كيف اسكتت مراسلة "تسنيم" في فلسطين، المحقق الإسرائيلي؟

فقد اضطرت "يديعوت أحرونوت" أخيراً على الرد نتيجة ضغوط الرأي العام فيما يتعلق بالاعتقال غير القانوني للسيدة "فرح أبو عياش"، مراسلة وكالة تسنيم في الضفة الغربية في فلسطين.

ونشرت هذه الصحيفة العبرية رداً على متابعات وكالة تسنيم وبعض وسائل الإعلام الأخرى في المنطقة، تقريراً عن عملية استجواب فرح أبو عياش تحت عنوان "هكذا هزمت الصحفية التابعة لإيران .. نظرة داخل غرفة التحقيق"، يستند إلى حوار مراسلتنا مع محقق الشاباك (جهاز الأمن الداخلي للكيان الصهيوني).

يقود هذا العنوان المضلل القراء إلى الاعتقاد بأن الشاباك قد حصل على معلومات قيمة واستثنائية، وأنه قد تحقق إنجاز أمني للكيان! ومع ذلك، فإن مقارنة هذا العنوان بنص التقرير وتصريحات فرح أبو عياش أمام المحقق الصهيوني بعد 4 أشهر من الاعتقال غير القانوني، هي بمثابة المثل القائل "الجبل يلد فأراً".

وفقاً لاعتراف "يديعوت أحرونوت"، أجابت مراسلة تسنيم على سؤال ضابط الاستخبارات الذي سألها بالعربية: "هل تعلمين أن إيران دولة معادية لإسرائيل؟"، بقولها: "عدوي هو من يجوع مليوني انسان وأطفال (غزة)".

وقدمت مراسلتنا هذه الإجابة الشجاعة للضابط الصهيوني وهي محتجزة منذ 4 أشهر في الحبس الانفرادي، وتعرضت للضرب والتعذيب بالإهانات والشتائم والبرد والجوع.

وبحسب تقرير "يديعوت أحرونوت"، بعد أن أظهر ضابط الاستخبارات الصهيونية، من خلال فحص هاتف مراسلة تسنيم، نصوص الدردشات المتبادلة مع تحريرية الوكالة كدليل إدانة، أجابت فرح أبو عياش: "ليس لدي شيء لأخفيه. لم أتناول الطعام منذ 15 يوماً وتقول لي إرهابية، بينما تعاونت فقط مع مكتب وسائل الإعلام لوكالة تسنيم في الضفة الغربية وتقاضيت راتباً مقابل التقارير الإعلامية".

وادعت الصحيفة الصهيونية، بناءً على معلومات أخذتها من الشاباك، ادعاءً سخيفاً بأن السيدة فرح أبو عياش قد تلقت أموالاً مقابل التقارير التي قدمتها لتسنيم، ورأت في ذلك دليلاً على أن نشاط مراسلتنا ليس إعلامياً! لكن هذه الوسيلة العبرية تغاضت عمداً عن أن جميع المواد التي أرسلتها السيدة فرح أبو عياش للوكالة قد نُشرت على صفحة تسنيم، وأن الادعاء بالحصول على هذه المعلومات هو أمر سخيف! لأنها موجودة على الويب ويمكن لأي شخص عادي رؤيتها.

لذا، فإن قيام جهاز أمني كبير بعد 4 أشهر من تعذيب فتاة تبلغ من العمر 24 عاماً، بتصوير المواد المنشورة عنها على منفذ موقع رسمي وعام كمثال على "تصفية معلوماتية" لهذه الصحفية، هو أمر سخيف ومضحك بوضوح.

ثانياً، دخلت "أحرونوت" والشاباك بشكل هاوي إلى حدٍ كبير في موضوع الخبر، ولم تدرك أن المبالغ المدفوعة ليست فقط للصحفية، بل لفريقها الإعلامي بأكمله بما في ذلك التصوير والمونتاج. وهذا يظهر أن أيدي الصهاينة فارغة من سيناريوهات التلفيق، وأنهم اعتقلوا صحفية بريئة كانت تقدم تقاريرها منذ البداية بشعار تسنيم، وبشكل علني وليس سرياً، وكان عملها أيضاً في نطاق الضفة الغربية الذي لا علاقة له حتى من وجهة نظر قوانين هذا الكيان نفسه بالصهاينة.

وقال المحقق الصهيوني "نسيم هايك" عن هذه القضية لصحيفة "يديعوت أحرونوت": هذه هي أول قضية من نوعها في البلاد. صحفية فلسطينية تعمل لإيران، ووكالة أنباء إيرانية تم تأسيسها في الضفة الغربية!

وكتبت هذه الوسيلة الصهيونية عن فرح أبو عياش: مراسلة تسنيم تحمل شهادة بكالوريوس في الاتصال وبطاقة صحفية دولية رسمية من منظمة لحقوق الإنسان. كانت تعمل قبل توظيفها من قبل الإيرانيين كصحفية لشبكة أخبار فلسطين (PNN) ووكالة الوطن الفلسطينية المستقلة. وتؤكد هذه التصريحات بوضوح عدم قانونية ادعاءات اللكيان ضد وكالة تسنيم ومراسلتنا في الضفة الغربية، لأنها شخصية إعلامية تعمل منذ سنوات في نطاق الضفة الغربية. أساساً، فإن مسؤولية الشؤون الداخلية للضفة لا علاقة لها بالكيان الصهيوني، ولا يمكنه التصرف في الضفة بناءً على قوانين الأراضي المحتلة. ومن الواضح بالطبع أن الكيان الصهيوني، الذي قتل 70 ألف إنسان ويعذب مليوني شخص في غزة بالبرد والجوع، لا يمكن أن ننتظر منه الالتزام بالحقوق والسلوك الكريم.

ومع ذلك، فإن النقاش الرئيسي هو أن الكيان الصهيوني الذي يدعي التفوق المعلوماتي والقوة التكنولوجية وغيرها، لا يملك أي ذريعة مقنعة قانونياً، ويحاول فقط من خلال تعذيب فتاة شابة بأسلوب ما قبل الحضارة، استعادة مصداقيته الاستخباراتية المنهارة بعد السابع من أكتوبر.

/انتهى/