القانون الانتخابي اللبناني لن يولد من رحم الطائفية

القانون الانتخابی اللبنانی لن یولد من رحم الطائفیة

خاص/تسنيم : تجتهد القوى السياسية اللبنانية في انتاج قانون انتخابي جديد، وتكثر التفاصيل في طروحات قانونية أو توافقية ميثاقية في غالب الأحيان ليبقى المواطن اللبناني أسير هذه الأطروحات محروما من حقه في الانتخابات الاكبر والأهم على مستوى هذا البلد لدورتين لمجلس النواب اللبناني أو ما يعادل 8 سنوات في أعرق بلد عربي تمارس فيه الديموقراطيّة.

كان لافتا منذ أيام تطرّق الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله الى مسألة الاقتراب من التوافق على قانون انتخاب جديد، فيما أعلن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أن القوى اللبنانية قد اتفقت بالفعل على قانون انتخابي جديد.

اعلان الحريري سرعان ما تسرب إلى آذان وسائل الاعلام اللبنانية وأشارت الى أن القانون الانتخابي حمل مسمّى قانون النسبية الموزّع على 15 دائرة انتخابية وشرعت بتفاصيله التّي يجزم المراقبون أن الشعب اللبناني هو "آخر من يعلم" بهذه التفاصيل، ثم غاص بعيدا بين تجاذبات سياسية جديدة قد تقضي على فرصه بالنجاح.

البلد الصغير القابع في أحضان المتوسط والّذي كانت عاصمته عروسا للشرق الأوسط يصطف مواطنوه في مأتم للديموقراطية في هذا البلد الّذي لطالما كان عريقا في ممارسة الشعائر الديموقراطية، وربّما السّبّاق بين كل الدول العربية.

وبغض النظر عن المسميات العديدة للقوانين في لبنان بين 60 ونسبي وتفضيلي ونقل للدوائر الانتخابية و... يمكن تلخيص المشهد وتفسيره في قراءة لمشروعي القانون الأبرز على الساحة وهما الأكثري والنسبي، والّذي تحاول القوى اللبنانية من عمليات دمج تتصف في بعض الأحيان بالمنطق، وكثير من المواقع تتصف بالسذاجة والانتقاء وعمليات الالتفاف على الواقع والتركيبة اللبنانية الفريدة من نوعها.

القانون الأكثري ،الأكثر رواجا في الدول الديموقراطية، يقضي بان يحصل المرشحون لانتخابات أغلبية الأصوات المقترعة للفوز بالمقاعد النيابية، لكن تحجيم الدائرة الانتخابية في لبنان إلى حجم القضاء حول الحياة السياسية الى جحيم حقيقي بسبب تكريس هذا القانون للطائفية، علما أن هذا القانون وحسب تطبيقاته الواسعة من حول العالم "عدا لبنان" لا يمت الى الطائفية كما أن هذا المرض اللبناني لا ينعكس ولا يعدي غيره من الانتخابات العالمية التي تقوم على أساس هذا القانون.

القانون الآخر هو النسبية، ويعتبر هذا القانون في تطبيقه الصحيح على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة، الحل الأمثل لتجاوز معضلة الطائفية، ويقضي أن تحصل اللوائح المتنافسة على مقاعد في المجلس النيابي بقدر نسبة الأصوات التي حصلت عليها، إلّا أن بعض الأطراف اللبنانية وبحجة مراعاة المناصفة بين المسلمين والمسيحيين تارة، وعدم تهميش الأحزاب والطوائف الصغيرة تارة أخرى تحاول تصغير الدوائر الانتخابية لقانون النسبية لتتوافق مع التمثيل الّذين يرونه منصفا لوجودهم في هذا البلد.

لا شكّ أن المشكلة الأساسية وراء عدم توفر قانون انتخابي جديد في لبنان هي الطائفية، وخروج لبنان من هذه المعضلة تحتاج إلى إرادة سياسية جامعة، ناجحة وناجعة لتحديد المستقبل الأفضل للبلد الشرق أوسطي الجميل ولأبنائه. يبدو أن تجاوز أزمة الطائفية يعد أمرا صعبا، لكن لبنان أثبت عبر تفاديه للنيران المشتعلة من حوله إمكانية وصول أفرقائه السياسيين الى توافق عادة ما يكون عبر مخاض مجهد، وهذا ما نشهده اليوم مخاض صعب لقانون انتخابي يتمنى الجميع أن لا يولد ميتا.

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة