصناعة الدفاعية: نعتبر أن أحدًا لن يساعدنا؛ القوة مصدرها داخلي.

اللاتماثل: الحرب اللاتماثلية تعني أن تكون قويًا في عنصر، والعدو في عنصر آخر؛ مثال: العدو يتفوق جوًا وأنت تتفوق صاروخيًا أو سيبرانيًا. المهم من فرض إرادته في الحروب الجديدة. الشعبية: قمنا على مدى 36-37 سنة بزيادة الجاهزية. القادة كانوا يمارسون لعبة الحرب وفق سيناريوهات متعددة لمعرفة رد فعلنا إذا اعتمد العدو سيناريو معين. وكانت غرفة الحرب دائمًا نشطة. بعد اغتيال الشهيد سليماني، افترضنا حتمية الحرب، وأُقيمت مناورات القوة على هذا الأساس، لضمان الحفاظ على القوات المسلحة وترسيخ الردع. لم تتغير حسابات العدو عبر المفاوضات أو المناورات، واليوم نشهد فشلهم.

/انتهى/