مباحثات هاتفية بين أمير قطر و روحاني .. الدوحة تبحث عن حلفاء أقوياء في المنطقة

مباحثات هاتفیة بین أمیر قطر و روحانی .. الدوحة تبحث عن حلفاء أقویاء فی المنطقة

أجرى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمس مباحثات هاتفية مع الرئيس الايراني حسن روحاني، وتأتي هذه المباحثات بين قادة البلدين في الوقت الذي تصاعدت فيه حدة التوتر في العلاقات بين الدوحة والرياض على خلفية انتشار تصريحات منسوبة لأمير قطر في وكالة "قنا".

ونشبت الخلافات بين قطر والسعودية منذ ان بدأت قناتي العربية السعودية وسكاي نيوز الاماراتية بالحديث عن تصريحات منسوبة لأمير قطر خلال حفل تخريج الدفعة الثامنة من مجندي الخدمة الوطنية في ميدان معسكر الشمال، حيث احتج فيها امير قطر على اشعال الخلافات الاقليمية ودان وضع حزب الله وحركة حماس في قائمة الارهاب واعتبرهما حركتي مقاومة واتهم السعودية والامارات والبحرين بالتحريض ضد قطر ودعم الارهاب، كما دافع عن ايران وانتقد سياسات الدول الاقليمية ومنها السعودية في التعاطي مع ايران ومحاولة نشر "الايرانوفوبيا".

كما قال إن الخطر الحقيقي هو سلوك بعض الحكومات التي سببت الإرهاب بتبنيها لنسخة متطرفة من الإسلام لا تمثل حقيقته السمحة، ولم تستطع مواجهته سوى باصدار تصنيفات تجرم كل نشاط عادل، كما ذهب امير قطر بعيدا في تصريحاته حيث انتقد انفاق مليارات الدولارات لشراء الاسلحة بدلا من انفاقها على المشاريع الاقتصادية.

وسارعت العربية وسكاي نيوز الى نشر تصريحات امير قطر وبدأت بتحليل سياسات قطر الاقليمية واستضافت عددا كبيرا من المحللين المصريين والسعوديين واتهمت هذا البلد بالارهاب وايواء المجموعات الارهابية لاسيما حركة الاخوان المسلمين.

وفي المقلب الآخر وبالتوازي مع الهجوم من قبل السعودية والامارات اعلاميا، واصلت قناة الجزيرة التي تعتبر الذراع الاعلامي لهذا البلد ببث برامجها بشكل اعتيادي الى ان صرح مسؤول قطري بعد عدة ساعات تصريحا مقتضبا منوها الى ان وكالة قطر تم اختراقها من قبل جهات مجهولة و التصريحات المنسوبة الى امير قطر مزيفة .

من جهة اخرى أضفى خبر قناة العربية حول ان وزير الخارجية القطري طلب من سفراء مصر والبحرين والسعودية مغادرة قطر خلال 24 ساعة، مزيدا من التعقيد على الاوضاع، لكنه تم نفيه بعد لحظات من قبل الخارجية القطرية.

وقامت السعودية والامارات والبحرين في قرار عاجل حجب مواقع قناة الجزيرة وجميع الصحف القطرية على شبكة الانترنت، وهذه الخطوة اثبتت ان نفي تصريحات امير قطر من قبل قطر والتأكيد على اختراق موقع الوكالة الرسمية لقطر لم يكن مقنعا لتلك الدول ولم يتمكن من التقليل من حدة الازمة وانهاء الهجمات الحادة على هذا البلد.

وتحظى المباحثات الهاتفية بين امير قطر والرئيس الايراني في ظل هذه الاوضاع التي تصاعدت فيها الازمة بين قطر والدول العربية، بأهمية وتحمل معان خاصة ورسائل سياسية مميزة ايضا.

والنقطة الرئيسية التي يمكن الاشارة اليها في هذه المباحثات هي ان امير قطر قال انه سيوعز الى الاجهزة المسؤولة في قطر لبذل مزيد من الجهود بغية تعزيز العلاقات بين طهران والدوحة، وهذا مؤشر على ارادة قطر الجادة في تعزيز العلاقات مع طهران كقوة اقليمية في ظل الاوضاع الراهنة.

ويمكن الاشارة الى اسباب كثيرة حول عزم قطر على توثيق العلاقات مع ايران في ظل الظروف الراهنة ومن ابرزها ان القطريين ادركوا ان السعوديين يحاولون السيطرة على جميع الدول الصغيرة المجاورة لها وعدم قيامها بأي خطوة خارج اطر السعودية وضرورة ان يكون دورها محدود بالدور الذي تشرف عليه الرياض حصرا.

وفي النتيجة سيتم الغاء الدول الصغيرة كقطر من مشهد العلاقات الدولية وهذا ليس لائقا بقطر، لذلك تحاول قطر من خلال الاوراق التي بيدها ان تستعرض نفسها أمام الرياض في الساحة الدولية والعلاقات الدولية، حيث يمكن اعتبار خطوة قطر الاخيرة حيال الرياض نموذجا للخطوات العملية والاستقلالية لهذا البلد الذي يعتزم الخروج من الهيمنة السعودية عليه والوقوف امام سياسات الرياض التوسعية وبعبارة اخرى ان القطريين كبعض دول مجلس تعاون الخليج الفارسي لاترغب بالخضوع لهيمنة ووصاية آل سعود.

وتبحث قطر، بالنظر الى انها ترى نفسها وحيدة في وجه هجمات باقي الدول، عن حلفاء اقوياء في المنطقة، لذلك تسعى للتقرب من حلفاء اقوياء كإيران من أجل مزيد من التعاون والتفاهم الاقليمي.

 بالتأكيد لاينبغي اعتبار هذا الموقف منعزلا عن الترحيب البارد للمسؤولين السعوديين لامير قطر في قمة الرياض، وحسب مصادر اعلامية ان الامير تميم استقبل استقبالا باردا في الرياض والتقى فقط مع فهد بن محمود نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عمان والوفد العماني والامير محمد بن نايف ولي العهد السعودي، كما ذكرت بعض المصادر الاعلامية من داخل قمة الرياض ان محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي توجه خلال قمة الرياض، للرئيس عبد الفتاح السيسي ومصافحته بحرارة، وقام بتقبيله بودٍ شديد وتجاهل في نفس الوقت أمير قطر وذلك خلال التقاط الصورة التذكارية التي جمعت بين الرئيس السيسي والملك سلمان ودونالد ترامب ومجموعة من رؤساء الدول العربية والإسلامية.

ومن جهة اخرى ان احدى الملفات التي يمكن لايران وقطر التعاون فيها في المنطقة هي محاربة الارهاب الذي ينتشر في المنطقة، وكما اكد الرئيس الايراني ان الحل الوحيد لمحاربة الارهاب هو التعاون المشترك، حيث يمكن للبلدين ان يكون لديهما مزيد من التعاون في المجال السياسي وابرز ملف فيه الازمة السورية وفي المجال الاقتصادي ايضا.

ويمكن لطهران والدوحة رغم الاختلاف حول الملف السوري، التوصل الى حل سياسي لانهاء هذه الازمة عبر تنسيق المواقف حيال الازمة السورية، وهذا الامر يستلزم مزيد من المباحثات المستمرة بين الجانبين للوصول الى رؤية ونقطة ارتكاز مشتركة.

ويبدو هذا البلد، رغم الهجمة الاعلامية السعودية الكبيرة على قطر، انه يسعى للحفاظ على الهدوء والروية في تنفيذ برامجه وعدم تصاعد حدة التوتر القائم اكثر من ماهي عليه الان، حيث يمكن لمس هذه الخطوات على المستويين السياسي والاعلامي  القطري.

وعلى أي حال، ان تقارب قطر وايران رسالة واضحة من المسؤولين القطريين للرياض، هذه الرسالة التي تتضمن ان قطر مستعدة في ظل الظروف الراهنة ان تتقرب من طهران المعارضة لسياسات الرياض في المنطقة، ويمكن لسياسة قطر هذه ان تكون بداية للتعامل والتعاون المشترك بين البلدين لتسوية القضايا الاقليمية، وايران مستعدة كما اعلنت سابقا للتعاون مع دول الخليج الفارسي بغية تسوية الازمات الاقليمية وتوفير الاستقرار والسلام في المنطقة.

بقلم "حسن رستمي" كاتب و صحفي

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة