وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن اللواء محمد باكبور، القائد العام لحرس الثورة الإسلامية، صرّح صباح اليوم الأحد، في ملتقى «جنود عصر الظهور» الذي عُقد بمناسبة يوم الطالب وتكريماً لشهداء جامعة الإمام الحسين (ع)، قائلاً: عندما بدأت الحرب ذات الـ12 يوماً ضد النظام المقدّس للجمهورية الإسلامية على يد الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، كان شعورهم ـ نظراً للتنسيق المسبق بينهم ـ أنّ الحرب ستتحول خلال الأيام من الأول إلى الثالث إلى حرب مركّبة؛ بحيث يُقدم الكيان على قصف مراكزنا الصاروخية والقيادية، فيما تتحرك المجموعات الإرهابية والانفصالية على الحدود بعمليات مسلّحة، وتفتعل الفوضى والاضطرابات في الداخل.
وأضاف: هذا كان مخطّطهم، وقد قال نتنياهو في إحدى خطاباته خلال الأيام الأولى للحرب: «لقد بدأنا المهمة، وعلى الشعب الإيراني أن يحسم أمره.» وقد رأينا كيف حسم الشعب الإيراني موقفه.
وتابع القائد العام للحرس: عندما بدأت الحرب، كان الأعداء يظنون أنّ استهداف أربعة قادة، هم سلامي ورشيد وباقري وحاجي زاده، سيؤدي إلى انهيار في ساحات العمليات وفي خط القيادة. لكن فور وقوع ذلك في الساعات الأولى، أمر القائد العام للقوات المسلحة بأن يتولى النواب مهامهم، وبعد ساعات قليلة تمّ تعيين القادة الجدد الذين باشروا عملهم فوراً. كان الصهاينة والأمريكيون يعتقدون أن انهيار منظومة القيادة سيؤدي حتماً إلى انهيار ميداني، لكن إعادة البناء تمت مباشرة، وتولى كل قائد مسؤولية قوته.
وأوضح اللواء باكبور: فور تعييني قائداً عاماً للحرس، نفّذنا عملاً عملياتياً مقابلاً وثقيلاً. كان العدو يتوقع أن نطلق في اليوم الأول خمسة أو ستة صواريخ فقط، لكن قواتنا اتخذت مواقعها سريعاً وبدأت العمليات، وفي مساء اليوم الأول انهمرت على رأس الكيان موجات متعددة من المسيّرات والصواريخ الباليستية، وتواصلت الهجمات في الأيام التالية بزخم أكبر.
وأضاف: بعد يوم واحد من استهداف الأمريكيين لمراكز نطنز وفردو النووية، تقرر أن نضرب القاعدة الأمريكية. تدخلت دول عديدة لمنع ذلك، لكننا أكدنا أنّه يجب أن نرد بعدد مساوٍ للصواريخ التي أُطلقت علينا. وبناءً على ذلك استهدفنا قاعدة العديد الأميركية في قطر، وهي أهم قاعدة جوية للولايات المتحدة في المنطقة، بـ14 صاروخاً. وبعد ساعات من الهجوم، أعلن الأمريكيون: «إن توقفتم فنحن أيضاً سنتوقف.» وفي النهاية تبلورت قناعة لدى الولايات المتحدة والكيان الصهيوني بأن الهدف الذي رسموه للحرب، والبرنامج الذي وضعوه، غير قابل للتحقق، وأنهم ارتكبوا خطأً كبيراً في تقديراتهم. فقد ظنوا أنّ اغتيال عدد من قادتنا العسكريين واستهداف قواعدنا سيؤدي إلى خروج الناس إلى الشوارع وإثارة الفوضى، لكننا رأينا كيف ازداد تلاحم الشعب ووحدته يوماً بعد يوم.
وشدّد القائد العام للحرس على أنّ «أربع ركائز كانت سبب نجاحنا»، موضحاً: العامل الأول هو العناية الإلهية، والثاني حكمة وبصيرة القيادة؛ ففي اليوم الأول حين التقينا بالقائد العام للقوات المسلحة، كان جالساً بهدوء استثنائي يدير شؤون البلاد والحرب. أما العامل الثالث فكان تلاحم الشعب، ولم أرَ في حياتي مثل هذا التكاتف. أما العامل الرابع فكان الردّ الصاروخي لقواتنا المسلحة؛ فإطلاق الصواريخ في تلك الظروف كان شديد الصعوبة، لكن لم يحدث قط أن قصف العدو موقعاً لنا دون أن نردّ فوراً وبشكل ثقيل. وخلال الأيام الأخيرة، وبحسب معلوماتنا، كانت الضغوط الشعبية داخل الكيان الصهيوني للمطالبة بوقف الهجمات على إيران تتضاعف عدة مرات مقارنة بالأيام الأولى، ومع ذلك انتهى بهم الأمر إلى طلب وقف إطلاق النار.
وأكد اللواء باكبور، مبيناً أن «الحرب ذات الـ12 يوماً خضعت للتقييم وتمّ تحليل نقاط القوة والضعف»، قائلاً: كانت حرباً تكنولوجية بامتياز. في ميداننا، امتزجت التكنولوجيا والإيمان لدى المقاتلين. وبالطبع كانت هناك فجوة بيننا وبين الطرف المقابل، إذ إن الكيان لم يكن وحده، بل شارك إلى جانبه الأمريكيون والأوروبيون والعديد من الدول، فواجهنا تكنولوجيا العالم. وقد رأينا في الساحة الاستخبارية خلال الحرب أنّ الذكاء الاصطناعي كان محورياً للطرفين، واستخدم في مجالات الرصد والمراقبة وتحديد الأهداف.
وشدّد القائد العام للحرس على أنّ المراكز العلمية التابعة للحرس، ولا سيما جامعة الإمام الحسين (ع)، قادرة على تقديم دعم كبير في مجال الأدوات والمعدات والأسلحة، قائلاً: ينبغي لمنظمات الأبحاث والمراكز العلمية والقادة الميدانيين أن يحققوا تداخلاً خاصاً كي تُحصر الاحتياجات من جهة، وتعمل المراكز البحثية من جهة أخرى على تلبيتها. وقد بدأ العمل في هذا الاتجاه، ونسعى إلى تلبية الاحتياجات التي رصدناها في تقييم الحرب ذات الـ12 يوماً في أقرب وقت ممكن.
وقال اللواء باكبور: «نحن حالياً في حالة وقف للاشتباك»، مؤكداً: يدرك العدو يقيناً أنه إذا ارتكب عملاً عدائياً ضد الجمهورية الإسلامية، فسيتلقى رداً أقسى وأشد من المرحلة السابقة. وقد خلصوا في تقييماتهم إلى أنهم لن يقدموا على أي خطوة. وفي هذا الوضع علينا الحفاظ على جهوزيتنا، كما علينا أن ندرك أن العدو خلال الفترة التي تلت الحرب يعمل على معالجة نقاط ضعفه. لذلك يجب، إلى جانب معالجة نقاط ضعفنا، أن ندرس ما ينوي العدو فعله، وأن نفكر في التكنولوجيا وفي التقنيات والتكتيكات الجديدة، وهنا يمكن لجامعة الإمام الحسين (ع) أن تكون مؤثرة جداً.
وأضاف: في مجالات مثل الدفاع الجوي وتقنيات التخفي، يجب أن تُبذل جهود أكبر في جامعة الإمام الحسين (ع). وإذا استطعنا تزويد صواريخنا بتقنية التخفي، فسنتمكن بالتأكيد من رفع معدل اختراقها للدرع الدفاعي الصهيوني بشكل أكبر.
/انتهى/