وأشار الياسر في مقابلة خاصة مع وكالة تسنيم الدولية للأنباء، أن فصائل المقاومة العراقية تعمل الآن على ملف أمني متقدم جداً، يشمل كيفية تحصين القيادات، والاستفادة من التقنيات الحديثة في الاتصالات، وكيفية تحصين مقرات فصائل المقاومة الخاصة.
ونوه الى ان مشاركة فصائل المقاومة العراقية في عملية اسناد المقاومة الفلسطينية بعد الـ 7 من أكتوبر، أعطت قدرة لاختبار قدرات وإمكانات فصائل المقاومة، بحيث كانت المسافة ما بين العراق وفلسطين، مسافة كبيرة جداً، لكن اليوم لم تعد المسافات مؤثرة بعد التجربة الكبيرة التي امتلكتها المقاومة بعد المشاركة في عملية الاسناد.
وأشار فراس الياسر الى انه في السابق ربما كانت الأهداف معروفة في حالة الصدام مع الولايات المتحدة أو مع الكيان الغاصب، لكن المقاومة الإسلامية العراقية الآن في طور تحديث أهداف غير مألوفة، وأنها ستؤلم وتؤثر على الكيان الغاصب والوجود الأمريكي في العراق وفي المنطقة، في حال وقوع معركة.
وأردف قائلا: التطور الحاصل لدى القوة المسلحة اليمنية في التقنيات الصاروخية وفي عمليات الاستهداف وفي الـ "جيبيإس" وغيره من الأمور الخاصة بعمليات الاستهداف، هو تطور كبير وبالتالي هناك تعاون وتنسيق ويمكن لفصائل المقاومة وبالتحديد حركة النجباء الاستفادة من هذه القدرات وهذا التطور في السلاح.
وأشار الى أن الشعب العراقي يفهم التلاعب بالمفاهيم والمصطلحات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الراهن، وهي لا ترغب بالخروج من العراق، لأن العراق يشكل موقع استراتيجي ومهم لإدارة ملفات المنطقة بالنسبة للأمريكيين.
وتطرق فراس الياسر الى ما أعلنته وزارة الخارجية الامريكية، من أنه لا نية لأمريكا بالخروج من العراق، بل هناك انتقال في المهام فقط، معتبرا ان هذا الموقف يشكل تواجد غير شرعي وفق مفردات المقاومة الإسلامية، وان الوجود الأمريكي غير صديق للعراق، وبناء على ذلك فان استهداف هذا الوجود من قبل فصائل المقاومة العراقية يعتبر أمرا شرعي.
وشدد على أن المقاومة الإسلامية، وبالرغم من مراعاة الظروف الحالية في العراق وفي المنطقة، الا انها لا يمكن أن تركن وتقبل ببقاء القوات الأمريكية ولا أستبعد في أي لحظة أن يعاد استهداف القواعد الأمريكية.
وفيما يلي نص الحوار الذي أجراه مراسل وكالة تسنيم الدولية للأنباء مع فراس الياسر، عضو المجلس السياسي لحركة النجباء العراقية.
.
تسنيم: بسم الله الرحمن الرحيم، تحياتي لك، السيد فراس الياسر، عضو المجلس السياسي لحركة النجباء، وشكراً جزيلا لك على إتاحة هذه الفرصة لنا لطرح بعض الأسئلة، معظمها حول فصائل المقاومة العراقية، وخاصة حركة النجباء. إذا سمحت لي، دعني أبدأ المقابلة بسؤال نوقش على نطاق واسع في وسائل الإعلام الإقليمية ودول المنطقة في الأيام الأخيرة؛ بحيث كان ذلك تعليقاً للسيد ثابت العباسي، وزير الدفاع العراقي. قال إنه أجرى محادثة قبل بضعة أيام مع وزير الدفاع الأمريكي وأن الأمريكيين حذروا العراقيين من أن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءً مهمًا في المنطقة وأنهم حذروا فصائل المقاومة العراقية من الرد على هذه القضية. الآن، السؤال الذي يطرح نفسه هو، أولاً وقبل كل شيء، ماذا يمكن ان يكون هذا الحادث الذي قال الأمريكيون إنه سيحدث، ولماذا أعلن الأمريكيون هذا التحذير علناً للمسؤولين العراقيين في هذه المرحلة؟
فراس الياسر: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، تحية لكم و لهذه الوكالة المميزة و للشعب الايراني المجاهد والصابر. نعم فيما يخص هذا السؤال يعني أنه بعد عام 2011 ومشاركة فصائل المقاومة في الزام و اخراج القوات الامريكية من العراق أصبح هنالك نظرة عميقة لدى الكيان الغاصب و لدى الولايات المتحدة الامريكية في مدى أهمية هذه الفصائل وقدراتها في كسر معادلات الردع في المنطقة.
أيضًا بعد مشاركة فصائل المقاومة العراقية في معركة طوفان الأقصى حيث بدئت عمليات فصائل المقاومة العراقية بالتحديد بعد 10 ايام من انطلاق طوفان الأقصى، وصلت ما يقارب عمليات فصائل المقاومة تجاه الأراضي المحتلة 331 عملية فقط في الأراضي المحتلة من مجموع 630 عملية قامت بها فصائل المقاومة العراقية في الساحة السورية و في الساحة العراقية و في الأراضي المحتلة.
أعتقد في منظور الولايات المتحدة الامريكية أن العراق ساحة معقدة، وفيها عدة ترابطات وفيها عدة أمور يمكن أن تؤثر على أي حركة عسكرية حالية أو في المستقبل في الساحة العراقية. منها وجود المرجعية الدينية في العراق و مدى تأثيرها في الفتوى؛ في عام 2014 الفتوى التي أصدرتها المرجعية الدينية و على ضوئها تشكّل الحشد الشعبي وتم دحر داعش. أيضًا هذه الفصائل متعددة وليس فصيلاً واحدًا؛ كثرة هذه الفصائل وإعلان عداوتها للولايات المتحدة أيضًا هذا عامل قوة يمنع الولايات المتحدة الامريكية من اتخاذ أي قرار بسهولة تجاه الساحة العراقية.

أيضًا وجود الإرادة الشعبية والعمق الشعبي الذي تملكه فصائل المقاومة الآن؛ عمق كبير وهناك تأييد شعبي كبير لمشاركة فصائل المقاومة العراقية في إسناد غزة. فلذلك أي تعامل مع الساحة العراقية سوف يكون محفوفًا بالمخاطر الاستراتيجية على الولايات المتحدة الامريكية وعلى الكيان الغاصب. لذلك نعلم أنه ما بعد طوفان الأقصى أصبح هنالك قناعة لدى الولايات المتحدة الامريكية والإدارة في الكيان الغاصب، أن الساحة العراقية، هي ساحة تمثل تهديدًا مباشرًا على الكيان المحتل خاصة بعد ما اعلن نتنياهو «إسرائيل الكبرى» والذي قال يجب أن تنفّذ هذه الخريطة في المنطقة.
الولايات المتحدة الامريكية ترى في العراق عقبة كبيرة و على الخصوص بوجود فصائل المقاومة والحشد الشعبي. أيضًا اندماج فصائل الحشد الشعبي وفصائل المقاومة في مؤسسات الدولة العراقية، يعني الحشد الشعبي اليوم لديه غطاء قانوني. هذا الغطاء القانوني يحفظ الحشد من الناحية الدستورية والقانونية والشرعية. هذا أيضًا أصبح يمثل إزعاجًا للولايات المتحدة الامريكية. لذلك هي مانعت تمرير قانون هيكلة الحشد وتنظيمه في المراحل الأخيرة وهددت البرلمان العراقي وهددت الحكومة العراقية.
الآن هنالك مجموعة من التصريحات آخرها ما ذكرته انت؛ تصريح من وزير الخارجية و تهديد إلى وزير الدفاع العراقي بأن هنالك عملية، ونخشى من فصائل المقاومة أن تشارك بالرد على هذه العملية. أولا نسأل ما هو احتمال ذهاب الولايات المتحدة الامريكية أو الكيان الغاصب إلى عملية عسكرية و في أي مساحة؟، التصعيد الآن واضح باتجاه لبنان. التصعيد باتجاه اليمن. الآن الولايات المتحدة الامريكية ربما تدرس وتداول مع الكيان الغاصب ما هي الساحات المستهدفة؟، لذلك أعتقد وهذا يؤكد ما قلته أن العراق يمتلك قوى وقدرات عسكرية كبيرة وزخم شعبي كبير.
لذا أقول يمكن للعراق أو لفصائل المقاومة في حال وجود عملية عسكرية أو استهداف للعراق أن تذهب فصائل المقاومة إلى فتح باب التطوع للشباب العراقي، ونعتقد بل نجزم أنه خلال أيام معدودة سيلتحق مع فصائل المقاومة الآلاف من الشباب العراقي. العراق الآن يعتبر خزان بشري كبير من الذين يؤمنون بفكر المقاومة ويؤمنون بالدفاع عن القضية الفلسطينية.
هذه التهديدات جاءت مع اقتراب الانتخابات العراقية. وهذا جزء من الضغط والابتزاز والمساومة التي تمارسها الولايات المتحدة الامريكية تجاه الواقع العراقي. استهداف الساحة اللبنانية أو ربما نقول أكثر، ممكن استهداف الساحة الإيرانية أو استهداف الجمهورية الإسلامية وإن كان في المنظور القريب بعد معركة الـ12 يوم أثبتت الجمهورية الإسلامية حسن الإدارة وحسن القيادة وقدراتها على تدمير مؤسسات حيوية في إسرائيل.
ربما لا تذهب إسرائيل إلى هذه الخطوة، ولكن بشكل عام التحذير متوجه إلى الساحة العراقية. وأيضًا قبل فترة من الآن صرح نتنياهو في اجتماع الأمم المتحدة إننا نهدد الساحة وفصائل المقاومة العراقية؛ في حال تم استهداف الكيان الغاصب من قبل فصائل المقاومة العراقية، فإننا سوف نرد على هذه الفصائل. هذا الكلام يؤكد أن هنالك ارق وقلقًا لدى الإدارة الأمريكية من فصائل المقاومة العراقية.

والتصعيد الإعلامي الحاصل الآن في العراق، منع تمرير قانون الحشد، الضغط بإرسال مبعوث أمريكي؛ بحيث بدء عمله في العراق من خلال ارسال رسائل غير مطمئنة وهاجم فصائل المقاومة وطالب الحكومة العراقية بنزع سلاح المقاومة. أيضاً هذه الرسالة الأخيرة لوزير الخارجية، كل هذه الرسائل الآن مغزاها واحد، هو محاولة الضغط على الساحة العراقية، وأعتقد هذا إن دل على شيء فإنه يدل على خلو يد الولايات المتحدة الأمريكية من أي أوراق ضغط أخرى.
هي الآن تراهن في المنطقة على نزع سلاح غزة ونزع سلاح لبنان والآن على نزع سلاح المقاومة. لم يتحقق ما تصبو إليه الولايات المتحدة الأمريكية لا في غزة ولا في لبنان، والعراق أصعب الساحات. تصريح رئيس الوزراء العراقي السيد السوداني خلال الأيام الماضية، عندما قال إن سلاح المقاومة مرتبط بالوجود الأمريكي. هذا الوجود، متى ما خرجت القوات الأمريكية يمكن أن يُنظر في هذا السلاح، أي سلاح المقاومة.

فبالتالي نعتقد هنا ما يجري الآن ربما هو تهيئة لعملية عسكرية أو لا. هو مجرد تصعيد إعلامي وضغط على الساحة العراقية بالتحديد لأننا مقبلون على انتخابات. أعتقد الخشية الأمريكية هي أنها تخشى من حصول قوى المقاومة العراقية على مقاعد كبيرة داخل البرلمان وهذا بدوره سوف يؤثر على مسار الحكومة القادمة. وفي رؤية المقاومة الإسلامية العراقية وحركة النجباء بالتحديد، أنه لا يمكن المساومة على سيادة العراق. خروج المحتل قرار لا رجعة فيه، والآن ننتظر كمقاومة عراقية إجراءات الحكومة خلال السنة القادمة لإخراج هذه القوات.
تسنيم: شكراً لك. سأعود إلى الموضوع الأمريكي، لكن كنت أريد أيضاً أن أطرح سؤالاً عن إسرائيل. مؤخراً وسائل الإعلام الإسرائيلية نشرت تقريراً وقالت فيه إن العراق قد وضع على جدول أعمال الجيش والموساد الإسرائيلي، وأن التركيز يقع خاصة على فصائل المقاومة العراقية وذكروا أسماؤها بصراحة مثل كتائب حزب الله وحركة النجباء، وقالوا إننا نضغط على الحكومة العراقية لكي تكبح هذه الجماعات. في هذا التقرير قيل إن هناك تهديدين متصورين من العراق: أحدهما إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة كما حدث تقريباً في العامين الماضيين، والآخر عمليات برية قد تهدد إسرائيل عبر العراق وسوريا والأردن. هذا التقرير الذي نشرته هذه الجهات، هل يعني أن إسرائيل لديها خطة لمهاجمة فصائل المقاومة في العراق؟ وإذا حدث ذلك، ماذا سيكون رد فصائل المقاومة؟
فراس الياسر: فيما يخص هذا السؤال، هذا يحتاج فهم عدة أمور. أولاً أن هذه التهديدات من قبل الكيان الغاصب وما ورد في الصحف الإسرائيلية من تقارير وذكر حركة النجباء، وكتائب حزب الله، هذا أولاً يؤكد أن فصائل المقاومة العراقية قد وصلت سابقاً في ضرباتها وعملياتها إلى العمق الإسرائيلي. أيضاً يؤكد أن هذه العمليات كانت مؤثرة وقد استهدفت منشآت حيوية ومهمة للكيان الغاصب. أيضاً في عام 2024 كانت هناك عمليتان مهمتان، الأولى هي عملية برج 22 التي استهدفت قاعدة عسكرية في شرق الأردن وأدت إلى مقتل اثنين أو ثلاثة وإصابة عدد كبير من القوات الأمريكية، والعملية الثانية كانت خلال معركة طوفان الأقصى واستهدفت قواعد إسرائيلية ولواء جولاني، وكانت هذه العملية دقيقة من قبل فصائل المقاومة الإسلامية وسقط خلالها قتلى وعدد كبير من الجرحى الإسرائيليين.
هاتان العمليتان أكدت أن فصائل المقاومة العراقية تمثل تهديداً وخطراً كبيراً وتمتلك تكنولوجيا وتقنيات عسكرية قد تصل إلى العمق الإسرائيلي. هذا يشير إلى أن هناك قوة فاعلة حقيقية داخل العراق. من جانب آخر، هذا التهديد أيضاً فيه جانب آخر أو قراءة أخرى، وهي محاولة إيجاد ذرائع للتحرش بالساحة العراقية. يعني هذه التصريحات وتراكمها وتسارعها لحد هذا اليوم، تصريحات وزارة الخارجية الأمريكية ترد على تصريحات رئيس الوزراء العراقي السوداني، ولا تقبل كلام السوداني الذي قال لا يمكن نزع سلاح فصائل المقاومة إلا بخروج المحتل الأمريكي.

وزارة الخارجية الأمريكية ردت وقالت لا توجد علاقة بين وجود التحالف الدولي (أو الاحتلال الأمريكي) في العراق وما بين سلاح المقاومة. هي تأمر الحكومة العراقية أن تقيد هذه الفصائل وأن تنزع سلاح المقاومة. هذا أوصلنا إلى مرحلة كبيرة من التدخل في الشأن العراقي. المبعوث الأمريكي يتدخل في الشأن العراقي. وزارة الخارجية الأمريكية تستهدف قوى المقاومة وقوى سياسية وتضعها على قوائم الإرهاب. كل هذه الاستهدافات مغزاها واحد، وهو محاولة إرباك الساحة العراقية وإيجاد فوضى وانقسام في الساحة العراقية وكذلك إيجاد حالة من التوتر بين الحكومة العراقية وقوى المقاومة.
أيضاً هذا ما يراهن عليه الكيان الغاصب والاحتلال الأمريكي. الرد واضح من قبل فصائل المقاومة. أولاً نحن نفتخر كحركة النجباء وكتائب حزب الله بأن يكون اسم الحركة من بين الأسماء المتقدمة للفصائل المقاومة التي يخشاها الكيان الغاصب. هذا مبعث فخر لنا. وأقولها بصدق: منذ انتهاء عمليات طوفان الأقصى وفصائل المقاومة تعمل على تطوير هيكلها التنظيمي القتالي، وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية وتطوير تقنيات الطائرات المسيّرة، وهي تتحسن في أي لحظة للمشاركة في أي عملية عسكرية أو للرد على أي عملية عسكرية.
تسنيم: شكراً جزيلاً. في نفس هذا التقرير الإسرائيلي جاؤوا وادعوا أننا في الحرب التي دامت 12 يوماً مع إيران استهدفنا جزءاً من قدرات إيران التي كانت تدعم المقاومة العراقية. أردت أن أعرف تقييمكم لوضع جاهزية فصائل المقاومة وبالأخص من الناحية التسليحية، وتقييمكم إلى أي مدى هذه الفصائل هي منسقة مع بعضها البعض؟
فراس الياسر: هذا الكلام أعتقد أنه لا قيمة له ويُظهر عملية التناقض في السردية وفي كلام الكيان الغاصب. فمن جهة يحذر من هذه القدرات العسكرية التي يمكن أن تستهدف الأراضي المحتلة، وحذر على لسان نتنياهو، ومن جهة أخرى يقول لقد استهدفنا المواقع العسكرية والأسلحة العائدة لفصائل المقاومة، وهذا التناقض أصبح واضحا. لو كانت إسرائيل بالفعل تستطيع أن تستهدف سلاح المقاومة أو تضعف المقاومة العراقية لما قالت هذا الكلام. بالتالي هي لا تتردد، لا هي ولا الولايات المتحدة الأمريكية في إلحاق الأذى بفصائل المقاومة العراقية. برأيي الآن في الساحة العراقية وأجواء العراق بل أجواء المنطقة، هناك حالة من التوتر وهناك حالة من الترقب. ما زال غبار معركة طوفان الأقصى في السماء وما زال غبار المعركة مع الجمهورية الإسلامية (معركة الـ12 يوماً) ما زال في السماء.
فبالتالي أقول فصائل المقاومة الآن تعيد ترسيم وضعها العسكري واللوجستي، والتعاون مع الجمهورية الإسلامية متقدم جداً. وأكد أيضاً أن هناك استعدادات ما بين فصائل المقاومة العراقية وحركة النجباء، وما بين قوى محور المقاومة في حزب الله وفي اليمن مع الحوثيين، لإمكانية إجراء عمليات استهداف أو عمليات مشاركة في أي ساحة يمكن أن تتعرض لاستهداف. فبالتالي هذا يشير إلى أن هذه التصريحات لا تؤثر على عزيمة المقاومين. الساحة العراقية ساحة مقتدرة، مقومات الاقتدار موجودة، الدعم والزخم الشعبي موجود لفصائل المقاومة. هي يمكن أن تقوم بعمليات اغتيال لبعض قيادات فصائل المقاومة. يمكن لها أن تستهدف بعض معسكرات الحشد الشعبي أو بعض المعسكرات الموجودة التي يوجد فيها بعض العتاد، ولكن أقول فصائل المقاومة لا توجد لديها مؤسسات معينة ومحددة يمكن استهدافها. لا نعمل بهذه الطريقة بل فصائل المقاومة جزء من الجماهير العراقية الموجودة، والمنتشرة في جغرافيا العراق.
فاستهداف فصائل المقاومة مع التطور التكنولوجي الموجود كما حصل مع حزب الله، لا يؤثر على عمل فصائل المقاومة. فصائل المقاومة العراقية تعمل الآن في ملف أمني متقدم جداً، يشمل كيفية تحصين القيادات، وكيفية الاستفادة من التقنيات الحديثة في الاتصالات، وكيفية تحصين مقرات فصائل المقاومة الخاصة. فبالتالي لا يمكن اختراق هذه الفصائل أو إضعافها. ممكن أن تكون عمليات اغتيال، ممكن أن تكون عمليات استهداف، ولكن هذا لن يثني فصائل المقاومة عن الرد أو الاشتراك في عمليات مشتركة مع باقي فصائل المحور في المنطقة.
تسنيم: خلال العامين الأخيرين وبعد طوفان الأقصى كانت فصائل المقاومة العراقية جزءاً من الجبهة التي كانت تدعم غزة وحتى أنها فعّلت تهديداتها ضد إسرائيل في أوقات معينة وحولتها إلى أعمال فعلية. مثل إطلاق الصواريخ وإطلاق الطائرات المسيرة التي كانت تتجه صوب الأراضي المحتلة. ما تقييمكم؟ كم كانت هذه الإجراءات فعالة ومؤثرة في دعم غزة وما الخبرة التي اكتسبتها فصائل المقاومة العراقية في مواجهة إسرائيل خلال هذين العامين؟
فراس الياسر: أعتقد الموقف العراقي هو الموقف الأكثر رسوخاً في دعم القضية الفلسطينية، منذ بداية الاحتلال ووجود الكيان الغاصب في الأراضي المحتلة. الأكثر رسوخاً من كل الدول العربية والإسلامية. هذا بالطبع له عدة اعتبارات منها أولاً وجود النصوص الدينية التي تقول "بسم الله الرحمن الرحيم"، "لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا" هذه الآيات القرآنية جزء من هوية الفرد العراقي. أيضاً وجود مرجعية دينية، يعني امتداداً من السيد محسن الحكيم رضوان الله عليه إلى السيد أبي القاسم الخوئي إلى السيد السيستاني، هناك دعم مستمر في البيانات وفي المواقف من قبل المرجعية الدينية في النجف الأشرف للقضية الفلسطينية ولنصرة الفلسطينيين، حتى نجد البيانات الأخيرة التي صدرت من سماحة السيد السيستاني كانت تؤيد وتدعم كل من يدعم القضية الفلسطينية وينتصر لهذه القضية الفلسطينية. وأيضاً حتى في البعد الوطني فان العراق منذ عام 1948 شارك في الحرب ضد الكيان الغاصب والقوات العسكرية الإسرائيلية، وأيضاً في عام 1967 وفي 1973 كان العراق حاضراً، وحتى بعد ذلك، في الحقبة الملكية والجمهوريات التي جاءت وحكمت العراق، كان الخطاب مناهضاً للإمبريالية وللصهيونية.
فبالتالي الفرد العراقي والشخصية العراقية نشأت ووجدان القضية الفلسطينية هو جزء من وعي الشخصية والمجتمع العراقي. وفي الواقع فان الوجدان العراقي وبالتحديد الوجدان الشيعي لم يغادر القضية الفلسطينية ولا الشعب الفلسطيني. هذا جعل هناك أرضية لدعم القضية الفلسطينية وهناك تفاعل جماهيري مع العمليات التي قامت بها فصائل المقاومة، والعمليات النوعية تجاه الأراضي المحتلة في حيفا وايلات والجولان، بحيث كان هناك دعم شعبي لهذه العمليات. أيضاً موقف الحكومة العراقية وموقف الأحزاب السياسية في العراق خلال فترة طوفان الأقصى كان داعماً ورافضاً لعملية الإبادة الجماعية التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الغاصب، بل كان هناك جهد شعبي كبير في جمع التبرعات الغذائية وجمع التبرعات المالية لدعم القضية الفلسطينية وأيضاً تحرك جزء من وزارة الصحة العراقية لدعم أهالي غزة وتقديم الأدوية والمساعدات.
وأيضاً شارك العراق في تقديم مساعدات حتى على مستوى الغذاء من قبل الحكومة العراقية. كل هذه التفاعلات تمثل إرادة شعبية تدعم استقلال فلسطين وترفض الاحتلال الإسرائيلي. هذا مكّن فصائل المقاومة من أن تحشد وتُعبئ قدرات عسكرية وموارد بشرية كبيرة. قلت قبل قليل ان فصائل المقاومة لو أنها رغبت في فتح الانتماء والتطوع لهذه الفصائل لجاء آلاف الشباب للمشاركة مع فصائل المقاومة. هذا الموضوع لا يمكن إيجاده في ساحة غير الساحة العراقية. ربما يمكن أن يكون هذا في الجمهورية الإسلامية أيضاً، لأن هنالك جزء من ثقافة الفرد في الجمهورية الإسلامية هي تنتمي الى القضية الفلسطينية.
أيضاً مشاركة فصائل المقاومة العراقية، هذه المشاركة أعطت قدرة لاختبار قدرات وإمكانات فصائل المقاومة والمسافة الكبيرة ما بين العراق وفلسطين هي مسافة كبيرة جداً. وأيضاً استهداف هذه المدن الإسرائيلية يحتاج إلى قدرات عسكرية وصواريخ متطورة، طائرات مسيرة متطورة، أيضاً مسارات معينة لعمليات الاستهداف، فهذه المشاركة أعطت للمقاومة الإسلامية تجربة كبيرة فضلاً عن التجربة التي عاشتها في عام 2014 في قتال داعش. هاتان التجربتان أعطت للمقاومة الإسلامية منظوراً جديداً في التعاطي مع التحديات الحالية.
لو أتكلم معك عن الملف الأمني الآن لدى حركة النجباء بالتحديد، عمل أمني كبير جداً ربما يوازي عمل بعض الدول. واحدة من هذه هو حول التواجد الإسرائيلي للكيان الغاصب في شمال العراق. ما هي الأعداد الموجودة في شمال العراق؟ ما هي المؤسسات التي هي غطاء للوجود الإسرائيلي؟، مع من تلتقي هذه الشخصيات؟ كيف يدعم الموساد الشخصيات والتيارات والحركات المنحرفة والمعارضة للنظام السياسي؟، حول كل هذه الأمور تمتلك حركة المقاومة الإسلامية حركة النجباء قاعدة بيانات، وأيضاً فصائل المقاومة الإسلامية تمتلك معلومات من ناحية الرصد والمتابعة وتقدير الموقف.
فبالتالي هذا جزء من تطور قدرات المقاومة الإسلامية. وأعتقد حتى مع وجود هذا الضغط والتوتر، فان المقاومة الإسلامية العراقية في طور تهيئة أهداف غير مألوفة. سابقاً ربما كانت الأهداف معروفة في حال وجود صدام مع الولايات المتحدة أو معركة مع الكيان الغاصب. الآن المقاومة الإسلامية العراقية في طور تحديث أهداف غير مألوفة. ممكن أن تؤلم وتؤثر على الوجود الأمريكي في العراق وفي المنطقة وأيضاً تؤثر على وجود الكيان الغاصب في المنطقة.
بالتالي نحن أمام تحدٍ كبير. الساحة العراقية داعمة لكل جهد مقاوم شريف، ومن عوامل القوة أيضا في العراق أنّ البرلمان العراقي أصدر قانون تجريم التطبيع. حتى هذه فلسفة التطبيع والإبراهيمية الجديدة لا يمكن أن تمرّ في الساحة العراقية، بل هناك رفض شعبي؛ بمجرد أن قام بعض الأفراد في شمال العراق بندوات تدعو وتلمّح إلى التطبيع، كان هناك غضب شعبي عراقي كبير. أعتقد نحن أمام تحديات قادمة للعراق. التوازن الانتخابي أو الحفاظ على التوازن الانتخابي القادم في العراق ضروري جداً وربما تسعى الولايات المتحدة كما فعلت في عام 2018 أن تتلاعب بنتائج الانتخابات. هي لا يمكن أن تغيّر في الساحة العراقية بالقوة، لأن سوف يكون هناك تهديد لمصالحها. بالتالي هذه الخشية أيضاً موجودة عند الكيان الغاصب. هو يتحسّب في التعامل مع العراق لأنه يعلم المصالح الأمريكية موجودة في العراق.
فأي اعتداء من قبل الكيان الغاصب على العراق سوف يكون هناك رد ورد مباشر على المصالح الأمريكية في العراق. فبالتالي ممكن أن تذهب الولايات المتحدة الأمريكية إلى التلاعب في الانتخابات، الضغط على قوى المقاومة من الجانب الاقتصادي، وضع زعامات أو فصائل المقاومة على لائحة الإرهاب، هذا لا يغير من الواقع ولكن هي تعول على الانقسام السياسي، تعول على الضغط الاقتصادي، تعول على الهجوم الإعلامي الكبير في الساحة العراقية حالياً، يعني هجوم كبير من قبل مؤسسات مدعومة من دول الخليج (الفارسي)، ومدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، غايتها وهدفها هو تشويه صورة المقاومة الإسلامية. ولكن قلب الطاولة كما يقولون في العراق صعب جداً.

تسنيم: المسؤولون اليمنيون وبالتحديد السيد يحيى سريع تحدثوا عدة مرات وأعلنوا أن بعض العمليات التي قام بها اليمن دعمًا لأهالي غزة ضد إسرائيل، كانت بتعاون وتنسيق مع فصائل المقاومة العراقية. هل يمكن أن تشرح أكثر عن هذا التعاون والتنسيق الذي جرى مع اليمنيين؟، وبطبيعة الحال فإن الدولتان ليستا جارتين وبناء على هذا فإن العمل يصبح صعب؛ كيف تم هذا التنسيق في هذه الأحداث التي أشار إليها المسؤولون اليمنيون؟
فراس ياسر: طبعا بعض المعلومات لا يمكن تداولها باعتبارها معلومات سرية وتعرف هناك ترقّب لكل كلام يصدر من المقاومة الإسلامية العراقية. فبالتالي سابقاً قد اشتركت فصائل المقاومة بعمليات مشتركة بين القيادة المسلحة للإخوة الحوثيين وما بين فصائل المقاومة. بعض هذه العمليات أعلن عنها بالمشاركة ما بين الجهتين وبعض العمليات لم يعلن عنها؛ بالتالي التنسيق مستمر ولحد هذه اللحظة أيضاً كما ذكرت أنه في طور استعدادات لعمليات مشتركة قادمة بحسب المتغيرات التي تجري في الساحة أو في المنطقة بشكل عام. تعلم أن مشاركة اليمن في طوفان الأقصى كانت مشاركة مميزة. واستطاعت القوات اليمنية المسلحة أن تستهدف عمق الكيان الغاصب مما جعل الولايات المتحدة الأمريكية تشن حرب على اليمن في البحر. حتى هذه الحرب لم تنجح في كسر شوكة اليمنيين في استمرار استهداف الأراضي المحتلة.
أيضاً هذا التنسيق ما بين فصائل المقاومة هو تعاون عسكري وتعاون أمني وتعاون استخباري. وأيضاً تعاون تقني، التطور الحاصل لدى القوة المسلحة اليمنية في التقنيات الصاروخية وفي عمليات الاستهداف وفي الـ "جَيبيإس" وغيره من الأمور الخاصة بعمليات الاستهداف، هناك تطور كبير لدى هذه القوات. فبالتالي هناك تعاون وتنسيق ويمكن لفصائل المقاومة وبالتحديد حركة النجباء الاستفادة من هذه القدرات وهذا التطور في السلاح، السلاح الصاروخي، سلاح الطائرات المسيرة، اليوم التقنيات لم تعد حكرًا على فرد معين وهذا جزء مما أتاح الفرصة لفصائل المقاومة أن تثبت وجودها، أنها امتلكت تقنيات عسكرية وتقنيات استخبارية.
أيضاً التعاون يمكن أن يكون فيما يخص التعاون الاستخباراتي والمعلوماتي وأنا أؤكد توجد غرف عمليات مشتركة مع الإخوة اليمنيين وتوجد لقاءات مستمرة مع القيادات العسكرية والقيادات الأمنية. هذا يعطي رؤية استراتيجية قادمة للمحور في كيفية التعامل مع أي مستجد أو أي حدث يمكن أن يحصل. هذه الاستهدافات التي حصلت سابقاً كانت بتنسيق تام ما بين فصائل المقاومة العراقية وما بين القوات المسلحة اليمنية المقاومة. أعتقد أيضاً هذا التعاون أثمر عن أوراق ضغط باتجاه محاولة إبعاد أي تعاون يمكن أن يتحقق ما بين جبهات محور المقاومة. وهذا هو ما يعمل عليه الاحتلال الأمريكي للمنطقة، وأيضًا الكيان الغاصب، اي محاولة تفكيك الساحات أو الاستفراد بساحة دون أخرى. وهذا بالتالي هو منظور لدى فصائل المقاومة، أنه لا يمكن الآن أن نتعامل بعقلية وضع جبهة معينة يستفرد فيها على حساب جبهات أخرى.
هذا المنظور لا يمكن القبول به من قبل فصائل المقاومة العراقية. وهذا ما تعمل عليه الإدارة الأمريكية وهو: تفكيك الجبهات، إيجاد فجوات بين هذه الجبهات، إيجاد توترات داخل هذه الساحات من أجل إضعاف أي تعاون بين هذه القوى المقاومة. أقول وبكلام واضح ومباشر، التعاون مستمر لحد هذه اللحظة وتعاون مستقبلي كبير واستعدادات فصائل المقاومة العراقية مع القوات المسلحة اليمنية هو استعداد كبير جدًا، والآن في طور حتى تحديث بعض الأسلحة والتعاون في أي عملية قادمة.
تسنيم: حضور الأمريكيين في العراق دائمًا يُعتبر عاملًا مهمًا مهددًا لأمن المنطقة. بالأخص بعد استشهاد الحاج قاسم سليماني والشهيد أبو مهدي المهندس، فان الدعوة لإخراج الأمريكيين من العراق دائمًا كانت مطروحة. وبالإضافة لذلك فان الحديث يدور حول ان أجواء العراق والمجال العراقي الذي يقع بيد الأمريكيين، نفسه يساعد إسرائيل لكي تهاجم دولًا أخرى. هذا النقاش حول طرد الأمريكيين ما هو مستقبله برأيك؟ وبالأخص كما قلت فانه مطلب جاد ليس فقط داخل العراق بل انه يطرح من قبل دول أخرى منها إيران؟
فراس ياسر: هذا الأمر مطلب شعبي، مطلب شعبي جماهيري أنه لا يمكن لشعب من الشعوب أن يقبل بوجود قوة احتلال غير شرعية على أرضه. يعني بعد اغتيال الشهيدين الحاج قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس صدر قرار من البرلمان العراقي، القرار رقم 18 في عام 2020 ألزم الحكومة العراقية آنذاك بضرورة إنهاء التواجد الأمريكي في العراق. هذا القرار كان بأغلبية شيعية وقرار نافذ يعني ملزم للحكومة العراقية. آنذاك تلاعبت الولايات المتحدة الأمريكية بالساحة العراقية وجاءت تظاهرات تشرين وأصبحت هناك مشاكل في الانتخابات وتم تنحية السيد عادل عبد المهدي، وهو رئيس وزراء أراد أن يحرر العراق من القيود الأمريكية. أول رئيس وزراء كانت لديه الجرأة وذهب بمجرد أن وصل إلى منصب رئاسة الوزراء إلى الصين لإبرام اتفاقية مع الصين.
بناءً على هذه الخطوة قامت الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلال تدريب وتحريك بعض المجاميع بإثارة ما يعرف بتظاهرات تشرين. هذه الاحتجاجات بالمعلومات كانت مدعومة من قبل الاستخبارات والمخابرات الأمريكية ومن يقود هذه التظاهرات كانت شخصيات، قسم منها شخصيات عراقية ولكن تتعامل مع المخابرات الأمريكية كانت تدير ملف التظاهرات والشغب وتعرضت حتى القوات الأمنية إلى القتل. أعتقد أن هذا يسمى انقلابًا ناعمًا على النظام العراقي والحكومة العراقية. هذا أدى بنا إلى مجيء مصطفى الكاظمي؛ لم يكن هناك توافق واضح من قبل فصائل المقاومة العراقية مع عمل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، كان يذهب بالاتجاه الأمريكي بقوة ويتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية على حساب مصالح العراق.
هذه الأمور وهذه الأحداث التي جرت حالت دون تنفيذ قرار البرلمان، قرار 18 عام 2020 الذي يلزم أي حكومة بضرورة إجلاء هذه القوات. حاولت الولايات المتحدة الأمريكية أن تضغط على القوى السياسية، على الحكومة العراقية فجاءت ما يعرف بالاتفاقية الاستراتيجية أو اتفاقية الإطار الاستراتيجي. هي تغلف هذا التواجد بمسميات وعناوين من أجل إقناع الرأي العام العراقي بأن الوجود الأمريكي وجود مبرر. هذه اتفاقية الإطار الاستراتيجي ومع جولات من حكومة مصطفى الكاظمي إلى حكومة الأخ السوداني من المفترض أنه في نهاية عام 2026 أو بداية عام 2026 ينتهي الوجود الأمريكي.
باعتقادي كفصائل مقاومة نرى أن الولايات المتحدة الأمريكية وبحسب تصريحات وزارة الخارجية (الامريكية) والتي قالت نحن لا ننوي الخروج من العراق ولكن هناك انتقال في المهام. هذا التلاعب بالمفاهيم والمصطلحات يفهم من قبل حتى الشعب العراقي أن الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الراهن لا ترغب بالخروج من العراق، وهي تفهم أن موقع العراق موقع استراتيجي وموقع مهم لإدارة ملفات المنطقة. فنظرًا لذلك الحكومة العراقية الحالية والتي لم يبق لها شيء على انتهاء عمر الحكومة، هي ملزمة بقرار البرلمان وقرار المقاومة العراقية التي أكدت أن إيقاف العمليات ضد المحتل الأمريكي كانت لإعطاء مهلة للحكومة العراقية بإنهاء هذا التواجد.
هذا التواجد مستمر وفي مفردات المقاومة الإسلامية أن هذا التواجد تواجد غير شرعي، تواجد احتلال واستهدافه شرعي من قبل فصائل المقاومة. الوجود الأمريكي غير صديق للعراق. هذه المفاهيم موجودة في منظومة الثقافة الإسلامية للمقاومة العراقية. نحن نرفض هذا التواجد، لا يمكن التعامل معه. أيضًا خروق كبيرة، خروقات كبيرة للسيادة العراقية. أن يُعطى الضوء الأخضر لسلاح الجو الإسرائيلي أن يستهدف الجمهورية الإسلامية من سماء العراق وهذه مشكلة كبيرة. العراق اليوم لا يمتلك قدرات دفاعية ولا منظومات صد ومنظومات حديثة جوية بسبب الوجود الأمريكي.
لا يُسمح للعراق بالتعامل مع الجمهورية الإسلامية، مع روسيا فيما يخص تطوير السلاح، فيما يخص أي سلاح ممكن أن تستفيد منه لمقاومة الطائرات، لا يسمح للعراق بهذا. فبالتالي العراق في هذه الجزئية هو حبيس في سجن الإرادة الأمريكية. المقاومة الإسلامية مع مراعاة الظروف الحالية في العراق وفي المنطقة، لا يمكن أن تركن وتقبل ببقاء القوات الأمريكية ولا أستبعد في أي لحظة أن يعاد استهداف القواعد الأمريكية.
الآن مارست الولايات المتحدة عملية نقل قواتها المسلحة من بعض المعسكرات وبعض القواعد العسكرية المعروفة مثل عين الأسد وغيرها واتجهت ببعض المناطق حتى في داخل بغداد واتجهت باتجاه شمال العراق. هي تخشى من أي مواجهة قادمة تكون في المنطقة أو في الداخل العراقي، تخشى من عمليات الاستهداف. لذلك تحاول أن تبعد قواعدها العسكرية عن مرمى فصائل المقاومة.
إن المسافات لم تعد مؤثرة. المقاومة الإسلامية تمتلك من التقنيات ومن الصواريخ بعيدة المدى وهي في حال تطوير هذه القدرات. فالمقاومة استهدفت الكيان الغاصب فليس من الصعب ان تستهدف القواعد الأمريكية.
تسنيم: كسؤال أخير وبالإضافة إلى القضايا التي اشرت لها في حديثك، وخاصةً قضية "إسرائيل الكبرى"، التي نعلم أنها تدور في عقول وقلوب المسؤولين الإسرائيليين، نعلم أيضًا أنهم يسعون إلى توسيع نطاق دائرة "المعاهدة الإبراهيمية" أو معاهدة السلام مع الدول العربية. وكذلك ذكرت حضرتك مرة أخرى هذه القضية انهم يخططون لها. وأن الأمريكيون أيضًا يدعمون الإسرائيليون ويحاولون دفع العمل قدمًا بسرعة وإشراك جميع الدول العربية في هذه المعاهدة، بما في ذلك العراق. وكذلك تطرقت خلال حديثك الى معنويات الشعب العراقي، انهم يمتلكون مواقف ومعنويات معادية لإسرائيل، كشعب مسلم شيعي وسني معادين لإسرائيل، ووجود المرجعية الدينية العراقية ايضا تلعب دورًا حاسمًا في هذا السياق. كيف ترى مستقبل هذا النهج الإسرائيلي في دفع اتفاقية السلام مع الدول العربية؟ وخاصة فيما يتعلق بالعراق؟
فراس ياسر: أعتقد جزء من نتائج معركة طوفان الأقصى هو إضعاف صورة إسرائيل أو الكيان الغاصب. هذه الصورة التي كانت لدى المجتمع الغربي، يعني بالتالي هذه الصورة شوهت بعد عمليات طوفان الأقصى ونلاحظ أنّ هنالك تظاهرات بالآلاف في دول أوروبية. لم تكن هذه الدول تفهم وتدرك مدى مظلومية الشعب الفلسطيني ولكن بعد طوفان الأقصى هنالك تفاعل شعبي غربي كبير مع القضية الفلسطينية. وهذا يؤكد أن معركة طوفان الأقصى كانت تحمل نتائج مهمة، منها هو كسر شوكة القوى العسكرية التي لا تُغلب للكيان الغاصب؛ كان يدّعي أنه يمتلك سلاح جو متقدّم ويمتلك قدرات، ولكن معركة طوفان الأقصى شوهت هذه الصورة عن قدرات الكيان الغاصب التي كان يدّعيها في الإعلام.
وأيضاً من نتائج مشاركة وحدة الساحات انطلاق وحدة الساحات ومشاركة اليمن ولبنان والعراق في دعم أهالي غزة والدفاع وتقديم الشهداء؛ في العراق قدّمت حركة النجباء الشهيد أبو تقوى السعيدي، وكتائب حزب الله قدّمت أيضاً شخصية قيادية، وأيضاً حركة المقاومة الإسلامية حركة النجباء قد قدمت أيضاً من أفراد الحركة ومن المجاهدين، قدمت من الشهداء خلال معركة طوفان الأقصى.
فبالتالي هذه المشاركة أعادت صياغة المشهد، سابقاً كان التعرض لإسرائيل خط أحمر. الآن كُسرت قواعد الاشتباك. إسرائيل الآن أو الكيان الغاصب كل مسعاه حتى في فلسفة التطبيع هو إعادة ترسيم قواعد جديدة في المنطقة، نتنياهو ادعا بوجود شرق أوسط جديد. هذا الشرق الأوسط الجديد من المفترض أن ينفذ قبل طوفان الأقصى. بالتالي بداية وانطلاق معركة طوفان الأقصى أثّرت وأخّرت مشروع الشرق الأوسط الكبير وإعلان إسرائيل الكبرى.

يعني إعلان نتنياهو بهذه الكيفية أمام الأمم المتحدة وبمسمع ومرئ من الدول العربية، هذا استخفاف بالشعوب العربية. بالتالي الاستهداف الأخير لإسرائيل الذي استهدف قادة حماس في الدوحة، هذا الاستهداف يؤكد على أن إسرائيل أو الكيان الغاصب والولايات المتحدة الأمريكية لا تراعي سيادة هذه الدول. وهذا أيضاً أثر على مدى الثقة ما بين هذه الدول الخليجية التي كانت ترتمي في أحضان الولايات المتحدة، وما بين الآن والاهتزاز الذي حصل بالثقة في العلاقة ما بين الولايات المتحدة، يعني بمعنى معركة طوفان الأقصى أثّرت حتى على صورة الولايات المتحدة الأمريكية، وطبيعة علاقة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة بالتحديد ومع دول الخليج (الفارسي)، لأن وقوف الولايات المتحدة الأمريكية مع الكيان الغاصب في كل المجازر التي تقوم بها إسرائيل، هذا أثر على صورة الولايات المتحدة الأمريكية وهذا ما بات لا يخفى لا في الميدان والواقع ولا في الإعلام.
أعتقد الساحة العراقية، المجتمع العراقي، المرجعية الدينية، معركة طوفان الأقصى أعادت وأحيت هذه الروح الجهادية وهذا ما كنا بحاجة إليه مع وجود هذه الروح الدائمة في المجتمع العراقي، ولكن صدى المعركة وآثار المعركة وتقديم الشهداء والدماء أعطى زخماً كبيراً للمجتمع العراقي وللقوى المقاومة الموجودة.
الآن لا يمكن المراهنة على تمرير الصفقة الابراهيمية الجديدة في الساحة العراقية بالتحديد لوجود عدة عوائق، قانون تجريم التطبيع، وجود المرجعية، وجود فصائل المقاومة، وجود الإرادة الشعبية الرافضة للكيان الغاصب والعداء للصهيونية. أيضاً حتى في الساحات الأخرى الآن دول الخليج (الفارسي)، بدأت تخشى من ردود فعل قوى المقاومة ودول المقاومة وأيضاً تخشى من ردود فعل الشعوب العربية.
الشعوب العربية وإن كانت تعيش في بعض الأحيان حالة من السبات ولكنها تفهم ما يجري. هي تفهم كيف يمكن بعد أن تقدمنا خطوة إلى الأمام في معركة طوفان الأقصى، أن نتراجع إلى الخلف ونقبل بالتطبيع. التطبيع مع دول الخليج (الفارسي) أو مع من أعلنت التطبيع، يعتبر خطوة إلى الخلف وسوف يؤثر على مستقبل هذه الدول. ونعتقد في محور المقاومة وفي فصائل المقاومة أن هذه الدول هي محل استهداف مستقبلي من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل الكبرى. يعني لا يمكن أن تسلم.
جزءاً من فلسفة إسرائيل الكبرى أن تكون السعودية والعراق والأردن وسوريا جزءاً من هذا المفهوم. ما يجري الآن في سوريا هو مقدّمة واضحة من المفترض أن تستفيد منه الدول العربية والدول الخليجية، أنه ما يجري في سوريا بعد إسقاط نظام بشار الأسد هو إعادة تقسيم سوريا بما يتلاءم مع مستقبل إسرائيل الكبرى. فبالتالي الآن سوريا مقسّمة، الآن سوريا ممزقة، لا يمكن ولا نرى في المستقبل القريب ولا البعيد استقرار سوريا، بل ربما سوريا سوف تؤثر حتى على الدول المحيطة.
لذلك على هذه الدول العربية والدول الخليجية بالتحديد أن تستفيد. أعتقد بعض الدول الآن بدأت تتغير وجهة نظرها في التعامل مع الجمهورية الإسلامية وفي التعاطي مع محور المقاومة. وبرأيي ليس من مصلحة هذه الدول الخليجية وبعض الدول المحيطة بإسرائيل والمحيطة بالعراق، ليس من مصلحتها اضعاف قوى المقاومة واضعاف الجمهورية الإسلامية. لأن أي حالة ضعف لا سمح الله في محور المقاومة في العراق، في لبنان، في إيران، وفي اليمن سوف تؤثر على استقرار هذه الدول.
فبالتالي الآن من المفترض أن الوعي العربي اختلف ومن المفترض أن الوعي لدى حكومات الدول العربية والخليجية والعربية والإسلامية اختلف بعد طوفان الأقصى.
تسنيم: شكراً جزيلاً. أشكركم سيد فراس الياسر عضو المكتب السياسي لحركة النجباء على أن خصصتم هذا الوقت لنا.
فراس ياسر: شكراً لكم وشكراً على هذه الاستضافة ونتمنى لوكالة تسنيم كل التوفيق ونسأل الله أن نحقق تحرير فلسطين بجهود المجاهدين في اليمن وفي العراق وفي الجمهورية الإسلامية وفي لبنان إن شاء الله.
/انتهى/