رؤية عامة للوضع العراقي.. مساعي "جو بايدن" لتقسيم العراق الى اقاليم طائفية ومذهبية

رؤیة عامة للوضع العراقی.. مساعی "جو بایدن" لتقسیم العراق الى اقالیم طائفیة ومذهبیة

ما هي الحلول التي قدمتها الولايات المتحدة للتعامل مع الدولة العراقية منذ مجيئ حزب البعث للعراق ونختصرها بالآتي: حرب ضد إيران ، التحريض على احتلال الكويت...

 في المقالات السابقة كنت قد نوهت الى ان الانتخابات الأمريكية التي ستكون في نهاية عام ٢ ٢ وهناك احتمال من انها ستكون سباق رئاسي بين كل من جو بايدن دونالد ترامب ، وبما أن العراق والعالم خبر  تجربة ترامب ، وتعرفنا على الأزمات العالمية التي خلفها هذا الرجل ، يبقى إمامنا هو جو بايدن ، نائب رئيس الجمهورية في إدارة  باراك أوباما ، والمسؤول عن الملف العراقي ، ويعتبر المسؤول عن إعادة إنتاج مشروع تقسيم اقاليم طائفية ومذهبية للعراق ، هذا المشروع بحد ذاته هو إرادة امبريالية (صهيو-امريكية) وكان هذا المشروع يراوح بين إدارات الأمريكان والصهاينة ، وتم تفعيله عمليا فوق أرض العراق منذ ٢ ٣ ، من خلال دور مؤسسات الضغط الصهيونية في الإدارات الأمريكية.
بالتالي فإن العراق ووضعه العالمي أصبح منوط بوجهة النظر الأمريكية والإرادة الصهيونية.

اما السؤال عن احتمال أن يتعرض العراق لسيناريو مشابه لما حدث في ميناء لبنان؟، لكن قبلها نطرح  إشكالية ما هي الحلول التي قدمتها الولايات المتحدة للتعامل مع الدولة العراقية منذ مجيئ حزب البعث للعراق ونختصرها بالآتي (حرب ضد إيران ، التحريض على احتلال الكويت ،انقلاب أمريكا على نظام صدام حسين لاحتلاله الكويت،  ليتم تحشيد عالمي ضد العراق وحرب عاصفة الصحراء ، حصار اقتصادي قاتل بكل معنى الكلمة على الشعب العراقي المنكوب استمر ل ١٢ سنة ، حرب ٢ ٣، لإدارة الإسلام السياسي الى الحكم واشترك التناقض الطائفي والمذهبي بإدارة العراق، ووقوف الولايات المتحدة مع خط المملكة العربية السعودية التي تحمل نسخة التطرف المذهبي التكفيري وعملت على تصدير هذا المنهج للعراق .
 فتسنح الفرصة للولايات المتحدة الأمريكية لتطبيق أجندات رجالاتها من برنار لويس الى هنري كسينحر الى هيلاري كلينتون وكوندليزا رايس و جو بايدن كل واحد منهم يحمل مصطلح تقسيم البلاد العربية ومنها العراق.

نستنتج مما سبق ، أنه لا يوجد في جعبة الأمريكي كاطار للعلاقة مع العراق الا وفق هذه المشاريع. وهو ما يتماشى ومشروع "ارضك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات". إذن الساحة العراقية بوجود الأمريكي فوق أراضيه مفتوح على مختلف السيناريوهات ، وساحة العراق أكثر انضباطا من الساحة اللبنانية ، لان الأمريكي في الساحة العراقية واضح ومحدد الاماكن ، يمتلك العراق عوامل ضغط على الأمريكي عندما يفعل الإرادة السيادية  (الانفتاح على الصين وروسيا عالميا ، الانفتاح على إيران اقليميا، أحداث نقلات انضباطية للساحة العراقية بالضرب على مظاهر تفسيخ سلطة القانون ).

 لكن هذا بنفس الوقت لا يمنع من أن تتعرض الساحة العراقية لحدث مفاجي كامتعاض من الحلف الصهيو-امريكي،  حيث بدأت الساحة العراقية اليوم تشهد تغيير يؤدي إلى  نتائج تمييع الساحة  العراقية على سبيل المثال:

اولا: التناقض او عدم التوافق بين الرئاسات الثلاث ، تعطيل عمل البرلمان ، تفقد الحكومة في تحديد الأولويات الأكثر أهمية للعراق ، يقابله انتعاش لبقايا النظام السابق المقبور وخاصة المفصومة الشخصية ابنة المقبور رغد صدام حسين التي تطل برأسها عند اي أزمة لتزيد من توتير الساحة السنية.

ثانيا: ما يقوم به رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي هي عملية إمساك وضبط الساحة العراقية عن طريق تغيير أماكن تواجد الوحدات العسكرية ، بأن يتم نقل وحدات من المناطق الغربية الى المركز بغداد ، إطلاق سراح سجناء النظام السابق المتهمين بالإرهاب هي عمليه ضربات موجهة الهدف منها إحباط النخب المقاومة وبيئتها الحاضنة ، وهي خطوات مقصودة ، وحنين متعمد الى ايام النظام السابق وظهور قيادات من حزب البعث الفاشي لسدة الحكم وكذلك على شاشات التليفزيون بتنظير وتأطير جديد لمشروعهم الطامح للحكم.

هنا يجعلنا نتسائل عن حقيقة عدم التفاهم بين الكاظمي والحلبوسي وبرهم صالح ، علما ان الكاظمي جاء إلى رئاسة الوزراء  عن طريق صالح والحلبوسي ومسنود كرديا وامريكيا، هل عدم الإتفاق بينهم هو تكتيكي لتعطيل النظام البرلماني العراقي بصورة عامة ، وتهيئة الظروف لولادة نظام حاكم جديد ليستمر العراق على هذا الوضع الى الانتخابات القادمة والتي لا يعرف ما هي النتائج التي ستنتج عنها.
لنحاول ان نقف عند الزعل المزمع بين الرئاسات الثلاث ، ان إمساك الساحة العراقية بهذه الطريقة يجعل منها قابلة لتفسير  سيناريوهات عديدة ، لعل من أبرزها:

السيناريو الاول هو، تقليم أظافر رئاسة الوزراء ورئاسة مجلس النواب العراقي وجعل النظام الحاكم في العراق رئاسي بزعامة الأكراد وهذا ما يغيض الشيعة والسنة ، وإذا كان هناك خلافا فعلا بين الزعامات الثلاث فقد يكون بسبب هذا السيناريو ، وهو ما يفسر بكاء مصطفى الكاظمي على بقايا البعث ، فيغدق عليهم بقرارات العفو. وهو سيناريو فضفاض الهدف منه اللعب على المكون الكردي الذي باع كل شيء للحلف الصهيو-امريكي ، ولا يختلف عن قضية الاستفتاء ، الذي افشله الشعب العراقي.

السيناريو الثاني ، هو عودة البعث عن طريق انقلاب هاديء ، وذلك لقوة جهة المقاومة ،  الإقليم السني هو شريان الحياة للحلف الصهيو امبريالي في العراق ، لأن الإقليم الكردي في حكم المفروغ منه لقوة الأطراف الإقليمية الرافضة له ، على الرغم من أن إدارته الحكومية لا تظهر الولاء لبغداد او الحكومة المركزية ، إذن العوامل التي تحمل مشروع جو بايدن هي طواقم البعث المقبور ، فهم توزعوا بين السعودية وقطر والإمارات والأردن وكوردستان ، العراقيون فهموا وعرفوا حاملي مشروع التكفير ، والإقليم السني ويقفون بالضد من الحشد الشعبي ، ويقفون بالضد من علاقات مع ايران وهذا ما تريده أمريكا التي لم تفتقر إلى القدرة على القتال ، فتلجأ الى تفجير الساحات بين الفرقاء.

ما اصطلح عليه لهكذا نوع من السيناريوهات "قنص الساحات"  وهذا ظهر واضحا في عملية استشهاد القائدين سليماني والمهندس كقنص  لساحة محور المقاومة فوق الأرض العراقية ، وتفجير بيروت فوق الأرض اللبنانية ، الهدف من كل ذلك هو محاولة احتواء الساحات التي وصل فيها النفوذ الإمبريالي الى نهايته ، فيلجأ إلى سياسة ضربات الصدمة وهو نوع من إمساك الساحة وجعلها تدور في محور ينقلها من الأولويات الى محاولات استيعاب ضربات الصدمة ، وما يطيل عمر  مرحلة الاستيعاب هو مجاميع الغوغاء التي تعمل على خلق عوامل الفوضى.

عودة البعث بواجهات متعددة هو أيضا عنوان فضفاض لأنه يراد  تحت هذا العنوان تقييد الساحة العراقية بين (بقايا النظام المقبور، بقايا عصابات داعش ، مراوحة الأجندات الأمريكية لنظام الأقاليم في العملية السياسية العراقية ) هو مشروع يحمل في طياته ثغرات يراد لها ملأ الفراغ ، فسيكون البعثي الداعشي الحامل للقومية العربية والمذهبية  الأداة والصهيوني الذي يملأ الفراغ ، ليتم وضع قواعد اشتباك جديدة من الأرض العراقية.

بقلم دكتور عامر الربيعي

رئيس مركز الدراسات والبحوث الإستراتيجية العربية الاوربية في باريس.

المقال لا يعبر بالضرورة عن رؤى واتجاهات وكالة تسنيم الدولية للأنباء بل انه يعبر عن أفكار ورؤى كاتب المقال حصرا.

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة