1. الرئیسیة
  2. کل العناوین
  3. الشرق الأوسط
  4. الدولی
  5. ایران
  6. الأقتصاد
  7. تکنولوجیا الفضاء
  8. الثقافة والمجتمع
  9. الریاضة
  10. التقاریر المصورة
  11. الفیدیوهات
  12. الغرافیک
    • فارسی
    • english
    • Türkçe
    • עברית
    • Pусский
  • RSS
  • Telegram
  • Instagram
  • Twitter
  • الرئیسیة
  • کل العناوین
  • الشرق الأوسط
  • الدولی
  • ایران
  • الأقتصاد
  • تکنولوجیا الفضاء
  • الثقافة والمجتمع
  • الریاضة
  • التقاریر المصورة
  • الفیدیوهات
  • الغرافیک

كريمة الشهيد السيد محسن "فؤاد شكر" لـ "تسنيم": من خلدة إلى الخلود: "الخمينيون" وعهد العشرة.. قصص انتصار وهزيمة العدو وختام بالشهادة

  • 2025/11/08 - 15:21
  • الأخبار الشرق الأوسط
كريمة الشهيد السيد محسن "فؤاد شكر" لـ "تسنيم": من خلدة إلى الخلود: "الخمينيون" وعهد العشرة.. قصص انتصار وهزيمة العدو وختام بالشهادة

منذ معركة خلدة التأسيسية، حيث انطلقت شرارة "الخمينيين" و"عهد العشرة" بإيمانهم الذي هزم تفوق العدو، تربينا على أن السرية والثبات ثمناً نفخر به في رحلة الجهاد. غرس فينا والدنا أن المقاومة عقيدة مستمدة من الحسين (ع) وليست مجرد سلاح، فعايشنا غيابه وخطر استشهاده درساً يومياً في التضحية، حتى جاءت الضربة التي دفعته من بناية إلى أخرى ليرتقي إلى الشهادة التي طالما دعا الله أن يختم بها حياته.

الشرق الأوسط

في وجع الفقد وجدنا رفعة وكرامة، وشهدنا كيف تحولت روابط الأخوة في الجهاد مع سماحة السيد إلى رباط أعمق من الدم، حيث أصبح أباً لبنات رفيقه. ليترك لنا إرثاً خالداً: وصية ألا نتردد عن الشهادة، ومشهداً أخيراً يجسد التناغم بين براءة أحفاده بأمنياتهم الطفولية بسقوط العدو، وثقل وصية القائد الأبدية بالثبات حتى النصر.

 

.

 

خاص تسنيم: أمل شبيب/ مهدي بختياري

 

السيد محسن فؤاد شكر , حزب الله , المقاومة , المقاومة الإسلامية , السيد حسن نصر الله , لبنان ,  عماد مغنيه  , جنوب لبنان , بيروت , القدس ,

نبوءة الحياة بين بيروت وجنوب لبنان

في حضرة القصص العميقة والتجارب النادرة، تبرز بعض اللقاءات كنافذة تطل على حياةٍ امتزجت فيها الشجاعة بالحب، والإيمان بالتضحية، وهكذا كان اللقاء مع خديجة لأول مرة، شعرت وكأنني أمام نافذة تطل على عالم من الشجاعة والصبر، عالم حيث تختلط الذكريات العائلية بدروس الجهاد والإيمان. طفولتها لم تكن عادية، فقد نشأت بين السرية والخطر، محاطة بالحب الأبوي والتوجيه الأمومي، تحت جناح والدها "السيد محسن"، القائد الجهادي الكبير، الذي علَّمها منذ صغرها معنى التضحية والإيمان الراسخ بالقضية. في حديثها، تأخذنا خديجة بين دفتي ذكرياتها، لنعيش معها لحظات الانتصار والخسارة، الحزن والفخر، ونكتشف كيف ترسخت في قلبها قيم المقاومة، وكيف أصبح الفقد والشهادة جزءًا من حياتها، كنور يضيء طريقها في كل لحظة.

تبدأ خديجة شكر حديثها، ابنة السيد فؤاد علي شكر والسيد محسن، القائد الجهادي الكبير في حزب الله الشهيد، نحن من قرية "النبي شيت" في بقاع لبنان، وهي نفسها قرية السيد عباس الموسوي. لكن الظروف جعلتنا نعيش بين بيروت وجنوب لبنان حسب مكان عمل والدي. نحن في البيت ست بنات وولد، وأنا الثانية بين البنات.

منذ صغرنا، كانت حياتنا مليئة بالصعوبات، سواء بسبب التنقل المستمر أو الظروف الأمنية المتقلبة، التي كانت أحيانًا تشكل تحدياً حقيقياً لنا. إلا أن والدتنا لعبت دورًا كبيراً في حمايتنا ورعايتنا، بحيث لا تتأثر سلامة والدنا ولا نحن كأطفال بالضغوط المحيطة.

 

السيد محسن فؤاد شكر , حزب الله , المقاومة , المقاومة الإسلامية , السيد حسن نصر الله , لبنان ,  عماد مغنيه  , جنوب لبنان , بيروت , القدس ,

 

صعوبة الطريق وضياء الهدف: السرية.. سعر النصر الذي نفتخر به

"تواصل خديجة سرد ذكرياتها الطفولية، مبينة كيف شكلت الصعوبات اليومية ونمط الحياة السرّي جزءًا من تربيتها ومسارها مع والدها المقاوم، فتقول: "مع كبرنا يوماً بعد يوم وزيادة وعينا، أدركنا أن السرية ونمط الحياة الصعب الذي عشنا فيه، والصعوبات اليومية، هي جزء ضروري للحفاظ على حياة والدنا وضمان سرية عمله المقاوم، قد يبدو هذا الأمر قاسياً على الأطفال في بعض المراحل العمرية، لكن التربية التي نشأنا عليها على يد والدينا علمتنا أن هذه الصعوبات هي جزء من المشاركة في الجهاد.

الحمد لله، شعرنا بالفخر والشرف لأن نكون جزءًا من هذا الطريق، حتى من خلال مهام صغيرة وبسيطة، إذ تعلمنا كيف نعيش هذه الحياة ونتعامل مع تحدياتها بطريقة مسؤولة وصحيحة.

 

السيد محسن فؤاد شكر , حزب الله , المقاومة , المقاومة الإسلامية , السيد حسن نصر الله , لبنان ,  عماد مغنيه  , جنوب لبنان , بيروت , القدس ,

 

حرب تموز.. القسوة التي زادتنا إصراراً

الى حرب تموز نكمل، تقول خديجة بان حرب 2006،  كانت مثل أي حرب أخرى، درساً قاسياً تعلمناه من والدتنا منذ بدايتها: الحرب ليست وقتاً للطمأنينة ولا مناسبة للإطلاع على تفاصيل العلاقة بالمعركة، بل وقت للسرية والحذر. لذلك لم نكن نراه كثيرًا خلال تلك الفترة،  فالوالد كان منشغلاً بإدارة الحرب، وفي الوقت نفسه كنا نعيش مع الخوف المستمر من احتمال استشهاده في أي لحظة دون أن يصلنا خبر.

عندما رأيناه بعد حرب تموز، كان لذلك وقع خاص وحاد علينا، لأننا شهدنا كيف تركت الحرب وراءها شهداءً مجهولين أو مختفين، وتفاجأ ذووهم بعد انتهاء القتال بخساراتٍ كانت مصيرية. بالنسبة لي، أصبح كل يوم بعد عام 2006 بمثابة نهارٍ إضافي و"يوم بونص" مع الوالد، لأننا كنا ندرك أن احتمال فقدانه كان قائمًا.

ثقل هذه الحرب علينا لم يأتِ فقط من غياب الوالد، بل أيضاً من الشهداء ومن الفظائع التي ارتكبتها قوات العدو بحق المدنيين. تصاعد الوحشية والأساليب الهمجية للاحتلال خلال تلك الفترة جعل المعاناة أعظم، ومع زيادة وعينا كنا نفهم أكثر حجم الخطر وقسوة العدو. هذا الوعي المتزايد زاد يقيننا بأننا نسير على الطريق الصحيح، وأن مواجهة عدوٍ يتصرف بهذه البربرية تتطلب صمودًا أكبر، مستشهدين بكلام الإمام الخميني بأن "إسرائيل غدة سرطانية يجب أن تزول".

 

بين علامات الانتماء.. وهدوء الأب

تسترجع خديجة أيام طفولتها، فتحدثنا عن مدى بساطة فهمها لدور والدها المقاوم آنذاك، وكيف أدركت لاحقًا عمق موقعه ومسؤوليته قائلة: "عندما كنا صغارًا، لم نكن نفهم طبيعة حياة المقاومين أو مستوى مسؤولياتهم، وكنا نعرف فقط أن والدنا "في المقاومة" لأن الناس كانوا يذكرون الشهيد بعد استشهاده. ومع مرور الوقت ، أصبح وضع المقاومة الإسلامية في لبنان وحضور حزب الله أكثر وضوحًا، فبدأت تظهر علامات ومعالم تشير إلى انتماء بعض العائلات للمقاومة، وأضحى بالإمكان استنتاج أن والدنا ينتمي لهذا الطريق.

لكننا لم نتدخل أبدًا في تفاصيل عمله أو نتساءل عن موقعه القيادي، وعندما سألناه لاحقاً عن دوره، أجاب بهدوء أن مستوى القيادة ليس مهماً بالنسبة لنا، فالأهم هو أداء الواجب والسير على النهج الصحيح. كان يكرر دائمًا أن التراتبية في المقاومة تهدف لتنظيم العمل فقط، وأن قيمة كل مقاتل واحدة أمام الله، بغض النظر عن موقعه أو منصبه.

ومع ظهور بعض المؤشرات لاحقًا، خاصة بعد عام 2015، اكتشفنا أن والدنا يشغل فعلاً موقعاً قيادياً، إلا أن هذا لم يغير من دوره داخل البيت. فبالرغم من مكانته القيادية، كان في المنزل دائمًا "أبًا" بكل ما تحمله الكلمة من معنى: مهتم بنا وبحياتنا، يسأل عن دراستنا وطموحاتنا، ويحرص على التواصل المستمر معنا مهما طالت غياباته، مؤكدًا أن استقرار الأسرة واهتمامه بأطفالها لا يقل أهمية عن أي مسؤولية عامة يؤديها خارج البيت.

 

السيد محسن فؤاد شكر , حزب الله , المقاومة , المقاومة الإسلامية , السيد حسن نصر الله , لبنان ,  عماد مغنيه  , جنوب لبنان , بيروت , القدس ,

 

غياب الوالد: التواصل عن بعد

وحول غياب "السيد محسن" تكمل خديجة بأن غياب والدنا كان متفاوتًا، ففي بعض الفترات كان يغيب لفترات طويلة جدًا، وأتذكر جيدًا فترة سفره إلى البوسنة حيث اختفى أكثر من عام تقريبًا دون أن نعرف عنه شيئًا. ومع ذلك، كان بارعًا في تعويض هذا الغياب، فكان دائم التواصل معنا، يرسل الرسائل، ويحاول مشاركة تفاصيل حياتنا قدر الإمكان. وكان دائمًا يذكرنا بأن "الله سبحانه وتعالى هو الحامي"، ليزرع في نفوسنا الاطمئنان، وقدرته على جعلنا نشعر بوجوده، رغم بعده وعمله المقاوم، كانت مذهلة. وكان يركز دائمًا على أن التربية الأساسية والمسؤولية تقع على عاتق والدتنا، بينما هو يقدم الدعم والمساندة من بعيد.

 

السيد محسن فؤاد شكر , حزب الله , المقاومة , المقاومة الإسلامية , السيد حسن نصر الله , لبنان ,  عماد مغنيه  , جنوب لبنان , بيروت , القدس ,

 

العهد الأول وبداية الرصاصة الأولى: دماء على درب تحرير القدس 

الى العهد الأول، العهد الذي بدأ بسيطاً ليمتد على طول السنوات ويصبح عهد أمة متمسكة ومتجذرة بهذا العهد، تأخذنا خديجة في حديثها الى تلك البدايات، تقول: "عندما كنا صغاراً، لم نكن ندرك حقيقة ما يجري على الأرض أو مستوى انخراط والدنا في العمل المقاوم. مع ذلك، كان هناك في الأفق بوادر توتر متصاعدة قبل اجتياح العام 1982، فقد تراكمت علامات تدل على احتمالات تدخل إسرائيلي في أكثر من موقع، وليس فقط عند معركة خلدة.

في تلك الفترة تشكلت مجموعة من الشباب تحت قيادة والدي، لم تكن مجموعة صغيرة من عشرة فحسب، بل كان هناك عدد أكبر يعملون ويتدربون إستعدادًا لأي تطورات. ولمّا اشتدّ الوضع السياسي والعسكري نتيجة وجود القوات الإسرائيلية في لبنان، اجتمع هؤلاء الشباب في الجامعة واتفقوا على خوض المعركة دفاعًا عن قضيتهم وفق ما استلهموه من كلام الإمام الخميني آنذاك حول وجوب قتال "إسرائيل". تعاهدوا أن يستمرّوا في القتال حتى الاستشهاد أو حتى ينجحوا في صدّ العدو، وإن حصل استشهد واحد بعد آخر فلن يثنّي ذلك عزيمتهم. كانوا شبانًا ملتزمين دينياً، وروّاد مساجد، ورأوا في القتال دفاعًا مشروعًا عن الأرض والكرامة.

 

السيد محسن فؤاد شكر , حزب الله , المقاومة , المقاومة الإسلامية , السيد حسن نصر الله , لبنان ,  عماد مغنيه  , جنوب لبنان , بيروت , القدس ,

 

 عهد العشرة: العبور إلى خلدة.. رحلة لا عودة

تسترجع خديجة ذكرى واحدة من أهم المعارك التي شهدتها مقاومتهم، فتروي كيف تصرف والدها في وجه العدوان الإسرائيلي على خلدة، تكمل، عندما وصل الإسرائيليون إلى مشارف بيروت في منطقة خلدة، وعلم والدنا بذلك، سارع إلى تجنيد شباب حيه ومنطقته في الأوزاعي، حيث كان يقيم. ضمّت المجموعة التي قادها عشرات الشباب، من بينهم عشرة استشهدوا فيما بعد، وكان من بينهم والدنا. تحرّكوا وفق تقسيمات تكتيكية؛ فبعضهم وقف عند مداخل الأوزاعي تحسباً، بينما تقدمت مجموعة بقيادة والدي إلى خلدة،  التوقّع العام لم يكن أن يعود أحد حيًا، إذ كانت الكفة مائلة لصالح العدو من حيث العتاد والعدد، لكن هؤلاء الشباب أقدموا على المواجهة بروح تضحية واستعداد للاستشهاد.

 

"نحن الخمينيون": الكلمة التي أرعبت العدو وغيّرت المعادلة

 وتواصل خديجة سرد تفاصيل المعركة التي أثبتت قدرة القليل على مواجهة الكثير، فتصف ما حدث بعدها بدقة وإثارة، وما شهدته المعركة لاحقًا أثبت أن "كمًّا قليلاً غلبَ كثيرًا"؛ فقد انخرطت مجموعات أخرى في ساحة القتال، وحدثت اشتباكات عنيفة، وفي النهاية تمكنت مجموعة المقاتلين، بمن فيهم والدنا، من إلحاق خسائر بقوات العدو، والاستيلاء على دبابة وبعض معدات العدو، والتحرير من حصار كان يعيق عمل صحفيين محتجزين في المنطقة. عندما سألت مراسلة أجنبية عن هوية هؤلاء المقاتلين، أجاب والدنا ببساطة: "نحن الخمينيون"، في إشارة إلى أن الدافع الرئيس لقتالهم كان الامتثال لخطاب الإمام الخميني والدفاع عن القضية. ذلك اللقب كان ربما غريبًا على السامعين آنذاك، لكنه عبّر بدقّة عن روح المجموعة ومصدر تحفيزها.

 

من مجموعة خلدة.. إلى أمّة مقاتلة

وتكمل خديجة سردها لتكشف كيف أصبح هذا الحدث رمزًا للقوة والإرادة، وأعاد رسم خريطة الشجاعة في النفوس، عاد والدنا ومعه رفاقه بعد المعركة، حاملاً آثار المواجهة والدبابة التي استولوا عليها، فيما تناقلت الأوساط المحلية عن قصة وقدرة هؤلاء  القلة من الشجعان على مجابهة قوة أكبر. ولعلّ هذا الحدث كان شرارة استنهاض أوسع للشباب، ومصدر إلهام لانخراط أوسع في مسارات المقاومة التي تطورت لاحقًا وأسهمت في تشكّل ما سُمي لاحقًا بـ "حزب الله". قبل تلك اللحظة، كان يخيّل إلى كثيرين أنه لا سبيل لمواجهة العدو المجهز بكامل عتاده، لكن ما حدث في خلدة غيّر هذه القناعة في أوساط البعض وأطلق دينامية جديدة في الطريق المقاوم.

السيد محسن فؤاد شكر , حزب الله , المقاومة , المقاومة الإسلامية , السيد حسن نصر الله , لبنان ,  عماد مغنيه  , جنوب لبنان , بيروت , القدس ,

 

عهد العشرة.. رفاق خالدون في قلب القائد

تتأمل خديجة في ذكريات والدها، لتروي كيف كان كل واحد من "عهد العشرة" بالنسبة له حياة ملهمة، وقصّة وفاء لم يزِل أثرها عن قلبه وروحه، بالطبع، هذه القصص سمعناها مرارًا وتكرارًا من كثير من الأشخاص، لكن بالنسبة لي، ومع بداية فهمي العميق لتجربة المقاومة وحزب الله، كان لفهم ما يُعرف بـ"عهد العشرة" وقع خاص. كان الوالد يحكي عن كل واحد من هؤلاء التسعة بطريقة مختلفة، تُظهر قربه الكبير من كل منهم. كان يحدثنا عن كل واحد بأسلوب يُبرز صفاته وخصائصه المميزة؛ فكان له نظرة قيادية لأحمد شمص، ويذكر الشهيد سمير مطوط بتفاصيل دقيقة، ويتوقف عند حسن شومان، لم يكن ضمن مجموعة العشرة ولكنه استشهد لاحقاً، ليشير إلى شجاعته وإخلاصه.

وكان الوالد يروي بابتسامة خفيفة وروح مرحة تفاصيل عن الشهيد أسعد برّو وحسن شكر، ثم ينتقل إلى الإخوان الآخرين مثل محمد حسونة عاصي زين الدين وجعفرالمولى ومحمد يوسف. كل واحد منهم كان يحمل صفة معينة جعلته قريبًا جدًا إلى قلب الوالد، ولم يكن هناك من يعلو على الآخر في الأهمية، لكن تأثير بعضهم على الوالد كان واضحًا جدًا.

وكان من أصعب اللحظات بالنسبة له، والأثر الأكبر على قلبه، استشهاد بعض هؤلاء، مثل سمير، حسن، وجعفر المولى، بالإضافة إلى مصير جثامينهم التي أخذها الإسرائيليون لفترة طويلة. استعادة هذه الجثامين بعد سنوات، وخصوصًا جثمان الشهيد سمير مطوط، كانت لحظة مؤثرة للغاية؛ إذ حاول الوالد حينها التعرف على كل جثمان وتحديد هويته، ليمنح كل شهيد حقه ويكرم تضحياتهم، وهو ما يعكس عاطفته العميقة وحرصه على الوفاء للذين ضحوا بحياتهم في سبيل القضية.

 

السيد محسن فؤاد شكر , حزب الله , المقاومة , المقاومة الإسلامية , السيد حسن نصر الله , لبنان ,  عماد مغنيه  , جنوب لبنان , بيروت , القدس ,

حرّاس الوصية: من الحسين الى سليماني

تتأمل خديجة في أثر والدها في حياتها، وتكشف كيف كان قلبه الكبير يتسع لكل واحد من العائلة وللرفاق على حد سواء، وكيف أن تربية المقاومة والقيم لم تكن مجرد كلام بل حياة عاشوها وعايشوها معه يومياً، تضيف:  "كلٌّ منا كبنات شعرنا دائماً بأنّنا الأكثر تميّزًا في عيني والدنا؛ فكان يعامل كلّ واحدة منا بعطف خاص، ويمنح كلًّا منا شعورًا بالأهمية والمحبة. تعلّمنا منه طريقة التفكير، وحبّ المعرفة، وتعاطيه مع القرآن الكريم، وكان له دور بارز في تربية أحفاده على نهج المقاومة وقيمها. كان يردّد دائماً أن المقاومة ليست مجرد قدرات عسكرية، بل هي عقيدة راسخة ومنهج مستمد من تضحيات الإمام الحسين وروحه.

لأنّ الوالد كان شاهداً ومنخرطاً منذ البدايات في مسيرة المقاومة، فقد عاش وعايش أسماء ووجوهاً يعتبرها قاسماً مشتركاً بين الماضي والحاضر: من سيد عباس والمجاهدين الأوائل إلى الحاج عماد مغنية ورفاقه، مروراً بمن عرفوه لاحقاً كأسماء وطنية وإقليمية، وصولاً إلى الحاج قاسم ومحطّاتٍ عديدة أخرى. بالنسبة إليه، كان كلُّ مجاهد شريكاً في الطريق، ولا يميّز في المحبّة بين واحد وآخر منهم.

عندما تطلَب مني المقارنة في شدّة الوجع عند وفاة هذا أو ذاك من القادة، أعترف بأنني لا أستطيع الفصل أو ترتيب الأحاسيس؛ فقد رأيته في لحظات الفقد صامداً وثابتاً، رجل موقفٍ أكثر مما هو رجل حزن. كان يفرّق دوماً بين عاطفته الخاصّة تجاه الرفاق وبين واجبه كقائد وكقدوة؛ ففي لحظة الاستشهاد لا يظهر الحزن ليقوّي عزم الآخرين، بل يعلن بصموده أن الشهادة لن تُضعف المسيرة بل ستزيدها إصراراً وثأراً. هذا الموقف أعطى من حوله دفعاً للمواصلة، وجعله يكرر دوماً أن رحيل القائد ليس نهاية الطريق، بل وقود يستنهض النفوس للمضيّ قدماً.

 

السيد محسن فؤاد شكر , حزب الله , المقاومة , المقاومة الإسلامية , السيد حسن نصر الله , لبنان ,  عماد مغنيه  , جنوب لبنان , بيروت , القدس ,

 

ظلّ الشهداء: بصماتهم الخالدة في  القلب

مع كل ذكرى للشهداء، تروي خديجة ذكرياتها عن والدها، وكيف صاغ قلبه حزن الشهداء ليصبح مصدر عزيمة وإلهام لكل من حوله، تقول هنا : "لا يخرج من ذهني شكل الوالد في لحظة استشهاد الحاج عماد،  ورغم أنهما كانا معًا قبل دقائق من وقوع الحدث، ومع علمي بمدى المحبة والمكانة التي يكنّها الوالد للحاج عماد، فإنّ ما بقي محفورًا في قلبي هو موقفه الصلب وشجاعته في تلك اللحظة. رأيته يواسي ويحضن من حوله، يحاول بلطفٍ أن يخفف عنهم ويهيئ النفوس على أن تُحوّل ألم الفقد إلى دافع أقوى للاستمرار: شهادة الحاج عماد يجب أن تعطينا دفعًا أكبر لنكمل".

هذا الموقف ليس مسألة تحديد على أيٌّ من الشهداء يحزن أكثر، بل هو سؤالٌ عن من صاغ في قلب الوالد همة أقوى، ومن شحذ عزيمته ليقف ويقول إنّ على الجميع أن يتّخذ من الدم وقودًا للمسيرة. لقد أدركنا أن العدو، مهما امتدّت قوّته، لا يفهم أن كل اعتداء يزيد قدرة المقاومة على الاستنهاض؛ لقد تعلّمنا من كلمات الوالد أنّ الموت لا يضعف الإرادة بل يوقظها. طوال حياتهم، قدم هؤلاء الرفاق تضحيات متدرجة - من الوقت والصحة والراحة واللحظات العائلية - حتى بلغوا أعلى مراتب العطاء، وهي التضحية بالنفس. نحن ننظر إلى تضحياتهم بمنظارٍ مختلف: ليس فقط حزنًا على الفقد، بل فخرًا بمسيرة أُهديت بأكملها لقضية اعتُبرَت عندهم واجباً ومبدأً.

أما من جهة التأثير الشخصي، فكل شهيد كان له وقع خاص لا يُقاس. رأيتُ الوالد يتألم لحظة فراق الحاج قاسم، وشعرتُ بحرقة عميقة في قلبه، لكنني أيضاً شاهدتُ كيف يتحول هذا الوجع إلى ثبات وحزم. كان دائماً يُفرّق بين حبه العميق للرفاق وواجبه كقائد يُستنهض به الآخرون؛ فصموده في لحظات الفقد كان بمثابة درس في القيادة الحقيقية. في نظره، الشهداء جميعاً متحدون في المصير والأجر؛ ومثلما قال سماحة السيد عن من يُستند إليهم في الضيق، كان الوالد مثالًا لذلك الثبات، مثالًا على أن الفقد يُقوّي العزيمة ولا يُضعفها.

 

الوداع الصامت:ذكريات لا تموت مع الأب القائد"

 في ذلك اليوم الأخير، حيث تهادت نسمات اللقاء العائلي مع نذْرِ القسم الأخير، لم نكن نعلم أن أمنية طفلةٍ ستصبح الوصية الخالدة لقائد، مع هذه الحادثة تحدثنا خديجة عن آخر اللقاءات مع "السيد فؤاد"، تضيف: في الفترة الأخيرة كانت زياراته ولقاءاتنا معه تتكرر بحس بما تسمح له ظروفه، فاليوم الذي سبق  استشهاده بقي حاضراً في ذهني: رأيته بلقاء عائلي عادي، لكن يوم الاستشهاد كان مختلفاً، كان بيننا الكثير من الاتصالات طوال النهار، وكان بين هذه الاتصالات حديثٌ قصير بينه وبين أولادي أيضاً،  آخر اتصال بيني وبين الوالد جاء قبل دقائق من وقوع الحدث، كان المشهد العائلي ذلك النهار ملفتًا: كان اولادي يلعبون مع بعضهم، وابني يسأل ابنتي الصغيرة إذا كانت لديها أمنية  ومعك مصباحاً سحرياً ماذا تتمنين؟ فأجابت ببساطة أن أمنياتها الأساسية أن تزول "إسرائيل".

ردُّ ابني على إجابة أخته كان طفوليًا لكنه مؤثرًا؛ قال لها: "نحن لا نحتاج الى مصباح سحري لهذه الأمنية، كفي إنك تقوليها لجدنا السيد". هكذا كان تصور أولادنا لجدهم ورفاقه: أبطال خارقون في أعينهم، ومقتنعون أن زوال العدو سيكون على أيدي هؤلاء، لا بفعل سحري، بل عبر مقاومة يروْنها قادرة على التغيير. حينها اتصلت بالوالد فألحَّ عليّ أن يحدث ابني مباشرة، وطلب منه أن يكتب ورقة فيها الأمنيات الحقيقية التي ينبغي أن نطلبها من الله، أمنيات متعلقة بالآخرة وقيم خالدة، رغم صغر سنه. وكان نصيحته عملية وواضحة: أن يدوّن الولد ما ينبغي أن يسأل الله عنه فعلاً، ويضعه جانباً كنوع من التذكير والالتزام.

وأكثر ما لفت انتباهي فيما بعد هي وصايا الوالد التي عُرضت علينا لاحقاً؛ فقد كان دائماً يوصي أخانا محمد أولًا، وبعد أن صار لدينا أبناء، أضاف في رسالته نصيحة موجّهة لنا نحن الأبناء والأحفاد: "إذا أُتيحت لكم فرصة الشهادة أو القتال في سبيل الله فلا تتركوا ذلك لأي سبب كان". كلماتٌ صادمة في بساطتها، لكنها تعبّر عن قناعة عميقة ورغبة صادقة في الاستمرار في الطريق الذي آمن به. لا تزال تلك الحادثة تلقي بظلالها في ذهني، بين اللحظات العائلية الودّية والرسائل الكبيرة التي يحملها الأب، بين بساطة ألعاب الأطفال وطموحاتهم الطفولية، وبين ثقل القرار الذي عاشه ووصاياه الأخيرة.

 

غموض الهدف وغياب اليقين

"في اللحظة التي هزت فيها القذائف الضاحية، لم نكن نعلم أن صمتنا الذي تربينا عليه - ذاك الدرس العائلي في عدم السؤال عما لا يعنينا - سيصبح أقسى امتحان نواجهه"، ما أصعب تلك اللحاظت على قلب عائلة انتظرت عودة المجاهد الكبير، تقول خديجة عندما وقعت الغارة على الضاحية، استهدفت إحدى المباني في المنطقة. ونحن بطبيعة الحال لا نعرف مكان الوالد، فلا نعرف موقع عمله، ولا نعرف إن كان في تلك اللحظة يعمل لدى سماحة السيد أم أن له جلسة في مكان آخر. إذ أن تنقلات الوالد من الأمور التي لا نعلمها، ولم نعتد أن نسأل عنها منذ صغرنا. نحن لا نعرف شيئًا عن أماكن وجوده، وهذا أيضاً من مصاديق التربية الحسنة التي ربتنا عليها الوالدة، ألا وهو عدم الكلام فيما لا يعنينا، لذا حينما وقعت الضربة، لم تكن لدينا - في الحقيقة - أي فكرة عن الشخص المستهدف، ولا نعرف أساساً هل ينتمي ذلك المكان إلى أحد الأماكن التي يتواجد فيها أحد مراكز أو مكاتب الوالد.

 

انتظار اليقين

الى لحظات الانتظار المرهقة والقلق الذي سيطر على الأسرة أثناء وقوع الغارة على الضاحية ننتقل في لقاءنا، في مثل تلك اللحظات الحاسمة، كنا دائماً نترقب اتصالًا من الوالد أو أي إشارة منه تطمئن قلوبنا، تقول خديجة، لم يكن الأمر يخصه وحده، فمجرد اتصال منه، أيًا كان محتواه، كان يهبط كالسكون على نفوسنا ويمنحنا الاطمئنان. في تلك الليلة، وبعد وقت قصير من وقوع الغارة، أخبرنا الإخوة أن الوالد كان في ذلك المبنى لحظة الضربة. لكنهم أضافوا أنهم لا يملكون خبرًا واضحاً عنه في الحال، إذ كانت تظهر جثث وشهداء من داخل المبنى، وفي المقابل كان هناك أناس على قيد الحياة يظهرون أيضاً. وبدأت عملية البحث والتقصّي: يظهر هنا شخصٌ مصاب، وهناك آخر حيٌّ سليم، وهكذا مضى النبش عن المفقودين. كنا ننتظر بوجم وترقّب، والأيام امتدت من يومٍ إلى يومٍ آخر بلا يقين.

 

نهاية انتظار.. بداية شهادة

لم تكن تلك الأربع وعشرون ساعة مجرد انتظارٍ على أنقاض، بل كانت امتحاناً وجودياً لكل ما زرعه الأب فينا من إيمان واستعداد، ليس على قلب خديجة وعائلتها، بل على كل جمهور وشعب المقاومة، تكمل خديجة حديثها، كانت تلك الفترة من أصعب الفترات؛ كنا في حالة انتظارٍ مريرة لنعرف إن كان الوالد حيًا أم استشهد، هل هو تحت الأنقاض أم تمكن من الخروج؟ سادت حيرةٌ وقلقٌ شامل، حتى في نفس سماحة السيد. صدرت لاحقًا بيانات تفيد بأن السيد محسن موجود داخل المبنى وأن العمل جارٍ لرفع الأنقاض بدقة لأن مصيره لم يتضح بعد. يمكن أن أقول بصراحة إن الانتظار كان امتحانًا عسيراً، لكنه أيضًا كان مجالًا للانكشاف: فقد علّمنا الوالد عبر السنين معنى الاستعداد للشهادة وكيف نهيئ أنفسنا لليوم الذي قد يأتي فيه الخبر. تعلمنا كيف نرتب أولوياتنا فكرياً وعملياً في لحظة المواجهة، وكيف نستلهم الصبر والسكينة من كل ما غرسه فينا.

ثم، بعد يومٍ طويلٍ عساه أن يطول، بل بعد نحو أربعٍ وعشرين ساعة، تبيّن أن الضربة قد دفعته من بناية إلى أخرى، وعُثر أخيرًا على جثمانه. ومع العثور على الجثمان، أعلنوا رسميًا نبأ استشهاده. كانت تلك نهاية انتظار مرّ، وبداية لحزن عميقٍ مصحوب باعتراف داخليٍّ بالقضاء والقدر، وبالامتنان لأننا مررنا بتلك اللحظة ونحن مؤهَّلون نفسيًا ومعنويًا بما علّمنا إياه والدي من ثبات وإيمان.

 

حين يصبح الفقد رُفعة: حزن القائد.. إرث الشهيد

الإستشهاد ليس مجرد خسارة نبكيها أو نندبها، بل لحظة اكتمال وعد إلهي، حيث تحولت دماؤه الطاهرة إلى شعلة أضاءت درب المقاومة، ورفعته إلى مصاف الخالدين."، لله الحمد، تضيف خديجة، أسرتي أسرة مقاومة محتسبة، نشأت على يدي والدٍ ووالدةٍ يدركان تمام الإدراك معنى أن يُستجاب دعاء والد نذر حياته لله، بأن يختمها بالشهادة، وهي أفضل الخواتيم.

 كانت أمي وأخواتي في أسمى درجات الصبر والرضا والاحتساب، وكانوا على قدر المسؤولية، كما هي حال كل عوائل شهداء حزب الله الذين يُثبتون للعدو في كل مرة أن أقصى ما يمكنه فعله هو أن يقتل آباءنا وإخواننا وأبناءنا، وهذا في ميزاننا ليس خسارة بل رفعة وكرامة. فالموت في سبيل الله، وعلى يد عدوٍّ قضينا أعمارنا في مقاومته، هو أسمى أشكال الحياة، وهو البرهان الصادق على الثبات وعدم التراجع عن نهج الجهاد.

كان لخبر استشهاد والدي وقعٌ قاسٍ ومؤلم في القلب، لكنه لم يكن حزنًا شخصياً فحسب؛ فقد رأيت أثره في وجوه الأحبة، والأقارب، وأهل المقاومة جميعاً. ترك استشهاد السيد محسن أثراً عميقاً فيهم، وكان الأشد وقعاً على قلوبنا ما لمسناه من تأثر سماحة السيد نفسه.

لقد كان وقع الخبر على سماحة السيد ثقيلًا، ولم يكن يسيراً عليه. كنّا نعتقد أن العلاقة التي تربطه بوالدي هي علاقة أخوّة وصحبة في درب الجهاد والعمل المشترك ضد العدو، علاقة متينة عرفناها منذ طفولتنا، لكن بعد استشهاد الوالد أدركت أن الرابط بينهما أعمق بكثير مما كنا نظن.

أدركت ذلك من نبرة صوته حين اتصل بنا، من كلماته التي حملت صدق الحزن، ومن إحساسه بالمسؤولية تجاهنا. قال لنا يومها إنه يعتبر نفسه أباً لنا، وإنه لم يفقد رفيقاً فحسب بل أخاً عزيزاً، وإنه اليوم صار له ست بنات بدلًا من بنت واحدة. وفعلاً، نحن شعرنا بذلك في كل موقف، في رعايته، في قربه المعنوي منا، وفي دفء إحساسه الذي خفّف عنا ألم الفقد، حتى لحظات استشهاده ايضاً، وأذكر أنني حين نظرت إلى جثمان والدي لحظة الوداع، أحسست بمشاعر متشابكة يصعب وصفها...

 

الختام

مع انتهاء حديث خديجة، شعرت وكأننا مررنا معها عبر الزمن، بين لحظات الطفولة البريئة، وتضحيات والدها وشهداء الطريق، وحتى أصعب فترات الانتظار والوداع. كانت كلماتها تنبض بالمحبة والاحترام والفخر، وتكشف عن عمق الرابط بين الأسرة والمقاومة، وعن قوة الإيمان التي تشربتها منذ نعومة أظافرها. ترك اللقاء أثرًا عميقًا في القلب، فبين الحزن العميق والشوق والذكريات المؤلمة، برز شعور بالعزة والفخر، بأن يكون لأب مثله أثر خالد في حياة أولاده، وفي مسيرة كل من عرفوا طريقه. كانت لحظات اللقاء أكثر من مجرد حكاية، بل كانت درساً حيّاً عن الصبر، والوفاء، والإصرار على السير على درب الحق مهما عظمت التضحيات.

/إنتهى/

 
R1694/P1376
المواضيع ذات الصلة
  • حزب الله
  • المقاومة
  • المقاومة الإسلامیة
  • السید حسن نصر الله
  • لبنان
  • عماد مغنیه
  • جنوب لبنان
  • بیروت
  • القدس
  • السید محسن فؤاد شکر
tasnim
tasnim
tasnim
  • من نحن
  • اتصل بنا
  • الأكثر قراءة
  • الأرشيف
مواقع التواصل الاجتماعي
  • RSS
  • Telegram
  • Instagram
  • Twitter

All Content by Tasnim News Agency is licensed under a Creative Commons Attribution 4.0 International License.