خفايا "ميرزاولنك".. الاحداث والحقائق

خفایا "میرزاولنک".. الاحداث والحقائق

تصدرت قضية "إبادة الشيعة" في منطقة "ميرزاولنك" شمال افغانستان منذ عدة ايام ، الصفحات الرئيسية لوسائل الاعلام العالمي لاسيما الايرانية.

نقلت حركة طالبان، منذ قرابة عامين، معاركها ضد القوات الامريكية والحكومة الافغانية التي تعتبرها الحركة "حكومة عميلة"، من الجنوب الى شمال افغانستان الامر الذي يشير الى عدة اسباب لسنا الان في صدد التطرق اليها.

ان سقوط مركز ولاية "قندوز" و السيطرة على عدد من المدن في ولاية "فارياب"، و"بلخ" والتواجد ايضا في عدد من المناطق كـ"بدخشان" و"بنجشير"، امثلة تدل على ان تواجد حركة طالبان في شمال افغانستان وسقوط عدد من المدن في هذه المناطق ليس بالامر الجديد.

وبناء على ذلك فان سقوط "ميرزاولنك" التي يقطنها الشيعة شمال افغانستان، كان يتابع بحذر وحساسية من قبل وسائل الاعلام، هي معركة استمرت لعدة شهور في هذه المنطقة، انتهت في نهاية الاسبوع الماضي لمصلحة حركة طالبان، ولكن سقوط هذه المدينة تبعه عدد من الاحداث.

ماهي قصة ميرزاولنك؟

في اليوم الاول والثاني بعد سقوط هذه المنطقة، شهدنا صمتا من قبل وسائل الاعلام، ولكن فجأة انتشرت بسرعة أخبار عن ابادة الشيعة وسبي النساء وخطف وأسر40 فتاة افغانية من هذه المنطقة وذبح والقاء رجال المنطقة في الوداي من قبل حركة طالبان.

بينما حركة طالبان نفت منذ الساعات الاولى لانتشار هذا الخبر، بشدة في بيانات متعددة واعتبرت هذه الاخبار نوعا من الدعاية من قبل الحكومة الافغانية واعداء الشعب الافغاني من اجل خلق فتنة طائفية وقومية.

كما اعلن والي ولاية سربل التابع لحركة طالبان "ملا عطالله" مرارا  في شريط مصور هذا الامر واعلن ان حركة طالبان مستعدة لاستقبال لجنة تقصي حقائق بغية اتضاح هذه القضية.

توجهت يوم امس مجموعة مؤلفة من 15 عالم شيعي من شمال افغانستان الى ولاية سربل للبحث في هذه القضية، حيث اكد مدير جامعة الزهراء ورئيس حزب اقتدار شمال افغانستان الشيخ سلمان، مقتل قرابة 40 رجلاً كانت مهمتهم الدفاع عن هذه المنطقة واعتبر جميع الاخبار المتعلقة بمقتل نساء واطفال وقضية ذبح والقاء الاهالي واختطاف 40 فتاة شيعية "بعيدة عن الحقيقة" واعتبرها عارية عن الصحة.

وفي الوقت ذاته نفى والي سربل التابع للحكومة الافغانية "وحدت" قضية الاختطاف وسبي الفتيات في هذه المنطقة من قبل حركة طالبان.

ومن جهة أخرى، تبين بعد عدة ايام من هذه الاخبار أن بعض الصور المنتشرة حول جريمة "ميرزاولنك" تعود الى مجازر ارتكبت بحق الشعب اليمني والسوري او بعض الحوادث الاخرى ومن ضمنها حادثة مرورية في "كمبوديا".

وبناء على ذلك، الواضح هو أن حركة طالبان سيطرت على هذه المنطقة، وقتل في خلال السيطرة عدد من المواطنيين الافغان حيث ادانت الجمهورية الاسلامية الايرانية هذا الامر ايضا، وقالت يجب أن تحاسب حركة طالبان على عملها، ولكن هذه القضية رافقها قضايا هامشية من قبل وسائل الاعلام من ضمنها الحرب النفسية، والتي يجب هنا التركيز عليها.

ونظراً لاتضاح ابعاد الاخبار المنتشرة البعيدة عن الواقع حول قضية ميرزاولنك والتي كان مصدرها موقع "بي بي سي"، يطرح تساؤل مهم وهو لماذا في الوقت الراهن يركز الاعلام الغربي وداعميه في افغانستان بنوع من الشفقة على الشيعة الافغان بينما فضلت الصمت المطبق حيال المجازر التي ترتكب بحق المدنيين الافغان اثر القصف الامريكي على مناطق مختلفة من افغانستان وكذلك مقتل اكثر من 30 مدنياً من قبل "غلبدين حكمتيار" خلال الـ48 ساعة الماضية؟!.

السعودية وحكمت يار

ما هو واضح اليوم في افغانستان اننا نشهد تواجدا واسعا للسعودية عقب مجىء حكومة وطنية في افغانستان، ان التوقيع على اتفاقية لبناء اكبر مركز تعليمي للعلوم الدينية في المنطقة من قبل الرياض في كابل وتماهي الحكومة الافغانية مع سياسة آل سعود لاسيما في العدوان على اليمن وارتكاب المجازر بحق الابرياء في هذا البلد والزيارات المتعددة للمسؤولين الافغان للرياض واعلان كابل استعدادها للانضمام الى التحالف السعودي هي جزء من التغلغل السعودي الواسع في افغانستان.

والنقطة الاهم كانت عودة حكمت يار الى كابل بضوء اخضر من السعودية وتركيا وامريكا، الامر الذي اقلق الشعب الافغاني بشدة منذ اليوم الاول لاسيما الشيعة في هذا البلد، حكمتيار في الوقت الذي عاد فيه الى كابل عبر توقيع اتفاقية سلام كان قد اعلن منذ سنوات مواقفه المتطرفة تجاه طوائف مختلفة في افغانستان لاسيما الشيعة ومؤخرا بالتزامن مع اعلانه التماهي مع الرياض قد اعلن تقبله لداعش بشكل علني.

ان عودة حكمتيار الى كابل بالتزامن مع تصاعد الاعتداءات على الشيعة في مناطق مختلفة من افغانستان كل يوم كان يقلق الشعب لاسيما الشيعة في افغانستان، حيث كان استشهاد الشيعة في "كارته سخي" و"مسجد الزهراء" ومسجد جوادية في هرات" قضايا لم تحدث في تاريخ النزاع الافغاني، لكن الشيعة اليوم يعانون من هذه القضية.

طالبان والشيعة

كما ان القضية الاخرى التي كانت تقلق الشيعة في افغانستان، كانت تعاظم قدرة طالبان المتزايدة في هذا البلد، حيث ان الشيعة كانت تعتبر حركة طالبان عدوا لها واستمرار وجود هذه الحركة يضر في استمرار وجود الشيعة في افغانستان لكن ردود افعال طالبان خلال الاعوام الاخيرة اراحت الشيعة قليلا واقلقت داعمي الفتنة الطائفية في افغانستان.

ان تحرير الاسرى الشيعة من قبضة عناصر تابعين لداعش في ولاية زابل بافغانستان وانضمام عدد من القادة من مناطق شيعية الى طالبان وانتشار بيانات عديدة من قبل طالبان داعمة للشيعة وعدم التعرض للشيعة في المناطق التي تسيطر عليها طالبان ادى شيئا فشيئا الى انخفاض وتيرة الحساسية والحذر حيال الفتنة والنزاع الطائفي بين الشيعة وحركة طالبان.

ومن جهة اخرى كانت حركة طالبان خلال الاشهر الاخيرة تدين وترفض تصاعد الاعتداءات على الشيعة، وبعد التدقيق في بيانات حركة طالبان حول الاعتداء على الشيعة في افغانستان نجد المفتاح الرئيسي ، وهو "على الشعب الافغاني الحذر من مخططات الاعداء في هذا البلد الرامية الى اشعال حرب قومية وطائفية".

اذن تصاعد وتيرة الاعتداءات على الشيعة في مناطق مختلفة من افغانستان يعزز من هذه الشكوك، حيث يوجد احتمال ان الشيعة الافغان الذين يأسوا اليوم من دعم الحكومة للحفاظ على ارواحهم ، سيطلبون المساعدة من حركة طالبان من اجل توفير الامن لهم.

كما ان اشتباك طالبان مع عناصر من داعش لاسيما في مناطق الشيعة ومنها ولاية غور واجزاء من الولايات الغربية والشمالية لافغانستان تعزز هذه الشكوك، ان الشيعة الذين لايملكون سلاحا للدفاع عن انفسهم وفي ظل حكومة لاتعتزم دعمهم وحمايتهم، سيتجهوا نحو التعاون طالبان.

دون شك ان هذه القضية لم ترق لداعمي الفتنة الطائفية، حيث شهدنا خلال العامين الماضيين اثارة الخلافات الواسعة بين طالبان والشيعة عبر فبركة الاخبار واستخدام تقنيات العمليات النفسية الواسعة، الامر الذي كان يواجه بالفشل دوماً.

و تعزز الموجة الاعلامية الواسعة من قبل قناة الـ"بي بي سي" و الشبكات الاخرى التي تدار من قبل التشيع البريطاني، الشكوك حول تواطؤ وسائل الاعلام الغربي مع قضية ميرزاولنك، حيث هناك محاولة لبدء التفرقة والفتنة المذهبية عقب هذه قضية التي يتضح ابعادها غير الواقعية يوما بعد يوم.

وعلى هذا يجب الحذر حتى لا تقع وسائل اعلام المقاومة في متاهة وسائل الاعلام الغربية والامريكية مادام المحور الغربي – العربي – العبري يحاول نقل الحرب الطائفية من سوريا والعراق الى افغانستان، و يجب اظهار ردة فعل مناسبة حيال الفتن الاعلامية.

خبير سياسي واعلامي

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة