طفل سوري يتعرض للتعذيب لأنه اشتاق لإخوته وأمّ حرمت من رؤية أطفالها طيلة فترة الأسر+ فيديو


حلب/ تسنيم// كنت أشتاق لإخوتي وأفكر فيهم باستمرار، كان المسلحون عندما يسمعون أني أذكر إخوتي كانوا يأتون خصيصاً إليّ لضربي، لم يكونوا يريدون مني أن أذكر إخوتي وأنا في الأسر.. رواية يقصّها أحد الأطفال من الفوعة وكفريا المحاصرتين أثناء احتجازه وتعذيبه من قبل المسلحين في سوريا.

 

 

نجح الجيش السوري بالتنسيق مع منظمة "الهلال الأحمر" بتحرير 15 شخصاً من الفوعة وكفريا المحاصرتين، كانت المجموعات المسلحة قد اختطفتهم بعد التفجير الذي ضرب حافلاتهم وهم في طريقهم إلى مدينة حلب، بناء على الاتفاق الذي عُرف باسم "اتفاق البلدات الأربع" بتاريخ 14-4-2017.

مراسلة تسنيم زارت الأهالي المحررين الذين معظمهم من النساء والأطفال وسألت بعضهم عن التفاصيل التي عاشوها في الأسر. تلتقي أحد الأطفال الذي روى لنا قصته عبر الحوار التالي:

"اسمي محمد طالب من الفوعة وكفريا" تسأله المراسلة: "حدثنا ماذا حصل معك وما هي قصتك؟.

يبدأ محمد حديثه عن اللحظات الأولى للتفجير الإرهابي الذي ضرب حافلاتهم أثناء خروجهم من الفوعة وكفريا باتجاه حلب: "جاءت إلينا سيارتان الأولى كانت تحمل أكياس بطاطا للأطفال، والسيارة الثانية تحمل متفجرات، بعد توزيع كامل الأكياس من السيارة الأولى، ركض الأطفال باتجاه السيارة الثانية وعندها تفجرت السيارة".

يتابع محمد: "أصبت في كتفي الأيمن، وفي رأسي، بعدها نقلني (المسلحون) إلى أحد المشافي في منطقة "أورم" (جنوب غرب حلب) وتحمل اسم "مشفى ثورة الكرامة" عندها خاطبونا بعبارات نابية، كانوا يقولون لنا: "أنتم الشيعة حمير وخنازير، لا تستحقون أن نداويكم" عندها قلنا لهم أن الوقت الآن غير مناسب لمثل هذا الكلام، لأنّ من "كفّر مسلماً فقد كفر" هذا الحديث قاله لهم والدي نقلاً عن الرسول الكريم (ص)، عندها انزعج المسلحون وقاموا بخطفنا إلى مكان لا نعرفه، بعدها وضعوا العصبة على أعيننا وبدأوا بالتحقيق معنا مع الضرب والإهانة وسألونا أسئلة لا نعرف أجوبتها مطلقا، وعندما كنا نقول لهم "لا نعرف الجواب" كانوا يضربوننا بشدة أكبر.

بعدها نقلونا إلى منطقة "أورم الصغرى" بعد أن كنا في "أورم الكبرى"، ثم اشتدت الأمور بيننا في الأيام العشر الأولى من وصولنا، إلى آن تحسنت معاملتهم بشكل جزئي، أما فيما يتعلق بالطعام، فكانوا يحضرون لنا دائماً طعاماً فاسداً (أرز وبرغل فاسد)، ونحن كنّا مجبورين على تناوله لأنه إن لم نأكل منه عندها نموت من الجوع".

يقول محمد: "أحد المسلحين هناك، كان يأتي بشكل خاص ليضربني باستمرار، أصبح تعذيبي بالنسبة له "كفرض الصلاة" كل يوم مساءً يأتي إليّ ليضربني، لا أحد يعرف لماذا".

يتابع الطفل: "عندها انزعج والدي منهم وصار يوجه لهم كلاماً قاسياً ويقول لهم: لماذا خطفتمونا ولماذا تعذبوننا؟ فصاروا ينتقمون من والدي ويطفئون نار غضبهم بي ويأتون لضربي كل مساء".

تسأل المراسلة: "في اللحظة التي تم خطفك فيها، بمن كنت تفكر حينها وبأي شخص كنت تحبّ أن تلتقي؟ يقول محمد ولم يستطع أن يتمالك نفسه من البكاء: "كنت أفكر بأختي وأخي (في مدينة حلب) وبأخي الذي مازال موجوداً في الفوعة، كنت أفكر بهم باستمرار، وكنت أحب كثيراً أن أكون بينهم وأن ألتقيهم، عندما كان يسمع المسلحون أني أريد أن ألتقي بإخوتي، كانوا يأتون إلي خصيصاً ويقومون بضربي لذلك، كان المسلحون لا يريدون مني أن أذكر إخوتي، وعندما كان المسلحون يسمعونني وأنا أدعو عليهم، كانوا يأتون إلي ويضربونني، لا يريدونني أن أدعو عليهم، كنت أنا ووالدي نتعرض بشكل كبير للضرب منهم، تعرضنا منهم للذل بشكل كبير".

يختم محمد بأمنية ويقول: "أتمنى أن تنقذوا رفاقي الموجودين في الفوعة وكفريا، لأن معاناتهم كبيرة جداً، ويعيشون الآن حالة غلاء فاحش".

إحدى الأمهات تروي لمراسلة تسنيم حكايتها واللحظات التي عاشتها في الأسر: "إسمي فاطمة جبورة، في لحظة وقوع التفجير، كنت بعيدة عنه بعض الشيء، لكن ابني أصيب في ظهره، وعندما بحثت عن الإسعاف، لم يكن هناك إلا "الدفاع المدني" (التابع للمسلحين)، فذهبنا معهم من دون أن نشعر أو نسأل، وبعد أن وصلنا إلى المشفى وأخذنا الدواء، كان هناك مجموعة منّا من الفوعة وكفريا تخضع للعلاج، جاءت مجموعة مسلحة، ووضعتنا في سيارة وقالوا لنا أنهم سيعيدوننا باتجاه الحافلات (التي كانت في طريقها إلى حلب) هنا شعرنا أننا خُطفنا لأن المسلحين غيّروا الطريق الذي سلكناه، أخذونا إلى مقرات لهم وحجزونا هناك، ومنذ ذاك اليوم بتاريخ 14-4-2017 إلى اليوم، بقينا محتجزين عندهم".

تسأل مراسلة تسنيم: كيف كانت المعاملة وأوضاع المعيشة هناك؟ تجيب السيدة: "بالنسبة لي كانت المعاملة حسنة مع النساء، ولم يكن هناك أي إزعاج من حيث الطعام والشراب، ولكن أسر الحرية لوحده كافٍ، كنت محتجزة بداخل الغرفة، لا نستطيع أن نغادرها أبداً، كنا محبوسين وممنوعين عن رؤية أطفالنا لم نكن نستطيع التواصل معهم لفترات طويلة".

تتابع السيدة: "فترة الانتظار دامت من 14-4-2017 وإلى الآن كنت بعيدة عن أطفالي، أشعر الآن أني أعيش حلماً ولا أصدق أني الآن هنا بين أطفالي، كل ذلك بفضل الهلال الأحمر والجيش السوري الذي استطاع أن يحررنا من بين أيدي المسلحين".

لمى كيالي - تسنيم - حلب

/انتهى/