فيتو دولى على مصر بعدم عودة العلاقات مع إيران

قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري السفير معصوم مرزوق , القيادي في التيار الشعبي , أن التصويت لترامب كان مبررا , وأن زيارة ترامب المرشح للرئيس السيسي فى نيويورك , مجاملة تستهدف التغطية على إساءات ترامب للإسلام والمسلمين , وصرح بأن تصريحات ترامب بشأن نقل السفارة الأمريكية للقدس ليست جديدة على النظام الأمريكي , الكونجرس أصدر قرارا بهذا الشأن فى العام 1995 , وهناك فيتو دولى على مصر بعدم عودة العلاقات مع إيران , وعلى إيران أن لا تمنح ترامب الفرصة فى فسخ الاتفاق النووى عبر التزامها ببنود الاتفاق , محاور الحديث الذي أجرته وكالة تسنيم مع السفير معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية المصر سابقا والحاصل على نوط الشجاعه من الطبقة الأول, كان سفيرا لمصر فى نيويورك  لرابطة الدبلوماسين في الإكوادور , شارك فى حرب السادس من أكتوبر 1973 ضد العدو الصهيوني.

تسنيم : كيف تري إعلان فوز ترامب على الإدارة الأمريكية بجميع مؤسساتها؟

مرزوق : من واقع رصدى للمناظرة الأولى بين هيلارى وترامب , أيقنت أن ترامب منتصر لا محالة , انطلاقا من واقع قرائتي التحليلية للنمط الانتخابي للشعب الأمريكي علي مدى نصف قرن وزيادة , أن الشعب الأمريكي بلغ الكتلة الحرجة للزمن , لحظة أن يصاب الناخب الأمريكي بالملل من سلوك الإدارة , فينتخب الشعب شخصا متمردا , فى محاولة بائسة للثورة المكتومة على المؤسسة الأمريكية الحاكمة , على نحو يستهدف فيه الناخب تغيير النمط السياسي العام , وتلك الموجات من الثورة تأتي على شكل تضاغطات وتخلخلات , والأمة الأمريكية بلغت أعنف تضاغط لها بفوز ترامب , وهى ليست بالجديدة , وتاريخهم حافل بالرؤساء المجهولين خذ عندك  "ريجان"  كان ممثلا ساذجا , ولم يكن يملك ثمة معلومات عن السياسة الخارجية , فى إجابة له عن الوضع السياسي فى لبنان , لم يكن قد سمع بدولة تحمل هذا الاسم , ومع ذلك أصبح رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية لفترتين رئاسيتين , وكذلك بوش الإبن, كان لا يمكن لأي أمة في العالم أن تقلد زمام أمورها شخصا مثله , وسذاجته المفرطة , ومع ذلك انتخبه الشعب الأمريكي.

كارتر حينما تم انتخابه كان مجهولا , يحترف الإتجار فى الفول السوداني , ولم يكن له فى عالم السياسة ثمة صيت , الطبقات المتوسطة فى أمريكا ملت من سياسات أوباما , وانسحب أثر هذا على هيلارى كلينتون , فضلا عن أن خطابها كان امتدادا لخطاب زوجها , التصويت لترامب كان مبررا , وهذا يعكس الانقسام الحاصل فى المجتمع الأمريكي وعلى جميع الدول اتخاذ التدابير الاحترازية من انعكاسات هذا الانقسام على السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية , هذه أول قراءة .

القراءة الثانية / من الواضح أن اليمين الأمريكي المتطرف يتجلى فى المشهد الأمريكي , عائدا وبقوة بنفس وجوه المحافظين الجدد الذين أتوا مع بوش الإبن , وباستعراض تاريخهم نجد أن هذا الاتجاه رفع لواء الحروب الصليبية المقدسة , واندفع الفيل الجمهورى , مدمرا بصواريخه , أفغانستان , والعراق , وهو المتسبب الرئيس فى دمار الشرق الأوسط , وهذه هى المخاطر المتوقعة من عودة هذا الاتجاه , الذى سيمعن فى تخريب المنطقة , وجر العالم لحروب لا طاقة للبشرية بها , وموقف المسؤولين المصريين فى تعليقاتهم حقيقة هو محل انتقاد , وتعليقات الإعلاميين توحى كما أننا لو كنا فى حملة ترامب الانتخابية , كيف يقبل هذا , هذا التفاؤل المفرط محل نظر , زيارة ترامب المرشح للرئيس السيسي فى نيويورك , مجاملة تستهدف التغطية على إساءات ترامب للإسلام والمسلمين , لا ينبغى تجاهل هذه العظائم , والإفراط فى التفاؤل .

تسنيم : هل يستطيع ترامب تحقيق حلم إسرائيل في القدس عاصمة أبدية لها؟

مرزوق : ترامب فى إحدى خطبه صرح بأنه حال فوزه سينقل السفارة للقدس , والحاصل أن ترامب لم يأت بجديد , فهناك قرار بهذا الشأن أصدره الكونجرس فى العام 1995 , وترك للرئيس الأمريكي السلطة التقديرية لتوقيت التنفيذ حسب المعطيات الدولية , كل الرؤساء من العام 95 وحتي الآن لم يجرؤا على نقل السفارة , إذ أنه لو تم سيعد هذا تصعيدا مفرطا , لا تقبل الدول العربية به , فى وقت تمر فيه هذه الدول بحالة من الوهن , والضعف , والهوان , والتشتت , غير مسبوقة , حقا إنها مأساة , حريا بالدول العربية لملمة شتاتها والالتفات إلى العدو الحقيقي للأمة . 

تسنيم : تحليل حضرتكم لموقف ترامب الذى فضح فيه الإدارة الأمريكية تورطها فى دعم داعش وأخواتها ؟

مرزوق : التورط الأمريكي فى دعم الجماعات الإرهابية لإسقاط بشار الأسد وتقويض الدولة السورية , ليس تورط إدارة , بل هو نسق عام للسياسة التى تنتهجها المؤسسة الأمريكية الحاكمة , ولا يمكن نسبة هذا الأمر لهيلاري أو أوباما , أو الديمقراطيين عموما , التغير الحاصل الآن فى بنيان المؤسسة الأمريكية سيؤدى لتقارب روسي – أمريكي حتمي , بهدف تسوية الأزمة السورية .

تسنيم : هل يمكن أن يتأتى لترامب تنفيذ وعيده بإلغاء الاتفاق النووى مع إيران؟

مرزوق : الاتفاق النووى وطرفه إيران ليس ثنائيا مع أمريكا , بل هو اتفاق مع الدول الكبرى , وصدر به قرار من مجلس الأمن , لكن إلغاء الاتفاق من قبل أمريكا , تعويلا على احترام أمريكا للقانون الدولى هو تعويل على عدم , فقد غزت أمريكا العراق دون تفويض من الأمم المتحدة , وخرج عليهم سكرتير المنظمة بأن هذا الغزو غير مشروع , ومخالف لميثاق الأمم المتحدة , على نحو يستأهل توقيع عقوبات على أمريكا , إلا أن هذا لم يحدث , لماذا ؟ , إنها أمريكا , الدولة العظمى , وبالتالى القانون يصبح فى المرتبة الثانية , إذا تعارض نفاذه مع مصالحها .

تسنيم : وماهي الآثار السلبية لهذا الإلغاء فيما لو أقدم عليه ترامب؟

مرزوق : رغم ما سقناه سابقا , إلا أننا لا نزال نجزم بأن إيران لها وضح خاص فى ذهن المؤسسة الأمريكية , والتى حتما ستلزم ترامب بعدم المساس بالاتفاق النووى ,لأن الصراع القادم ستوجه قواه للشرق الأقصي , الصين , وبالتالى يهم الولايات المتحدة الأمريكية , إرساء علاقات مستقرة مع الجانب الإيراني , المؤهل فى العقلية الأمريكية للتعويل عليه فى شئون المنطقة أكثر من غيرها من دول الشرق الأوسط , وبالتالى فرضية إلغاء الاتفاق النووي هى فرضية مستبعدة , وعلى إيران ألا تمنح لهم مبررا لذلك عبر تنفيذ تعهداتها المدرجة ببنود الاتفاق .

تسنيم :كيف ترى مستقبل الإرهاب في المنطقة في ضوء تصريحاته؟

مرزوق : المنطقه لا تحتاج لتصريحات ترامب كى تشتعل , فهى بالفعل مشتعلة , فالمنطقة تمر بأزمة كبيرة , حالة تمزق وتشرذم , واكثر من سيدفع الثمن , هم الفلسطينيين ,  لأن الاتجاه العام البارز دوليا , معتنق لنظرية تصفية القضية الفلسطينية , وليس تسويتها , وهذا الأمر هو السبب الرئيس فى تبنى الغرب نهج دعم الجماعات الإرهابية , بهدف إرباك المنطقة , وضرب أطرافها , وجعل قواها خائرة , بسبب انشغالها فى مكافحة الإرهاب , فى الوقت الذى يتم فيه تمرير قرارات تهويد القدس , والاعتراف باسرائيل دولة لليهود , والاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لـ "اسرائيل" , فلا تقوى على الانتفاض أى دولة عربية , وطالما كانت وعود ترامب لاسرائيل تنفيذ هذه الأهداف , فحتما الإرهاب سيظل حليفا للولايات المتحدة الأمريكية .

تسنيم : هل دعوات الانفصال في كاليفورنيا واقعية أم انها هيستيريا الصدمة؟

مرزوق : هذه بعض المناوشات والكل ملتزم بالدستور الأمريكي , الديمقراطية الأمريكية ناضجة جدا , وهذه أمور لا تعدو أن تكون ردود أفعال سرعان ما يستوعبها المجتمع الأمريكي .

تسنيم: هل من الممكن أن نشهد فى القريب العاجل عودة للعلاقات بين مصر وإيران؟

مرزوق : التردد المصرى فى الانفتاح على إيران انعكاس للضغوط الدولية على القرار المصرى , وهناك فيتو دولى على مصر بعدم إعادة العلاقات مع إيران , ونحن نرى أن مصر لا ينبغى لها أن تخضع لأى فيتو دولى , باعتبارها دولة رائدة , وقائدة , هى من ترسم خط السير والمسير فى المنطقة فهى قلب الإسلام , والعروبة , وإيران دولة كبرى بالمنطقه لها ثقلها ووزنها على الساحتين الإقليمية والدولية , وتمتلك نفوذا هائلا فى كل من سورية , ولبنان , والعراق , واليمن , فإن لم تحظى مصر بعلاقات استراتيجية فعلى الأقل سيسهم فتح آفاق الحوار مع إيران , نحو مزيد من التهدئة فى المنطقة .

/انتهي/