مذكرة التفاهم بين أربيل وواشنطن: أهداف أمريكية بعيدة الأمد وأحلام كردية


مذکرة التفاهم بین أربیل وواشنطن: أهداف أمریکیة بعیدة الأمد وأحلام کردیة

يرى الخبراء أن مذكرة التفاهم التي تم التوقيع عليها بين أربيل وواشنطن تهدف إلى تحقيق مصالح قصيرة وبعيدة الأمد للجانبين وبغداد بدورها لا تشعر بالارتياح تجاهها.

تقرير: علي الحيدري - في يوم الثلاثاء 12 تموز / يوليو أبرمت سلطات إقليم كردستان العراق مذكرة تفاهم مع وزارة الدفاع الأمريكية، وقد وقع الاتفاق عن الإقليم وزير الداخلية فيه كريم سنجاري وعن الجانب الأمريكي مساعدة وزير الدفاع اليسا سلوتكين بحضور رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني.

والطريف في هذه المذكرة أنها أعلنت بشكل مفاجئ في اليوم التالي لزيارة وزير الدفاع الأمريكي لبغداد والتي هي الأخرى كانت مفاجئة، حيث التقى فيها وزير الدفاع الأمريكي مع المسؤولين في الحكومة العراقية واكتفى بإجراء اتصال هاتفي مع مسعود بارزاني.

المصدر الإعلامي الوحيد لسلطات إقليم كردستان "روداو" وصف هذه المذكرة بأنها سياسية عسكرية وأنها سارية المفعول حتى انتهاء الحرب مع داعش، والولايات المتحدة في هذه الفترة تقدم الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي لقوات البيشمركة الكردية فيما لو حدثت مواجهة بينها وبين حركة داعش، فضلاً عن تقديم بعض المعونات المالية للأكراد كرواتب شهرية.

وأما وزارة الخارجية العراقية فقد أصدرت بيانها في هذا السياق أعلنت فيه عن علمها بما تم الاتفاق عليه بين الأمريكان والأكراد معتبرة أن إحدى فقراتها تنص على خروج قوات البيشمركة من المناطق المختلف عليها بعد تحرير الموصل من إرهابيي داعش.

تم الاتفاق في هذه المذكرة على تقديم معونات للأكراد تبلغ 415 مليون دولار كأجور لقوات البيشمركة التي يبلغ عدد منتسبيها مئة ألف شخص، وتجدر الإشارة هنا إلى عدم وجود فقرة تنص على تأسيس قواعد أمريكية لمحاربة حركة داعش الإرهابية.

وبعد أيام من إبرام هذا البروتوكول المشترك أصدرت وزارة الخارجية العراقية بياناً آخر تضمن النقاط التالية:

1 ) زيادة عدد قوات البيشمركة في الخطوط الأمامية في مواجهة داعش.

2 ) تقديم الدعم العسكري في عمليات تحرير الموصل عند الضرورة.

3 ) تعاون الإقليم مع الولايات المتحدة الأمريكية على صعيد تدريب قوات الحشد الشعبي في المحافظات الكردية.

4 ) التعاون مع الحكومة العراقية في عمليات تحرير الموصل.

5 ) السماح للقوات العسكرية العراقية باستخدام أراضي الإقليم عند انطلاق عمليات تحرير الموصل.

6 ) السماح لقوات التحالف في استخدام أراضي الإقليم لضرب مقرات حركة داعش الإرهابية بعد إذن من بغداد.

7 ) القوات الكردية التي تدخل أراضي الموصل يجب أن تنسحب منها فور انتهاء عمليات التحرير وفق برنامج زمني يتم تعيينه بواسطة الحكومة المركزية.

8 ) القيام ببعض الإصلاحات لأجل إيجاد شفافية في وزارة البيشمركة في إقليم كردستان.

ومن ناحية أخرى صرح الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كربي لقناة كردستان 24 بأن المساعدات العسكرية لإقليم كردستان ستتواصل لكن حكومته غير مستعدة لتقديم أسلحة إليها بشكل مباشر ودون إذن بغداد.

وقد أثارت هذه المذكرة ردود أفعال ساخطة في الأوساط العراقية، فالسيد "إسكندر وتوت " عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي اعتبرها نقضاً صريحاً للدستور ولا يحظى بأي اعتبار قانوني، والسيد "محمد سعدون الصيهود" النائب عن ائتلاف دولة القانون في البرلمان أكد بدوره على أنها غير قانونية نظراً لعدم اطلاع حكومة بغداد على ما تضمنته بالكامل، وأما السيد "حنين القدو" النائب عن كتلة بدر النيابية فقد طالب رئيس الوزراء حيدر العبادي أن يعلن للشعب العراقي عما إذا كان على علم بها قبل إبرامها بين الأكراد والأمريكان لكونها تمس السيادة الوطنية العراقية ولا سيما أنها تنص على تأسيس عدة قواعد عسكرية أمريكية على الأراضي العراقية في المحافظات التي يقطنها الأكراد.

زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر أجاب عن سؤال في هذا الصدد بأن الحكومة العراقية كانت مكلفة باتخاذ إجراءات تحول دون توقيع مثل هذه الاتفاقيات التي تضيع حقوق الشعب العراقي، ومستشار رئيس الوزراء العراقي في شؤون كردستان عادل برواري وقعوا هذه المذكرة مع الجانب الأمريكي خشية من هزيمتهم أمام القوات العراقية في استرجاع الأراضي العراقية التي استحوذوا عليها بالقوة، لذلك طلبوا من واشنطن أن تتدخل في دعمهم وعدم اضطرارهم لسحب قواتهم قبل حل الخلافات مع بغداد.

بعد توقيع هذه المذكرة المثيرة للجدل ظهرت العديد من المواقف المؤيدة لها والمنددة بها، وأكدت بعضها على نوايا الأمريكان في عدم التخلي القواعد التي سوف يؤسسونها في إقليم كردستان حتى وإن أعلنوا اليوم أنها مؤقتة، وهذه القواعد خمسة في مختلف مناطق كردستان العراق، منها ثلاثة في أربيل واثنان في دهوك.

ويعتقد الخبراء أن تقديم واشنطن أجوراً مالية لقوات البيشمركة وتدريبهم على السلاح لا تعد من القضايا التي تتطلب توقيع مذكرة تفاهم بين واشنطن والإقليم، حيث كان من الممكن القيام بذلك بكل سهولة دون الحاجة إلى كل هذا الضخ الإعلامي الواسع والاجتماعات المتبادلة مع المسؤولين الأكراد، بل وكان من الممكن أيضاً التعاون مع حكومة بغداد لتسهيل هذه العملية،لذلك يعتقد هؤلاء الخبراء وجود فقرات سرية لم يتم الإعلان عنها قد تمس بسيادة الشعب العراقي ولا سيما تحذير بيان وزارة الخارجية العراقية الأكراد من عدم إبرام اتفاقيات دون علم الحكومة المركزية وعدم السماح لواشنطن بإقامة قواعد عسكرية دون موافقتها، وما يزيد تساؤلات أكثر حول هذا الموضوع هو أن قاعدة أنجرليك التركية أقرب إلى ساحة عمليات الموصل من إقليم كردستان العراق، لذا كان بإمكان الأمريكان التركيز بشكل أساسي على هذه القاعدة دون الحاجة إلى إقامة خمسة قواعد عسكرية في الأراضي العراقية.

وكما يبدو فإن مذكرة التفاهم المبرمة بين سلطات إقليم كردستان ووزارة الدفاع الأمريكية تضمن مصالح قصيرة وبعيد الأمد للجانبين، فالإقليم سوف يتمكن من اكتساب أرباح مالية وامتلاك أسلحة خفيفة وثقيلة أكثر مما لديه عدداً وتطوراً كما أن تواجد القوات الأجنبية على أراضيه يعزز من مواقفه المناهضة للحكومة المركزية ويجعله يتخذ قراراته بحزم أكثر من أي وقت مضى ولا سيما ملف نفط كركوك. وأما واشنطن فهي تحقق جراء ذلك أرباحاً ومنافع أكثر من الأكراد بأضعاف مضاعفة إذ إنها مخولة بالبقاء في الأراضي الكردية العراقية لمدة عشر سنوات على أقل تقدير، وطوال هذه المدة سوف لا تكتفي بالقواعد العسكرية الخمسة إذ سيفسح المجال لها لتأسيس قواعد أكثر تحت ذرائع شتى.

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة