داعش نشأته تمويله مناطق انتشاره في سوريا


داعش نشأته تمویله مناطق انتشاره فی سوریا

"داعش" هو تنظيم مسلح الإرهابي يعتمد الفكر التكفيري السلفي، وتعود البدايات الأولى لتكوينه إلى 15 تشرين الاول 2006 بعد اجتماع عقدته مجموعة من الفصائل المسلحة وتم خلاله اختيار "أبي عمر" زعيما للتنظيم في أول انشقاق تنظيمي عن القاعدة الذي كان يقوده أبو مصعب الزرقاوي، والذي كان مرتبطاً بأسامة بن لادن، وكان هدف القاعدة المعلن محاربة القوات الأجنبية مما أكسبها تعاطف ودعم بعض المناطق العراقية .

وسرعان ما استبدل هذا التنظيم أهدافه، حيث بدأ يشن هجمات بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والأسلحة الكاتمة على الأجهزة الأمنية من الجيش والشرطة والمدنيين والمقاولين الأجانب ووزارات الدولة في سوريا والعراق ومؤسساتها والمنظمات الدولية، وتكفير فئات من الشعبين العراقي والسوري على حد سواء.

مع تطور الأحداث في سوريا وتنامي الاقتتال بين الجماعات المسلحة والجيش السوري وبين الفصائل الإرهابية فيما بينها بدأ عناصر داعش في التسلل إلى الداخل السوري وبالتحديد المناطق الشمالية بجوار العراق، ويوماً بعد يوم زاد نفوذهم، ودخلوا في مواجهات مسلحة مع الجيش السوري لينتهي الأمر في 5/3/2013 باحتلالهم مدينة الرقة بالكامل بعد مواجهات عنيفة مع الجيش السوري.

وفي 27/7/2013 سيطر تنظيم "داعش" على بلدة خان العسل في ريف حلب شمال البلاد بعدها سيطر على مطار منج العسكري السوري، وتم تدمير المبنى الرئيسي في المطار بعملية انتحارية، ليتزايد نفوذه في العديد من المناطق على رأسها محافظات الرقة وحلب‏ وريف اللاذقية ودمشق وريفها ودير الزور وحمص وحماه والحسكة وإدلب، ويتفاوت هذا التواجد والسيطرة العسكرية من محافظة لأخرى، فمثلا لديها نفوذ قوي في محافظة الرقة وفي بعض أجزاء محافظة حلب، ولديها نفوذ أقل في حمص واللاذقية  كما سيطر منتصف العام 2015 على مدينة تدمر الأثرية بريف حمص وقام بتفجير قلعتها ومسرحها التاريخيين .

وفي وسط مدينة الرقة السورية رفع فوق مبنى المحافظة علم أسود على سارية هي الأطول في المدينة، وهو العلم الذي يتخذه تنظيم "داعش" شعاراً له، وأصبحت مدينة الرقة، أو "إمارة الرقة" مقراً رئيسياً لـ "داعش"، وانتشرت لافتات وكتابات على جدران شوارع "الولاية" تدعو الأهالي إلى التقيد بالشريعة الإسلامية حسب منظور "داعش" المتطرف، وسرعان ما تحولت أغلب المقرات الحكومية سابقاً إلى مكاتب للتنظيم، وأصبحت كنيسة سيدة البشارة وسط الرقة "المكتب الدعوي" له، إذ قام عناصر من التنظيم في 26 من ايلول العام الماضي بإنزال الصليب من على الكنيسة.

وقد أعلنت نافي بيلاي مفوضة الأمم المتحدة العليا لحقوق الإنسان في بيان صادر عن مكتبها عن تلقيهم تقارير عقب استيلاء داعش على الرقة، تفيد حدوث حالات إعدام جماعي متتالية لمدنيين ومقاتلين لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية في حلب وإدلب والرقة من جانب جماعات "المعارضة المسلحة المتشددة" في سوريا، وبصفة خاصة داعش"وأضافت: رغم صعوبة التحقق من الأعداد على وجه الدقة، فإن الشهادات التي قمنا بجمعها من شهود عيان موثوق بهم تشير إلى أنه جرى إعدام مدنيين ومقاتلين كثيرين، كانوا رهن الاحتجاز لدى جماعات المعارضة المسلحة المتطرفة، منذ بداية هذا العام".

وسرعان ما تفاقمت المعارك بين جبهة النصرة وتنظيم "داعش"، لتشمل المعارك على منابع الثورة النفطية، وتمكنت قوات التنظيم في شباط الماضي من محاصرة المقرات والحواجز التابعة لجبهة النصرة وحركة "أحرار الشام" في منطقة الشدادي بريف الحسكة، وتعد الشدادي الواقعة على طريق "الحسكة– دير الزور" المصدر الرئيس لإنتاج البترول في محافظة الحسكة؛ إذ تحوي عددا من آبار النفط.
وامتد النزاع بين الجماعات المتطرفة على المصادر النفطية والطبيعية إلى مدينة دير الزور الغنية بالنفط أيضا، إذ اتهمت "جبهة النصرة" تنظيم "داعش" بالسطو على بعض المنشآت الحيوية التي كانت تحت يديها، مثل حقل "كونوكو للغاز"، وقالت إنه بذلك يفصل مقاتليها عن عمقهم الاستراتيجي في محافظة دير الزور وبسرقة ما يقرب من خمسة ملايين دولار منها.

وقال الخبير في الجماعات المسلحة حسام شعيب: إن جوهر الخلاف بين داعش والنصرة هو المال، فمن يسيطر على الموارد الاقتصادية وخصوصا آبار النفط سيمتلك المال وبالتالي النفوذ والاستمرارية. وقال إنه" يتوقع استمرار الحربين العسكرية والإعلامية بين "داعش" وباقي الفصائل المتطرفة؛ لضمان موارد التمويل، مع التخوف من وقف بعض الإمدادات المالية إثر انكشاف طبيعة هذه التنظيمات، وإن هذه التنظيمات باتت في صراع نفوذ ووجود".
مضيفا، أن "قضية النفط تساعد داعش على زيادة انتشارها على الأرض، وأن أهم آبار النفط سقطت بيد "داعش" مؤخرا بعد قتال عنيف مع جبهة النصرة، بالإضافة إلى آبار منطقة الشدادي، وحقول الجبسة وحقول الرميلان، وآبار النفط في منطقة بادية شاعر بريف حماه. وتابع: إن سيطرة "داعش" والنصرة على منابع النفط ومعامل التكرير جعلها تتحكم أيضا بعمليات البيع والتوزيع في معظم المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة في سوريا.
يضم تنظيم "داعش" العديد من القادة المدرجين على قائمة الإرهاب، وجميعهم عراقيون، والعديد منهم خدموا في جيش الطاغية المقبور صدام.
أبو بكر البغدادي:
أبو بكر البغدادي هو من دمج فروع تنظيم القاعدة مع جبهة النصرة مع «دولة العراق الإسلامية» تحت مسمى "داعش" في 9/4/2013 وبرسالة صوتية.
واستغل البغدادي الأزمة التي اندلعت في سوريا والفوضى التي حصلت هناك ليعلن دخوله خط المواجهات في سوريا، حيث وجد وتنظيمه مساحة خصبة على الأراضي السورية مستغلا الفوضى لتحقيق المكاسب وتوسيع النفوذ، ومن الحدود السورية الواسعة مع العراق، دخل تنظيم "داعش" إلى الأراضي السورية، إلى شرق سوريا بالتحديد تحت شعار"نصرة أهل السنة في سوريا" معلنين الحرب على الجيش السوري، وهنا بدأت قصة داعش ترتبط بأبي بكر البغدادي الذي يتنقل الآن طليقا بين سوريا والعراق.

أبو أيمن العراقي:
هو المسئول الأول لـ "داعش" في سوريا وكنيته في العراق أبو مهند السويداوي، من مواليد عام 1965 وكان ضابطاً برتبة مقدم في استخبارات الدفاع الجوي في عهد المقبور صدام ، اعتقل عام 2007 لنحو 3 أعوام، ثم انتقل إلى دير الزور في سوريا عام 2011، واليوم يتولى قيادة داعش في إدلب وحلب وجبال اللاذقية، وهو الآن عضو المجلس العسكري لـ "داعش"، والمكون من 3 أشخاص.
من أبرز القيادات الميدانية لـ "داعش" في سوريا أيضا أبو أحمد العلواني، واسمه الأصلى وليد جاسم العلواني، وكان ضابطاً في الجيش العراقي أيضا في عهد المقبور صدام  وعضو المجلس العسكري لـ "داعش".
والمشهد الجغرافي على جانبي الحدود، العراقية السورية يكشف أن تنظيم "داعش" يسعى لإحكام سيطرته على مناطق نفوذ حدودية متاخمة لبعضها بعضاً- اثنين في سوريا، ومثلهما في العراق حيث يقاتل في الجانب السوري من أجل السيطرة على محافظتي الحسكة ودير الزور، بينما يسعى على الجانب العراقي إلى السيطرة على محافظتي نينوي والأنبار، ويخوض التنظيم في سعيه لتشكيل مرتكز قوي للقاعدة في هذه المنطقة- معارك مع عديد من القوى فيخوض مواجهة مع الأكراد في الحسكة، وفي دير الزور يقاتل تنظيم القاعدة في معارك قاسية ضد جبهتين تقود إحداهما ميليشيا الجيش الحر، وتقود الثانية جماعات متطرفة أخرى.
من يمول داعش؟
ما زال مجهولا من يمول "داعش". فعملياتها الكثيرة على جبهتي العراق وسوريا، تكلف الكثير من الأموال، سواء كانت تلك العمليات داخل سوريا بالتفجير المتكرر للسيارات، اضافة الى قتالها المتواصل منذ سنتين ضد الجيش السوري ،وأخيرا ضد فصائل مسلحة أخرى مثل "الجبهة الاسلامية" و"أحرار الشام" و"الجيش السوري الحر". فهذه العمليات مجتمعة، لا تقتضي انفاق ملايين الدولارات فحسب، بل المليارات منها.

وهناك عدة احتمالات وضعها المحللون لتمويل داعش:
الاحتمال الأول ذهب إلى أن السعودية هي الممول "لداعش". وقد يكون هذا الأمر منطقيا، لكون السعودية كانت وراء تأسيس حركة "القاعدة" منذ البداية.
  وثانياً أنها تقدم على هذا التمويل لتشجيع "داعش" على مقاتلة الجيش السوري ، وهو الأمر المتناغم مع مصلحتها في القضاء على الدولة السورية  والمصلحة الأمريكية أيضا، وقد يكون هذا التمويل السعودي هو الذي دفع بزعيم "داعش" للتمرد على أعلى قيادات القاعدة وهو "أيمن الظواهري"، اعتمادا منه على التمويل السعودي .
الاحتمال الثاني أن من يمول داعش هي "الولايات المتحدة الأمريكية" فـ "القاعدة"، وربيبتها "داعش"، هما على أرض الواقع، حلفاء الولايات المتحدة وليسوا أعداءها كما يصور الأمريكيون، ويعزز هذا الاحتمال أن "داعش" - على الأقل- هي صنيعة "الولايات المتحدة"، كون الأمريكيين الذين يغرقون في استخدام طائرات "الأندرود" بدون طيار في قصف مواقع القاعدة في اليمن، وفي الصومال، وفي باكستان، قد امتنعوا عن قصف "داعش" الناشطة في "العراق" منذ سنوات، بتنفيذها تفجيرات يومية في المدن العراقية. فقد كان بوسع الأمريكيين عبر أقمارهم الصناعية، أن يكتشفوا بعض مواقعها أو أن يقصفوها بصواريخ طائراتهم، سعيا منهم للحد من تنامي هذا التنظيم المنتمي للقاعدة .
  وتبدو "قطر" هي الدولة الأقوى ترجيحا في تبني "داعش" ولو بشكل غير مباشر. فـ"قطر" التي لا يزيد عدد مواطنيها الأصليين على مائتين إلى ثلاثمائة آلاف مواطن قطري، هي الدولة التي تنطوي على الاحتمال الأكبر في تمويل "داعش"، وذلك لتمكينها من توفير القدرة لنفسها على لعب الدور الكبير الذي ترغب في ممارسته على الساحة السورية، بل والعربية أيضا.
والاحتمال الرابع يفترض من حيث المبدأ أن تكون تركيا هي من يمول "داعش" ، فالدور التركي بارز في فتح الحدود التركية السورية وتسهيل مرور السلاح والمقاتلين إلى الداخل السوري سواء من داعش أو غيرهم .
وإذا توقف القتال لسبب من الأسباب نتيجة مؤتمر دولي أو وساطة دولية، فان الدور التركي في حالة كهذه سوف ينكمش أو ينقضي، ولن يعود ضروريا أو فاعلا، ومن هنا ربما وجدت "تركيا"، أنه لا بد أن يكون لها تواجد قوي على الأرض السورية والعراقية أيضاً من أجل ابقاء دورها فاعلا في أي تسوية سياسية.
الاحتمال الأخير والأقوى يضع «إسرائيل» علي رأس الممولين لداعش ، والواقع أن« إسرائيل»، قد تكون هي المرشح الأقوى في صناعة "داعش" وتحويلها إلى صنيعتها من خلال تمويلها ودفع فاتورتها.
ويرجح وجود الانسجام بين "داعش" و«إسرائيل» كون "داعش تقف أحيانا في "الجولان" وعلى مواقع قريبة من المواقع «الإسرائيلية»، ومع ذلك فهي تطلق النار على السوريين، وليس على «الإسرائيليين» المتواجدين أحيانا على بعد مرمى حجر منها. كما أن الجرحى من "داعش"، غالبا ما ينقلون إلى داخل «إسرائيل»، وليس لتركيا مثلا، لتلقي العلاج فيها.
يضاف إلى ذلك ما تردد مؤخرا على لسان مصادر سورية، بوجود ضباط «إسرائيليين» في سوريا، يخططون ويقودون تنظيم  "داعش".
وقد يرى البعض أن «إسرائيل» – العدو الأكبر لسوريا – وجدت أنه من الضروري أن يتواجد لها على الأراضي السورية مقاتلون يأتمرون بأمرها، لتكون صاحبة كلمة فصل في أي حل يطرح للمعضلة السورية.
وإذا كانت هذه كلها مجرد احتمالات ، فإنها تظل مجرد ترجيحات لتفسير حدود تمويل ودفع فاتورة "داعش "،ثم ما آلت إليه كحركة "داعش"، أثناء مراحل قتالها ضد الجيش السوري. أما بعد أن دخلت مرحلة القتال ضد الجبهة الإسلامية وأحرار الشام والنصرة والجيش السوري الحر وغير ذلك من التنظيمات المسلحة، فانه يصبح من شبه المؤكد، لا المرجح فحسب، أن أيا من الدول سابقة الذكر، لم يعد له مصلحة في تمويل "داعش" وتسديد فاتورتها إلا «إسرائيل» وربما حليفتها "أمريكا" ، اللذين يسعيان لتشويه الإسلام بما تفعله داعش الرافعة للراية الإسلامية من أعمال إجرامية في كل المنطقة ، وثانياً يسعيان لإشعال حرب سنية شيعية وعرقية بالمنطقة وتقسيمها وتفتيت جيوشها ، وفي النهاية التمهيد للحرب العالمية القادمة أو الملاحم الكبرى التي سيقوم الصهاينة بإشعالها في منطقة الشرق الأوسط وينقسم العالم ويتصارع فيما بينه علي أراضي دول هذه المنطقة .

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة