الإمام الخامنئي: إيران لا تنتظر الأذن من أحد لتخصيب اليورانيوم


الإمام الخامنئی: إیران لا تنتظر الأذن من أحد لتخصیب الیورانیوم

أكد قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، أن إيران لا تنتظر الأذن من أحد لتخصيب اليورانيوم.

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بانعقاد مراسم إحياء الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الشهيد آية الله السيد إبراهيم رئيسي، الرئيس الراحل، و"شهداء الخدمة"، بحضور سماحة قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، في حسينية الإمام الخميني (رض).

وقد حضر هذه المراسم عدد من المسؤولين وأُسر شهداء الخدمة.

وفيما يلي أبرز محاور كلمة سماحته خلال المراسم:

الشهيد رئيسي لم يكن يعتبر نفسه أفضل من الناس، بل كان يرى نفسه واحدًا من الشعب، مثل الناس، بل حتى دونهم.

كان الشهيد رئيسي يتمتع بقلب خاشع وذاكر، ولسان صادق وصريح، وعمل دؤوب لا يعرف الكلل أو التوقف.

في أول مقابلة له بعد تسلمه منصب رئاسة الجمهورية، سأله الصحفي: "هل ستتفاوض مع أمريكا؟"، فأجاب صراحة: "لا"، قال: "كلا"، دون أي غموض؛ ولم يفعل. لم يسمح للعدو بأن يدّعي أنه استطاع من خلال التهديد أو الإغراء أو الخداع أن يجرّ إيران إلى طاولة المفاوضات؛ لم يسمح بذلك.

إصرار بعض الأطراف على التفاوض المباشر يرجع إلى هذا السبب؛ جزء كبير من ذلك يعود إلى أن الشهيد رئيسي لم يسمح به. بالطبع كانت هناك مفاوضات غير مباشرة، في عهده أيضًا، كما هو الحال الآن، لكنها لم تؤتِ ثمارها. واليوم أيضًا لا نعتقد أنها ستُسفر عن نتيجة. لا نعلم ما الذي سيحدث.

وبما أن الحديث جرى عن المفاوضات، أود أن أوجه تنبيهًا للطرف المقابل. على الجانب الأمريكي، الذي يشارك في هذه المفاوضات غير المباشرة ويتحدث فيها، أن يتجنب التصريحات الفارغة والعبثية.

أن يقولوا "لن نسمح لإيران بالتخصيب"، فهذا تطاول مرفوض. لا أحد ينتظر إذن هذا الطرف أو ذاك. الجمهورية الإسلامية لها سياساتها الخاصة، ولها طريقتها، وهي ماضية في تنفيذ سياساتها.

وبالطبع، سأوضح للشعب الإيراني في مناسبة أخرى السبب وراء تركيزهم على موضوع التخصيب، ولماذا يُصرّ الغربيون، والأمريكيون خصوصًا، إلى هذا الحد على منع التخصيب في إيران. سأتطرق إلى هذه الأمور إن شاء الله في مناسبة لاحقة، ليعلم الشعب الإيراني ما هي نوايا الطرف المقابل.

في سلوك الشهيد رئيسي وكثير من زملائه الشباب، كان المرء يلمس نفس الروحية والنورانية التي كان يراها في رفاق الشهيد رجائي، مثل كلانتري، وعباس‌ بور، وقندي، ونيلي، وأمثالهم.

نفس النورانية، نفس الروح، نفس الدافع، ونفس الإحساس بالمسؤولية بعد مرور 40 عامًا؛ وهذا أمر ثمين جدًا. هذه هي قوة الثورة. هذا يدل على أن هذه الثورة ثورة قوية.

هذا هو فتح الفتوح للإمام الراحل. الإمام اعتبر أن الفتح الفتوح هو تربية وإعداد رجال مخلصين وفاعلين من خلال الثورة، وهذا ما تحقّق فعلًا.

الشهيد رئيسي، في عام انتصار الثورة (1979)، كان شابًا في الثامنة عشرة من عمره، الشهيد آل هاشم كان مراهقًا في السادسة عشرة، الشهيد أميرعبداللهيان كان فتىً في الرابعة عشرة، أما الشهيد مالك رحمتي فلم يكن قد وُلد بعد في بداية الثورة.

هؤلاء كلهم أبناء الثورة، وتربوا في ظلها:

الشهيد رئيسي من مشهد،

آل هاشم من تبريز،

رحمتي من مراغه،

أميرعبداللهيان من دامغان،

موسوي من فريدون‌ شهر في أصفهان،

مصطفوي من كنبد قابوس،

دريانوش من نجف‌ آباد،

قديمي من أبهر.

لقد برز هؤلاء الشباب من مختلف أرجاء البلاد ونموا وتقدموا.

لقد استطاعت الثورة أن تربي مئات الآلاف من أمثال هؤلاء الشباب، وقد فعلت ذلك بالفعل، وقدّمت من بينهم شخصيات وطنية مرموقة، وشخصيات ذات مكانة دولية بارزة إلى الشعب الإيراني. هذا هو إنجاز الثورة، وهذه هي قوة الثورة.

ميزة الثورة أنها تستطيع أن تضع في صف واحد وتعبّئ في مسار واحد، شهيدًا مثل آية الله أشرفي البالغ من العمر 80 أو 90 عامًا، وشهيدًا شابًا مثل آرمان علي‌ وردي ابن 18 أو 19 عامًا. هذا الشيخ المسن وذلك الشاب، رغم الفارق الزمني بينهما، يسيران في طريق واحد.

أمثال هذا الشاب استشهدوا في ذات الدرب الذي سقط فيه شهداء كبار أمثال أشرفي وصدوقي، أولئك الشيوخ الذين استُشهدوا في بدايات الثورة.

هذه الثورة، التي تمتلك هذه القدرة على تعبئة مثل هذه الطاقات على مدى سنوات طويلة، هي ثورة لا يمكن هزيمتها.

النص الكامل لكلمة قائد الثورة الإسلامية جاء على النحو التالي:

اعتبر سماحة قائد الثورة الإسلامية، صباح اليوم الثلاثاء، خلال لقاء عائلات «الشهيد رئيسي» وسائر «شهداء الخدمة»، بالإضافة إلى عائلات المسؤولين الشهداء خلال العقود الماضية، أن الهدف الأساسي من تكريم الشهداء والثناء عليهم هو التدبر والاعتبار. وفي معرض شرحه لخصال الشهيد رئيسي القلبية واللسانية والعملية، قال: "إنّ رئيسي العزيز كان تجسيدًا كاملاً لصفات المسؤول في نظام الحكم الإلهي، وقد خدم الشعب وكرامة الأمة ومكانتها بجهد لا يعرف الكلل، وهذا النهج يُعد درسًا عظيمًا لنا نحن المسؤولين، وللشباب، وللأجيال القادمة."

كما وجّه سماحة آية الله الخامنئي تحذيرًا للطرف الأمريكي في المفاوضات غير المباشرة، داعيًا إياه إلى الكفّ عن الكلام الفارغ، وأكد قائلاً: "ما يقوله الأمريكيون بشأن أنهم لن يسمحوا لإيران بالتخصيب النووي، هو محض هراء، فالجمهورية الإسلامية ستمضي قدمًا في سياساتها ونهجها في هذا المجال."

وفي هذا اللقاء، الذي حضره عدد من المسؤولين، أشاد قائد الثورة بشهداء حادثة مايو، بمن فيهم آية الله آل‌ هاشم، الوزير الشهيد أمير عبداللهيان، شهداء طاقم الطائرة، محافظ أذربيجان الشرقية وقائد الحماية، والذين ارتقوا إلى الرفيق الأعلى مع الشهيد رئيسي، وقال: "الابتعاد عن الحكم الفرعوني والسير في درب الحكم الإلهي يُعد معيارًا مهمًا في إدارة شؤون البلاد، وكان الشهيد رئيسي المثال الأتمّ على ذلك."

واستنادًا إلى آيات من القرآن الكريم، أشار سماحته إلى أنّ "الاستعلاء، واحتقار الناس، وإلقاء عبء المسؤولية على كاهلهم، هي من خصائص الحكم الفرعوني"، وأكد أنّ رئيسي كان نقيضًا لهذه الصفات، حيث كان يعتبر نفسه من عامة الناس، بل أحيانًا دونهم، وكان يدير البلاد بهذه النظرة المتواضعة.

وعدّ سماحة القائد أنّ من أبرز الدروس التي يمكن استخلاصها من سيرة الشهيد رئيسي، هو تسخير جميع الإمكانيات لخدمة عباد الله، وتجنب استغلال المنصب السياسي أو الاجتماعي لتحقيق مآرب شخصية. وأضاف: "في النظام الإسلامي هناك كثيرون يتمتعون بهذه الخصائص، ولكن ينبغي أن تتحول هذه الصفات إلى ثقافة عامة."

وأشار آية الله الخامنئي إلى أنّ "القلب واللسان والعمل" هي العناصر الثلاثة الرئيسة في معرفة شخصية الإنسان، وقال: "رئيسي كان يملك قلبًا خاشعًا ذاكراً، ولسانًا صريحًا صادقًا، وعملًا دؤوبًا لا يعرف الكلل."

واعتبر سماحته أنّ الخشوع، والدعاء، والتوسل، والأنس بالله، كانت من سمات رئيسي في كل مراحل مسؤوليته وحتى خارجها، وأضاف: "قلبه كان مفعمًا بالمحبة للناس، وكان دائم القلق بشأن أداء واجباته الثقيلة، دون أن يتذمر من توقعات الناس أو يسيء الظن بهم، فكان قلبه موصولًا بالله والناس، وواعياً لواجباته الإسلامية."

وأكد قائد الثورة أنّ "العمل بالتكليف الإلهي" كان الدافع الوحيد لرئيسي في قبوله مسؤولية السلطة القضائية، وخوضه غمار الانتخابات الرئاسية، وقال: "كثيرون يدّعون أنهم يتحركون بدافع أداء التكليف، ولكننا رأينا هذه الخصلة متجسدة فيه فعلًا."

كما وصف لسان الشهيد رئيسي، سواء داخل البلاد أو في الساحة الدبلوماسية، بالصراحة والصدق، وأضاف: "رئيسي كان يتخذ مواقفه بوضوح، ولم يسمح للعدو أن يزعم أنه استطاع جلب إيران إلى طاولة المفاوضات بالتهديد أو الإغراء أو الخداع."

وصرّح سماحته أن الهدف الحقيقي للطرف المقابل من الإصرار على إجراء مفاوضات مباشرة مع إيران هو إيحاء حالة من الاستسلام من جانب إيران، مضيفًا: "الشهيد رئيسي لم يسمح لهم بذلك. بالطبع كانت تُجرى مفاوضات غير مباشرة في عهده، كما هو الحال اليوم، لكنها لم تؤدِّ إلى نتيجة، ولا نعتقد أنها ستؤدي إلى نتيجة حالياً أيضاً، ولا نعلم ما سيؤول إليه الأمر."

كما وجّه سماحته تحذيرًا للطرف الأمريكي في المفاوضات غير المباشرة من إطلاق التصريحات العبثية، قائلاً: "ما يردده الأمريكيون من أنهم لن يسمحوا لإيران بالتخصيب النووي، كلام باطل ومغلوط تمامًا. فلا أحد في إيران ينتظر إذن هذا الطرف أو ذاك، والجمهورية الإسلامية ستواصل مسارها وسياساتها في هذا المجال كما كانت."

وأشار سماحة القائد إلى إلحاح الأمريكيين وبعض الدول الغربية على وقف أنشطة التخصيب في إيران، وأضاف: "سأتحدث إلى الشعب في مناسبة أخرى حول النوايا الحقيقية لهؤلاء من وراء هذا الإصرار."

وتطرق آية الله الخامنئي إلى صدق وصراحة الشهيد رئيسي، وقال: "لفهم قيمة هذا السلوك، علينا مقارنته بخداع المسؤولين في بعض الدول الغربية، الذين يرفعون شعار السلام وحقوق الإنسان حتى أزعجوا العالم، لكنهم يُغمضون أعينهم عن استشهاد أكثر من 20 ألف طفل مظلوم في غزة، بل ويدعمون المجرمين."

وفي جانب آخر من حديثه، اعتبر سماحته مثابرة الشهيد رئيسي وعمله الدؤوب من أبرز خصاله، وقال: "رئيسي كان منصرفًا تمامًا إلى العمل والخدمة، لا يعرف التعب، ولا يفرّق بين الليل والنهار في أداء مهامه، وكنا نوصيه مرارًا بالحفاظ على صحته وتخفيف عبء العمل، فكان يرد: «أنا لا أتعب من العمل»."

وسلّط قائد الثورة الضوء على إنجازات رئيسي الملموسة، مثل مشاريع إيصال المياه، وبناء الطرق، وخلق فرص العمل، وتشغيل الورشات المعطلة، واستكمال المشاريع المتوقفة، واصفًا إياها بخدمات مباشرة يشعر بها المواطنون، وأضاف: "رئيسي خدم أيضًا كرامة الشعب الإيراني ورفع من شأنها واعتبارها."

وأشار سماحته إلى تقارير المراكز المالية الدولية التي أظهرت ارتفاع النمو الاقتصادي في إيران من قرابة الصفر في بداية حكومة رئيسي إلى نحو 5% في نهايتها، معتبراً ذلك مدعاة للفخر الوطني ودليلًا على تقدم البلاد، وقال: "رفع رئيسي القرآن الكريم أو صورة الشهيد سليماني في الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت من الخطوات التي عززت مكانة الشعب الإيراني."

وفي ختام كلمته، اعتبر سماحة القائد أن الشهيد رئيسي ورفاقه يجسّدون نورانية وروح المسؤولية التي ميزت أوائل مسؤولي الثورة، مثل زملاء الشهيد رجائي الشباب آنذاك، قائلاً: "إن بروز هذه الروح مجددًا في سلوك رئيسي ورفاقه الشباب هو من أعظم مؤشرات قوة الثورة، وهذا التكوين المستمر للرجال المضحّين والكفؤين هو الفتح الفتوح الذي أنجزه الإمام الخميني الراحل."

وأكد سماحته أن بعض شهداء حادثة الطائرة في مايو لم يكونوا قد وُلدوا بعد عند انتصار الثورة، أو كانوا صغارًا جدًا، وأضاف: "إن تربية هذه النخبة من الشباب، ومئات الآلاف غيرهم في شتى أنحاء البلاد، هو من مفاخر الثورة الإسلامية، التي أوجدت شابًا مثل آرمان علي وردي صاحب الـ19 عامًا على نفس درب آية الله أشرفي أصفهاني الذي استشهد في عمر التسعين."

وشدّد قائد الثورة في ختام حديثه على أن ثورةً تتمتع بهذه القدرة التعبوية المتواصلة لا يمكن هزيمتها، وقال: "علينا أن ندرك قيمة هذه الثورة، وقدرتها على بناء الإنسان، وما أنجزته من تقدم، وحركة الشعب الإيراني العظيمة، وأن نطلب من الله العون لمواصلة هذا المسار كي تصبح هذه التجربة درسًا خالدًا لا للشعب الإيراني فقط، بل للبشرية جمعاء."

/انتهى/
 
 
 
 
 
 
الأكثر قراءة الأخبار ايران
أهم الأخبار ايران
عناوين مختارة