100 عــــــــــام على وعـد بلفـور.. 100 عــــــــام من المأسـاة

100 عــــــــــام على وعـد بلفـور.. 100 عــــــــام من المأسـاة

يعيش أبناء فلسطين في الداخل وفي الشتات أجواء الذكرى المئة لــ "وعد بلفور" وهم يقاسون مأساته منذ 100 عام حيث توارثت أجيالهم تبعات هذا القرار الجائر بحق الإنسان والأرض منذ ذلك الحين.

 وكالة تسنيم الدولية للأنباء : قطعت المملكة المتحدة وعدا عرف بـ"أعطي من لا يملك، لمن لا يستحق" حيث قامت بموجبه بريطانيا بمنح فلسطين للمنظمات الصهيونية لتقوم بإنشاء دولة لقيطة من شتات اليهود في العالم لتكون بؤرة توتر ومولدة للأزمات في العالم.
ماهو وعد بلفور !؟
وعد بلفور هو رسالة توجّه بها وزير الخارجية البريطاني آرثر جميس بلفور في الثاني من تشرين الثاني عام 1917 إلى اللورد روتشيلد قبل شهرٍ واحدٍ من احتلال بريطانيا لفلسطين، مشيراً فيها إلى التأييد الكامل الذي أبدته الحكومة البريطانية لإنشاء وطنٍ قومي لليهود في فلسطين، واشتهر عن هذا الوعد المقولة التالية " إن وعد بلفور هو وعد من لا يملك لمن لا يستحق"، في إشارةٍ إلى أنّ بلفور الإنجليزي أعطى فلسطين التي لا يملكها ولا يملك الحق في التصرف بها لشعبٍ لا يستحق أن يمتلكها أو أن يتواجد فيها، وقد كان عدد اليهود لا يتجاوز 5% من إجمالي سكان فلسطين قبل إصدار هذا الوعد.


نص وعد بلفور

وزارة الخارجية
في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني 1917
عزيزي اللورد روتشيلد يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته : إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقامٍ قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعملٍ من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلدٍ آخر. وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.
المخلص
آرثر جيمس بلفور

من هو آرثر جيمس بلفور ؟
سياسي بريطاني (25 يوليو 1848-19 مارس 1930) تولى رئاسة الوزارة في بريطانيا من 11 يوليو 1902 إلى 5 ديسمبر 1905. عمل أيضاً وزيراً للخارجية من 1916 إلى 1919 في حكومة ديفيد لويد جورج. اشتهر بإعطاء وعد بلفور الذي نص على دعم بريطانيا لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
أعجب بلفور بشخصية الزعيم الصهيوني حاييم وايزمان الذي التقاه عام 1906، فتعامل مع الصهيونية باعتبارها قوة تستطيع التأثير في السياسة الخارجية الدولية وبالأخص قدرتها على إقناع الرئيس الأميركي وودرو ويلسون للمشاركة في الحرب العالمية الأولى إلى جانب بريطانيا. وحين تولى منصب وزارة الخارجية في حكومة لويد جورج في الفترة من 1916 إلى 1919 أصدر أثناء تلك الفترة وعده المعروف بـ"وعد بلفور" عام 1917 انطلاقا من تلك الرؤية.
كانت أول زيارة لبلفور إلى فلسطين عام 1925 حينما شارك في افتتاح الجامعة العبرية. وقد ذهب أولاً إلى الإسكندرية بعد ظهر الإثنين 23 مارس 1925. وكان في استقباله وفداً من المنظمات الصهيونية في مصر وطلاب المدارس اليهودية ويرأسهم حاخام. ولدى وصول السفينة أسپريا، الساعة 4 عصراً، صعد الحاخام إلى السفينة للترحيب به. وبعد استقبال دام ساعتين لم يحضره سوى المنظمات الصهيونية، سافر في عربة قطار مجهزة خصيصاً له إلى القاهرة. وفي القاهرة نزل ضيفاً على اللورد اللنبي وزوجته. وفي القاهرة قامت مظاهرات عارمة منددة بوصوله.

ليونيل روتشيلد (1868/1937م)

من هو روتشيلد ؟
يدعى مؤسس عائلة روتشيلد "إسحق إكانان"، ولقَب "روتشيلد" يعني "الدرع الأحمر"، في إشارة إلى "الدرع" الذي ميز باب قصر مؤسس العائلة في فرانكفورت في القرن السادس عشر، وكان "ماجيراشيل روتشيلد" يعمل تاجر العملات القديمة، وعمل على تنظيم العائلة ونشرها في مجموعة دول، وتأسيس كل فرع من العائلة لمؤسسة مالية، وتتواصل هذه الفروع وتترابط بشكل يحقق أقصى درجات النفع والربح على جميع الجالية اليهودية في العالم كله, وكانت بيوت روتشيلد تنضم مع سياسة البلاد التي تسكنها أثناء الحروب النابليونية في أوروبا، حتى كان الفرع الفرنسي يدعم نابليون ضد النمسا وإنجلترا وغيرها، بينما فروع روتشيلد تدعم الحرب ضد نابليون في هذه الدول، ولكنها في النهاية تهتم بمصلحة اليهود, وهذا يدل على الأخلاق السيئة التي يتمتع بها اليهود.

وكان "ليونيل روتشيلد" (1868/1937م) هو المسؤول عن فروع إنجلترا، وزعيم الطائفة اليهودية في إنجلترا في هذا الوقت، وتقرب إليه كل من "حاييم وايزمان" ـ أول رئيس للكيان الصهيوني فيما بعد ـ و"ناحوم سوكولوف"، ونجحا في إقناعه في السعي لدى حكومة بريطانيا لمساعدة اليهود في بناء وطن قومي لهم في فلسطين، وإمعانًا في توريطه تم تنصيبه رئيسًا شرفيًا للاتحاد الصهيوني في بريطانيا وأيرلندا.

ولم يتردد "ليونيل"، بل سعى بالإضافة لاستصدار التعهد البريطاني المعروف باسم وعد بلفور إلى إنشاء فيلق يهودي داخل الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى، وتولى مسؤولية الدعوة إلى هذا الفيلق، وجمع المتطوعين له "جيمس أرماند روتشيلد" (1878-1957م)، كما تولّى هذا الأخير رئاسة هيئة الاستيطان اليهودي في فلسطين، وتولّى والده تمويل بناء المستوطنات والمشاريع المساعدة لاستقرار اليهود في فلسطين، ومن أهم المشروعات القائمة حتى اليوم مبنى الكنيست الإسرائيلي في القدس.

جانب من حقيقة الوعد

الأسباب التي يوردها بعض المؤرخين (الصهاينة أو المتعاطفون مع الصهيونية) لتفسير إصدار بريطانيا لوعد بلفور. فهناك نظرية مفادها أن بلفور قد صدر في موقفه هذا عن إحساس عميق بالشفقة تجاه اليهود ولكن من الثابت تاريخياً أن بلفور كان معادياً لليهود، وأنه حينما تولى رئاسة الوزارة البريطانية بين عامي 1903 و1905 هاجم اليهود المهاجرين إلى إنجلترا لرفضهم الاندماج مع السكان واستصدر تشريعات تحد من الهجرة اليهودية لخشيته من الشر الأكيد الذي قد يلحق ببلاده.

وقد كان لويد جورج رئيس الوزراء لا يقل كرهاً لأعضاء الجماعات اليهودية عن بلفور، تماماً مثل تشامبرلين قبلهما، والذي كان وراء الوعد البلفوري الخاص بشرق أفريقيا. وينطبق الوضع نفسه على الشخصيات الأساسية الأخرى وراء الوعد مثل جورج ميلنر وإيان سمطس، وكلها شخصيات لعبت دوراً أساسياً في التشكيل الاستعماري الغربي. وكان يعارض الهجرة اليهودية إلى شرق أوروبا خوفاً من انتقالها إلى بريطانيا، وكان يؤمن بأن الأفضل لبريطانيا أن تستغل هؤلاء اليهود في دعم بريطانيا من خارج أوروبا لذا قام بإصدار هذا القرار.

قال المحلل السياسي النائب العربي السابق في الكنيست الصهيوني، عباس زكور في حديث لـ"فلسطين" ، يرى أن العالم العربي والأمة الإسلامية لم يتعلما بعد أن ضعفهما أدى إلى خسارتهما أرض فلسطين.

وتابع:" بعد مرور نحو 100 عام على هذا الوعد نعيش في تخبط واقتتال ومن كنا نعول عليه في العالم العربي هم الآن في وضع لا يحسدون عليه"، معتبراً أن البقاء في هذا العالم هو فقط للقوي.

وفي سياق متصل، يرى خبير القانون الدولي عماد صلاح الدين، أن القضية الفلسطينية رغم كل المتغيرات السياسية إلا أنها من الجانب المعنوي لا تزال حاضرة ومتألقة كونها مرتبطة بشعب له حياته وتراثه وامتداده التاريخي .

وتابع في حديث مع صحيفة "فلسطين":" صحيح إن ما صدر في المحافل الدولية يخص القضية الفلسطينية هي مجرد توصيات ولكن هذه التوصيات يمكننا البناء عليها ومواصلة الطريق"، مشيراً إلى ضرورة طرح القضية الفلسطينية كجوهر وليس عبر ملفات.

ونوه صلاح الدين إلى وجود عدة قرارات دولية تخص القضية الفلسطينية منها ما هو لصالح الفلسطينيين مثل قرار يونسكو ومنها ما هو ضد الفلسطينيين مثل وعد بلفور، موصياً بضرورة تفعيل هذه التوصيات لدعم الايجابي منها وإلغاء السلبي.

وتساءل الخبير في القانون الدولي لماذا لا يتم إثبات بطلان وعد بلفور؟، شارحاً أن بريطانيا كمحتل لفلسطين لا تملك حق التفريط فيها.

وأضاف: "وفق القانون الدولي الإنساني فإن هذا الوعد مرفوض ولا يجب أن يبنى عليه أية حقوق لا مدنية ولا اجتماعية ولا سياسية، وهذه الحقوق هي حصراً للفلسطينيين فقط"، موصياً بضرورة تفعيل التوصيات الدولية في المحافل الدولية عبر أطر سياسية ودبلوماسية.

وأكد ضرورة اثبات بطلان هذا الوعد من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، داعياً السلطة الفلسطينية إلى ضرورة تقديم مشروع قرار بذلك، منوهًا إلى أن هناك سندات تاريخية تثبت بطلان هذا الوعد كما أن الحالة المنطقية والواقعية تؤكد بطلانه.

/انتهي/

أهم الأخبار انتفاضة الاقصي
عناوين مختارة